الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

زواج الموريتانيات المبكر يعوق التنمية الاجتماعية والاقتصادية

زواج الموريتانيات المبكر يعوق التنمية الاجتماعية والاقتصادية
25 يوليو 2009 00:39
تُقبل القاصرات في موريتانيا على الزواج لمساعدة عوائلهن ماديا أو هروبا من الضغط العائلي اعتقادا منهن أن الزواج يحمل لهن «الخلاص» من قيود العائلة ويحقق لهن الاستقلالية واثبات الذات، كما ان بعضهن يقبلن على الزواج المبكر فقط من أجل الانقطاع عن الدراسة لاختصار الطريق طالما أن بيت الزوجية هو الهدف الرئيسي لكل فتاة. وتنتشر ظاهرة الزواج المبكر في موريتانيا بشكل كبير ولا تقتصر على شريحة اجتماعية أو منطقة معينة، بل إنها سائدة في المدن وفي الأرياف والبوادي، ويعود السبب في ذلك إلى طغيان القيم والعادات التي تنظر إلى الزواج المبكر باعتباره صيانة من الانحراف واستكمالا للواجب الديني. وتحاول المنظمات النسائية الحد من انتشار هذه الظاهرة التي تؤثر سلبا على حياة الأفراد بشكل خاص وعلى المجتمع وتنميته بشكل عام، وتركز هذه المنظمات في عملها على تأثير الزواج المبكر على الصحة الجسدية والنفسية للفتاة، وتؤكد ان عددا كبيرا من المراهقات ينقلن الى المستشفى بعد ليلة الدخلة من أجل علاجهن من صدمة نفسية وجسدية وتأثير ممارسة الجنس على أجسادهن في هذه السن المبكرة، وتشير الى ان الزواج المبكر يعرض الفتيات الصغيرات لمخاطر صحية كثيرة منها الاضطراب النفسي والحمل والإنجاب المبكرين. سلبيات الزواج المبكر تقول عائشة بنت الخراشي، اختصاصية في النساء والتوليد، إن الزواج المبكر سبب رئيسي في ارتفاع وفيات الأمهات والأطفال في موريتانيا حيث قاربت وفيات الأمهات 700 وفاة لكل 100.000 ولادة حية، وأضافت أن الارتباط المبكر يعرض الفتيات الصغيرات لمخاطر صحية كثيرة في مراحل الزواج والحمل والإنجاب كما يضاعف من المشاكل الصحية في مرحلة الشيخوخة. وأوضحت أن دراسات الصحة الإنجابية تؤكد أن الحمل والإنجاب المبكرين في عمر أقل من 20 سنة يعرضان الأم ومواليدها لمخاطر صحية كبيرة حيث تنجب المراهقات مواليد بأوزان أقل من الطبيعي بسبب عدم اكتمال نموهن ونضجهن الجسماني الذي يؤهلهن للإنجاب بالشكل الطبيعي، وأضافت أن الدراسات التي أجريت أكدت أن هناك ارتباطا بين الارتفاع الحاد في نسبة الوفيات بين الأطفال حديثي الولادة وصغر سن الأمهات مما يبرهن على أن الزواج المبكر يضاعف المخاطر أثناء الحمل وقبله ويرفع من نسب وفيات الأمهات. وأوضحت الأخصائية أن سلبيات الزواج المبكر لا تنحصر عند هذا الحد بل انه يؤثر على التوازن النفسي للفتاة التي ليست مؤهلة لممارسة حياة زوجية كاملة كما ان الحمل والإجهاض المتكررين يسببان الكثير من الأمراض مثل فقر الدم وآلام المفاصل وهشاشة العظام والشيخوخة المبكرة. وأكدت أن «الارتباط المبكر يحرم الفتاة من الرعاية والاهتمام والحنان الأسري ويقضي على مستقبلها الدراسي والعملي، ويحملها أعباء تفوق طاقتها ويفرض عليها مسؤولية اجتماعية واقتصادية ونفسية كبيرة، كما أنه يؤثر سلبا على النشء الجديد وعلى تنمية المجتمع، ويكفي أن نعرف أن الزواج المبكر رفع نسبة الهدر المدرسي في صفوف البنات إلى 57% وفقا لإحصائيات رسمية». الصغيرات المتزوجات لمواجهة هذا الواقع دعت الأخصائية إلى تنظيم حملات توعوية دائمة للأسرة والمجتمع تركز على سلبيات الزواج المبكر وعلى أهمية التعليم والعمل في حياة المرأة، ووضع قانون يحدد السن القانوني لزواج الفتيات في موريتانيا. وكشف تقرير نشرته مؤسسة «وورلد فيزيون» وهي أكبر منظمة غير حكومية بالعالم أن 15% من الفتيات الصغيرات بموريتانيا دون سن الـ 15 عاماً متزوجات، وكشف التقرير أن أسباب الزواج المبكر تعود إلى رغبة الفتيات وأغلبهن متسربات من المدارس، في مساعدة عائلاتهن مادياً، أو إلى تعرضهن للاغتصاب والحمل. ومقابل ارتفاع زواج الفتيات دون سن 18 ينخفض زواج اليافعين الذي كان يعرف ارتفاع كبيرا في المجتمع الموريتاني قبل سنوات نتيجة الظروف الاقتصادية والاجتماعية التي تفرض على معيل الأسرة الحصول على عمل قبل الارتباط. إلا أن الباحث الاجتماعي محمد ولد الشيخ يفسر ذلك بأن بعض الأسر تعتبر زواج بناتها في سن صغيرة صفقة مربحة عليها استغلالها بطلب مهر مرتفع واختيار زوج ثري. وقال: «كلما قل عمر الفتاة زادت قيمة المهر، فحين يتقدم ميسور لأسرة فقيرة أو متوسطة طالبا يد ابنتها التي لم تتجاوز 18 سنة يغريها بمهر كبير وعروض مادية مهمة في فترة الخطوبة والزواج كما يلتزم بتحسين مستوى معيشة أفراد العائلة ونقلهم من طبقة الفقراء إلى الميسورين... ولا شك أن أغلب الأسر التي تعاني من الفقر والبطالة ستتأثر بهذا العرض وتجد المبررات الكافية لتشريع طموحاتها وأحلامها على حساب مستقبل المراهقة». وأضاف أن «هناك عوامل مساعدة على انتشار الزواج المبكر داخل المجتمع الموريتاني منها ارتفاع نسبة زواج الأقارب حيث تتفق الأسر على تزويج أبناء العمومة في سن مبكرة تجنبا لمعارضتهم حين يكبرون، كما أن الخوف من العنوسة وارتفاع نسبة الطلاق في المجتمع يدفعان الأسر الى تزويج بناتها في سن مبكرة، إضافة الى التشبث بالعادات والتقاليد التي تمجد الزواج المبكر وتشجع الرجل على الارتباط بفتاة صغيرة يشكلها كما يشاء ويفرض رأيه عليها، بينما تفرض هذه العادات على الأسر تزويج بناتها في سن مبكرة لمنعها من ارتكاب المعاصي خلال مرحلة المراهقة». غياب القانون أكد الباحث ولد الشيخ أن زواج القاصر لا يزال يسجل أرقاما مرتفعة جدا في موريتانيا في ظل غياب قانون يمنع زواج الصغيرات وقال إذا كان التعريف المتعارف عليه للزواج المبكر بالنسبة للفتاة هو الذي يتم عندما يكون عمرها يتراوح بين 15 و18 سنة، فان بعض الأسر الموريتانية في الأرياف والبوادي تزوج بناتها في سنة الثامنة والتاسعة بينما غالبية الأسر التي تقبل الزواج المبكر تزوج بناتها في المرحلة ما بين 13 و18 سنة. ودعا الباحث إلى تحديد حد أدنى لسن زواج القاصر وادخال تعديل قانوني على مدونة الأحوال الشخصية يحد من زيجات القاصرات ويجرم زوج القاصر قبل السن القانوني دون اللجوء إلى طلب إذن المحكمة، ويضع معايير محددة لمنح الإذن بزواج القاصر ومراعاة تقارب السن بين الزوجين في العمر والثقافة ومنع استغلال الأسرة للفتاة. وطالب بإطلاق حملات توعوية مستمرة من أجل تغيير المفاهيم والعادات لتحريم الزواج المبكر، والتركيز خلال هذه الحملات على مخاطر هذا الزواج وانعكاساته السلبية على صحة الأم والطفل وتنمية المجتمع ومستقبل البلاد.
المصدر: نواكشوط
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©