الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

نزع الفتيـل في أبيي

25 يوليو 2009 00:55
في يوم الأربعاء الـ22 من شهر يوليو الجاري صدر قرار هيئة التحكيم العليا في لاهاي حول النزاع القائم بين شريكي الحكم الأساسيين في السودان واللذين وقعا على اتفاقية السلام قبل أكثر من أربعة أعوام. وقد جاء القرار متوازنا فلم يستجب بالكامل لمطالب هذا الفريق أو ذاك، ولكن شمال السودان حقق الكثير بأن آلت إليه المنطقة التي تنتج البترول بما في ذلك الجزء المسمى «هجليج»، وحقق الجنوبيون بعض ما كانوا يصبون إليه فصارت مساقط المياه في المنطقة تحت نفوذهم. كان جوهر الخلاف الذي أدى للجوء لهيئة التحكيم الدولية (أعرق هيئة دولية للتحكيم إذ أُنشأت عام 1899) أن الشمال رفض قرار الخبراء المحكمين في وضع أبيي الذي صدر في 14 يوليو عام 2005، وقبل به الجنوبيون. وفي الفترة الممتدة بعد ذلك التاريخ وحتى قرار اللجوء للتحكيم الدولي، جرت منازعات متعددة بين الشمال والجنوب كانت أخطرها المواجهات العسكرية بين الجيش الرسمي التابع للشمال وجيش «الحركة الشعبية» في مايو من العام الماضي وكان من نتائجها تدمير أجزاء من مدينة أبيي ومصرع العشرات من الجانبين وإصابة المئات. لقد أعلن الطرفان المتنازعان قبولهما بالقرار والشروع في تنفيذه على أرض الواقع، وكما هو معروف فقرارات هيئة التحكيم الدولية غير قابلة للنقض ولا للاستئناف. إن الجزء من القرار الذي جعل منطقة إنتاج البترول تابعة للشمال جاء برداً وسلاماً على قيادة الحزب الحاكم (المؤتمر الوطني) التي عبر بعض أعضائه عن فرحتهم بالقرار، رغم أن الاتجاه العام هو أن لا يعد أن هناك منتصرا ولا مهزوما وأن على الجانبين التعاون لتنفيذ القرار بأكمله وتحقيق سلام واستقرار المنطقة، خصوصاً وقد نص القرار بوجوب الإبقاء عل الفوائد المكتسبة للقبيلتين في المنطقة، وهما قبيلة المسيرية العربية الشمالية، وقبيلة الدينكـا (نقوك) الجنوبية. لقد كان توفر البترول في هذه المنطقة سبباً هاما للنزاع بين الشماليين والجنوبيين، والواقع أن أبيي تنتج نحو 250 ألف برميل من النفط، وهو نحو نصف إنتاج السودان، ويقال إنها تحتضن نحو 70 في المئة من النفط السوداني، وإن كان بعض الخبراء يقولون إن نفط أبيي سينضب بعد بضعة أعوام، وكانت عائدات بترول أبيي من النفط قد بلغت 599 مليون دولار في عام 2005، ثم 670 مليون دولار في عام 2006، ثم انخفضت إلى 529 مليون دولار في عام 2007. وهنا يجب التذكير بأن بروتوكول أبيي الذي جاء في اتفاقية «نيفاشا» للسلام ينص على توزيع عائدات بترول أبيي على النحو التالي: 50 في المئة للحكومة المركزية، 42 في المئة لحكومة الجنوب، 2 في المئة لولاية بحر الغزال، ومثلها لولاية جنوب كردفان، وكذلك لكل من قبيلتي المسيرية والدينكا (نقوك). والسؤال الآن: هل ستبقى هذه القسمة على حالها، أم تتغير على ضوء قرار التحكيم الدولي؟ حول هذا الموضوع، ارتفعت في الخرطوم أصوات محايدة تدعو إلى وجوب الوصول لنوع من الاتفاق يمنح سكان أبيي الذين أصبحوا تابعين للجنوب وخارج منطقة إنتاج البترول قدراً من عائداته للمساعدة في تنمية تلك المنطقة التي عانت كثيراً. إن قرار التحكيم الدولي الذي صدر بعد ترقب وانتظار استمر وقتاً طويلا، أزال من الطريق قنبلة زمنية وأنهى نزاعاً بين الشمال والجنوب أوشك أن يشعل نيران الحرب الأهلية مرة أخرى، وكانت مواجهات شهر مايو من العام الماضي قاب قوسين أو أدنى من ذلك. لكن مهما كان الأمر ومهما ساد الاطمئنان بصدور القرار وقبول الطرفين به، فإن حصيلة كل هذا الصراع تعد في تقديري وقوداً وحجة إضافية لدعاة الانفصال في الجنوب، وهو ما قد ينجلي عند استفتاء تقرير المصير في عام 2011. محجـوب عثمان
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©