السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

احتواء نظام «رانجون»... فشل المقاربة الأميركية

احتواء نظام «رانجون»... فشل المقاربة الأميركية
25 يوليو 2009 00:54
فيما تستكمل «أونج سان سو كي» خمسة آلاف يوم من الاعتقال السياسي تظل الناشطة الحقوقية الحائزة على جائزة نوبل للسلام وزعيمة ما تبقى من حركة المعارضة في بورما أحد المدافعين الاستثنائيين عن الديمقراطية في ميانمار (بورما)، ولكن مع أن الملايين من مواطنيها مازالوا في حاجة إليها، ينبغي ألا يبقى إطلاق سراحها هو النقطة الأساسية في السياسة الخارجية للولايات المتحدة تجاه النظام العسكري الحاكم في رانجون. ومن الواضح أنه لو قُدر للنظام أن يسقط فلاشك أن تلك المناضلة ستكون هي الخيار الأول لتولي الرئاسة لما تمثله من مصدر إلهام للملايين، ولكونها زعيمة تلتف حولها جماعات حقوق الإنسان المحلية والدولية والمدافعون عن الإصلاح السياسي بكل أشكالهم، غير أن استمرار واشنطن في التركيز، ولسنوات طويلة، على مطلب إطلاق سراح الزعيمة البورمية ورفع الإقامة الجبرية عنها كما كررت ذلك وزيرة الخارجية، هيلاري كلينتون، خلال الأسبوع الجاري لم يفضِ إلى النتائج المرجوة. ولذا يتعين على إدارة أوباما وهي تمد يدها المبسوطة إلى أصحاب «الأيادي المقبوضة» حول العالم أن تضيف بورما إلى تلك القائمة وتشملها بمحاولاتها السياسية. وبالطبع لا يعني ذلك التخلي عن مسعى الإفراج عن «سو كي» ولكن المطلوب حالياً هو تغيير سياسة العزل والتهميش الرامية إلى معاقبة النظام وإجباره على الامتثال للمطالب الدولية. والحقيقة أنه نادراً ما أثبت متدخلون خارجيون نجاحهم في دعم النضال الداخلي من أجل الديمقراطية، إذ في الغالب يأتي التغيير عبر الناس من داخل البلد وليس من خارجه، ولكن بين الحين والآخر تبرز للمجتمع الدولي فرصة سانحة لممارسة الضغط وتغيير المقاربة، وهذه الفرصة المهمة سنحت لتغيير الوضع البورمي في مايو من عام 2008 عندما ضرب إعصار نرجس المناطق الغربية من البلاد مخلفاً أكثر من 100 ألف قتيل لتتدفق المساعدات الخارجية من المجتمع الدولي مطلقة مبادرات إعادة الإعمار بعد الإعصار وتعاوناً منقطع النظير بين الحكومة وبين قادة المجتمع والمتدخلين الأجانب الذين هبوا لمساعدة المنكوبين والتخفيف عنهم. ولكن إدارة بوش فشلت في الاستفادة من تلك الفرصة، إذ بدلًا من إشراك الحكومة في تحقيق أهداف إنسانية عقب الإعصار وقع بوش في شهر يوليو من العام الماضي تشريعاً يجدد فيه العقوبات ويشددها على بورما، وفيما تتراجع اليوم جهود إعادة الإعمار يقف العالم مستاءً من بورما ومن المحاكمة التي ستواجهها «سو كي» ليبقى الأمل الوحيد في إدارة أوباما والفرصة التي مازالت متوفرة لديها لتغيير السياسة الخارجية الأميركية حيال ذلك البلد. وفي هذا السياق يتعين على البيت الأبيض ووزارة الخارجية أن يركزا خلال الشهور القليلة القادمة على ثلاثة أمور: دعم المجتمع المدني في بورما، وبناء الثقة مع الضباط ذوي الميول الإصلاحية من الرتب المتوسطة، ثم توحيد أجندات الدول المهتمة بمستقبل بورما، وبخاصة الصين والهند وأعضاء منظمة بلدان جنوب شرق آسيا المعروفة باسم «آسيان». ويتعين على المشرعين وصناع الرأي التوقف عن التعامل مع النظام العسكري الحاكم على أنه كتلة واحدة صماء، ولاسيما أن بعض أهم حلفاء المنظمات الإنسانية الذين سهلوا عملها وتعاونوا مع جهودها كانوا ضباطاً وإداريين من رتب متوسطة، فالتغيير في بورما لن يأتي إلا من الداخل وهؤلاء الضباط مؤهلون أكثر من غيرهم للعب دور في إخراج البلد من عزلته وللقيام ببعض الإصلاحات السياسية. ولبناء الثقة مع عناصر التغيير المحتملة في بورما يتعين على الولايات المتحدة ومنظمة «آسيان» إشراك الضباط ذوي الرتب المتوسطة في الجيش البورمي في تدريبات عسكرية مشتركة لتعزيز قدراتهم واستعداداتهم لمواجهة الأزمات والتصدي للكوارث. وأخيراً يتعين على الولايات المتحدة إعادة تقييم دورها الذي تلعبه حالياً والقائم على اتخاذ إجراءات عقابية وتشديد مواقفها وهو ما يفسح المجال أمام دول أخرى مثل الصين والهند للتعامل مع النظام الحاكم وطرح مقترحات يوافق عليها النظام على أنها تنازلات مستساغة. والمشكلة مع المقاربتين الأميركية من جهة وتلك التي تتبناها دول «آسيان» من جهة أخرى هي الاختلاف في أجندات البلدان المعنية بالشأن البورمي، فقد فضلت الدول المجاورة لبورما طريق إشراك النظام بدل عزله، حيث وسعت الصين علاقاتها التجارية مع البلد واستخدمتها كطريق للوصول إلى خليج البنغال، فيما تركز الهند على بيع الأسلحة للنظام لموازنة النفوذ الصيني وفي الوقت نفسه يلتزم باقي بلدان «آسيان» بمبدأ عدم التدخل في شؤون الدول، وهذه الأمور كلها تضعف السياسة الأميركية القائمة على فرض العقوبات والعزلة. ولتغيير هذا الوضع تحتاج الولايات المتحدة المشاركة في القمم المحلية والنقاشات التي تحتضنها الأمم المتحدة بهدف تطوير مقاربة مشتركة والتوافق على حوافز تُقدم للنظام البورمي دون التخلي عن الإجراءات العقابية. إيلا جودوين مديرة الشراكة الأوروبية الآسيوية في منظمة الإغاثة «أميريكيرز» الدولية ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان سيانس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©