الثلاثاء 16 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الكريدت كارد «الحلم الجميل» (2)

10 مارس 2012
اليوم لن أطلب من أي أستاذٍ عزيز، أو أي زميلٍ أو صديقٍ قريب أو بعيد، أن يعذرني أو يسامحني على ما سأقول وما سأكتب، فزميل الأمس لم يعد زميل اليوم، وصديق الماضي لم تستمر صداقته في الحاضر، وكل من كان حولي بالأمس من خلان ومعارف، يتجمهرون ويتوافدون ويتزاحمون عند حضوري إلى مجالسهم، للسلام عليّ أو الحديث معي أو حتى التقاط الصور الفوتوغرافية التي أكون أنا متصدراً فيها، والتي آخذ نصيب الأسد من مساحتها، وعلى حساب من هم معي فيها.. ابتعدوا اليوم عني، وتفرقوا من حولي، وأصبحوا لا يجيبون على مكالماتي، ولا حتى رسائلي، وأصبحت عندما آتي إلى مجالسهم، شخصاً منبوذاً لا يلقي السلام عليّ أحد منهم، وإذا تفضلوا عليّ اليوم بكأس شاي ساخن، يأتونني بمثله بارداً في المرات المقبلة. هكذا أنا اليوم، وهذه هي حقيقتي، التي أذقت نفسي مرارتها بيديّ، ولم يجبرني أحد إنما أنا الذي اخترت. بالأمس وعندما كانت «الكريدت كارد» الحمراء والخضراء والصفراء والزرقاء وذات ألوان قوس قزح، تثقل جيبي وتملأ محفظتي، كنت أعيش أجمل أيامي وأحلى لحظاتي، كنت أنا الشخص الآمر الناهي، بين أصدقائي ومعارفي، وإذا ذهبنا إلى «مقهى» من مقاهي آخر الليل، إذ الجميع يلتف حولي، وكلهم آذان «كبيرة الحجم» صاغية، وكلهم أفواهُ «كبيرة الحجم أيضاً» راخية، ينتظرون مني الإشارة لكي يملأوا سكون المقهى بصيحاتهم وتصفيقاتهم وهتافاتهم.. التي لا تكاد تهدأ لتبدأ من جديد، وكأني كنت أنا «الحكواتي» وهم حشد الزوار الذين يرغبون في سماع قصصي ونوادري وحكاياتي. كنت في ذلك الأمس القريب لا أعلم ولا أدري كيف ومتى وأين... سأسدد ما صرفته من هذه البطاقة الائتمانية أو تلك البطاقة أو غيرها من بطاقات، وكنت إنساناً ساذجاً بمعنى الكلمة، حيث كنت أحلم، وأنا في الواقع، بأن المبالغ التي أخذتها من هذه البطاقات، هي في الأساس مبالغ خاصة بي، أصرفها كيفما وأينما أشاء، ولا يحق لأي شخص مطالبتي بها، إلى أن يأتني هاتف آخر الشهر، ليوقظني من هذا الحلم الجميل على كابوس نهاري مستمر، يتابعني ويلاحقني أينما ذهبت وكلما تحركت، فإما السداد وإما الذهاب إلى أقرب قسم شرطة، وأنت تعرف البقية... أما اليوم وبعدما «تلسوعت» من قرصات ولدغات ولسعات ذلك الحلم الجميل، الذي اكتشفت حقيقته المرة، والذي اكتشفت أنه ليس سوى حلم مزيف، يأتيك ويمدك بكل ما تريده من الـ «كاش»، ويتركك وحيداً تواجه طريق السداد الصعب، والمتعثر غالباً، بعد صرفك لما تحتويه البطاقات الائتمانية من هذا «الكاش»، واليوم أيضاً بعدما خرجت من سجن هذه البطاقات، ودوائرها محكمة الإغلاق، أقسم لكم «يمين» ألا أعود لهذه البطاقات، وأن أمشي بالمثل العامي القائل «على قد لحافك مد رجليك». كانت هذه قصة صديقنا العزيز، صاحب البطاقات الائتمانية، والتي بدأ ملكاً وأميراً بها لأول شهرٍ فقط، وانتهى الأمر به إلى مكانة ومرحلة، لا أحب ذكرها أمام قرائنا الأعزاء، مع ثقتي بأنكم تعرفونها جيداً. «فإذا كنت لا تعرف ماذا تفعل، فالأفضل أن تفعل ما تعرف فقط»! المحرر
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©