الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الصين ودارفور··· وجهة نظر لاعب أولمبي

الصين ودارفور··· وجهة نظر لاعب أولمبي
3 يونيو 2008 01:34
أمام هذا الحشد الكبير من أعضاء اللجنة الأولمبية الدولية، وكذلك المصورين والصحفيين الرياضيين، والجمهور الذي احتشد لحضور حفل توزيع الجوائز الأولمبية، من الطبيعي أن تسيطر على الأجواء الأفكار المرحة السعيدة، الملأى بالفراشات الزاهية الملونة، وأرقى منتجات حلوى الشوكولا وغيرها، أما عن نفسي فقد سيطرت عليّ مأساة دارفور وأحزان أهلها في هذه اللحظة الخاصة جداً، وعندما تقدمت إلى المايكروفون لم أتردد مطلقاً في إعلان تبرعي لمبلغ الـ25 ألف دولار الذي تقاضيته عن فوزي بجائزة سباق الـ500 متر، وكذلك بقيمة جائزة الميدالية الفضية البالغ قدرها 15 ألف دولار عن سباق الألف متر لصالح لاجئي إقليم دارفور المقيمين في تشاد· وعلى رغم بدء معرفتي لما يجري في ذلك الإقليم للتو، إلا أنني علمت أن ما يزيد على 60 ألفاً من الأطفال الدارفوريين قد شردوا من ديارهم وقراهم خلال السنوات الثلاث الماضية من العنف المستعر في بلادهم، وكنت قد بدأت أدرك للتو معنى أن يكون للمرء صلة ما بما يحدث في إقليم دارفور، وهو ليس أقل من حملة من الفظائع المنظمة، وبالقدر نفسه بدأت أدرك معنى أن يعتلي المرء منبراً دولياً كهذا بصفته لاعباً أولمبياً، وعلى إثر مضي عامين على فوزي بهاتين الميداليتين في منافسات ''تورين'' الشتوية، إذا بي أتابع اليوم هذه القضايا وهي تتداعى إلى ذاكرتي والعالم ماض في استعداده لأولمبياد ''بكين''، وعلى رغم أني لا أنوي المشاركة في منافسات هذه الدورة الأولمبية، إلا أنني أحث غيري من أقراني الأولمبيين على أن يضعوا نصب أعينهم مأساة دارفور، وعلاقة الصين بها وبحكومة الخرطوم، والسبب أن الصين تعد المشتري الأكبر لمنتجات السودان النفطية، في مقابل كونها أكبر بائع أسلحة دولي للخرطوم، ليس ذلك فحسب، بل تعد ''بكين'' أكبر مساند لحكومة الخرطوم داخل أروقة ومؤسسات الأمم المتحدة، ما يعني مساهمتها في إضعاف قرارات مجلس الأمن الدولي التي من شأنها وضع حد للعنف والفظائع المرتكبة بحق مواطني الإقليم، وهذا ما يدعوني إلى التفاؤل بأن ينشط المشاركون الأولمبيون في دورة بكين، في الدعوة إلى تبني فعل إيجابي إزاء دارفور، ذلك أنه في وسع الصين وضع حد لجرائم القتل الجماعي المرتكبة بحق المدنيين الدارفوريين، كما إنه من واجب المشاركين الأولمبيين في دورة بكين أن يجهروا بصوت الحق وأن يطالبوا بوضع حد لهذه الفظائع· لكن وقبل المضي في هذا لا بد من الإجابة عن السؤال: من أكون أنا، ومن أين أستمد كل هذا الحق في حث الآخرين على اتخاذ موقف إيجابي من هذه المأساة؟ مثلما سبق القول، فأنا لاعب أولمبي، يوجه خطابه إلى أنداده من اللاعبين الذين تتوقع مشاركتهم في الدورة الأولمبية المرتقبة في بكين· وعلى إثر مسيرة طويلة في الرياضة، التي توجتها بحصاد ميداليات دورة ''تورين'' للتزلج الشتوي قبل عامين، التقيت في القرى الأولمبية العديدة التي أقمت فيها، بلاعبين من مختلف أنحاء العالم وقاراته، بمن فيهم لاعبون من شتى دول القـــارة الأفريقية التي ينتمي إليها السودان وأهل دارفور، من هنا فليس غريباً علىّ أن أبدي تعاطفاً مع ضحايا المأساة التي يمر بها الإقليم، فمن تلك القرى والرحلات الأولمبية التي جبت خلالها العالم كلـــه تقريباً، نشأت بيني وأقراني الرياضيين أواصر علاقة قوية ومشاعر مشتركة إزاء شتى أمم العالم وشعوبه· وعقب أولمبياد ''تورين'' بدأت بتنظيم جولات عالمية، ليس هدفها هذه المرة المنافسة أو حصد الجوائز، بقدر ما حرّكتها الرغبة في الحديث إلى اللاعبين عن معنى الفوز الأولمبي، والالتقاء بالناس ومشاركتهم الحديث عن مشكلاتهم· وضمن هذا النشاط حضرت عدداً من المواكب التضامنية التي نظمت مع ضحايا مأساة دارفور، بما فيها ذلك الموكب الذي نظم في واشنطن في ربيع عام ،2006 وكلما توثقت علاقتي بذلك النزاع، كلما علمت عنه أكثر وأكثر، ومن ثم ازداد حماسي للحديث عنه والدعوة إلى وضع حد له، وقد دفع بي هذا الحماس إلى السفر إلى بكين، حيث التقينا المسؤولين الحكوميين وقادة الاستثمارات ورجال الأعمال هناك، وكان بيننا نجوم سينمائيون ورياضيون من مختلف المجالات، ذهبوا إلى هناك على أمل اللقاء بمن يمكن التعويل عليهم في المساعدة في وضع حد للمأساة الدارفورية، وكان أقل ما أملنا فيه، أن يخطو المسؤولون الصينيون نحو تذليل مهمة حماية المدنيين من الجرائم المرتبكة بحقهم، وهي المهمة التي تسعى الأمم المتحدة للقيام بها في الإقليم، غير أننا فوجئنا باعتقاد هؤلاء المسؤولين بأن ما يجري في دارفور هو أزمة أفريقية محلية، لا شأن للصين بها، فكانت هذه الاستجابة الصينية مصدر إحباط كبير بالنسبة لي· ومهما يكن، فإن علينا التشبث بالقاعدة رقم 351 التي أقرتها الجمعية العامة للأمم المتحدة في خريف العام الماضي، وتقضي هذه القاعدة باستخدام الرياضة في تنفيذ ما تم التعارف عليه بـ''الهدنة الأولمبية'' أي أن تكون فترة المنافسات الأولمبية، وسيلة للدفع قدماً بأجندة السلام عالمياً، وفي هذا عودة إلى تقليد يوناني قديم تعارفت عليه الأولمبياد منذ ذلك الوقت السحيق، واليوم فإن من الواجب استخدام نافذة أولمبياد بكين هذه لوضع حد ولو مؤقت للنزاع الدارفوري الطاحن· جوي تشيك عدّاء أولمبي ينشر بترتيب خاص مع خدمة لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©