الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الفراغ العاطفي

الفراغ العاطفي
13 مارس 2011 20:46
المشكلة: عزيزي الدكتور : أنا سيدة جامعية ومتزوجة منذ ثلاث سنوات تقريباً ولديّ طفل، وأتميز بشخصية قوية، ومشكلتي الأولى مع زوجي، فهو دئماً يشكو من الفراغ العاطفي، وعادة يتهمني بأنني إنسانة ليس لديّ مشاعر وغير حنون وبصراحة هو محق في هذا لأنني أحبه كزوج وأب لطفلي فقط، وأشعر عادة بأنني إنسانة فقدت الحب والحنان مع أهلي ولم أجد من يعطيني هذا الشعور، فزوجي ينتظر الحب والحنان لأنه فقد أمه وهو صغير والآن فقد أباه وكل واحد منا ينتظر أن يجد ما فقده في الآخر. أتمنى أن أحب زوجي لدرجة العشق، لكن لا أستطيع لأنه في نظري شخص لا يستحق التضحية والحب، والذي يستحق ذلك شخص آخر في خيالي، كنت أتمناه زوجاً بمواصفات أخرى، لكن هذا هو قدري وأريد حلاً لمشكلتي. ومشكلتي الثانية أنني إنسانة حاقدة، فأي شخص تكون بيني وبينه مشكلة، أشعر بالحقد عليه بصورة كبيرة ولا أستطيع أن أسامحه مهما كان، لدرجة أنني لا أعترف بوجوده في الحياة وأنسى كل شيء جميل كان بيننا، وأتمنى له الموت حتى لو كان زوجي، وهذا يؤثر في حياتي الاجتماعية وعلاقاتي مع المقربين، وكذلك حياتي الزوجية. أريد حلاً لهاتين المشكلتين. فبم تنصحني؟ جزاكم الله خيراً. أم عارف النصيحة: أختي الكريمة: لقد طرحت مشكلتين تطلبين حلاً لهما، والواقع أنهما مشكلة واحدة، أستطيع أن أسميها لك بأنها: ضعف مستوى الذكاء الوجداني لديك، فعدم انجذابك لزوجك مع عدم وجود الأسباب المانعة لمحبته مترتب على الحاجز النفسي الذي يعيقك عن التواصل الاجتماعي الجيد بما يشمل سماحك وعفوك عن أخطاء الآخرين، وسأقف معك فيما يلي وقفات أتناول في بعضها تصحيح قناعات ومعتقدات. وأمرُّ من خلالها على بعض الحلول العملية: ? العواطف الحقيقية لا تنشأ فجأة، والقول القائل: “الحب من النظرة الأولى” ليس له حظ في ميزان الشرع ولا ميزان علم النفس، بل والواقع يكذبه. الحب الحقيقي - يا أخيتي - تنمو جذوره شيئاً فشيئاً، وتزهر أوراقه رويداً رويداً، كما أن نضوج ثمره يحتاج إلى وقت ليس بالقصير، ومن هنا فالحب بين الزوجين يأتي تدريجياً، وهو يحتاج منا إلى نظر واع وإدراك جيد لما حولنا وتطويع لعواطفنا بحسبه، وهذا أمر مقدور عليه، أما رأيتِ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعاً لما جئت به)؟ ولولا أن بمقدور الإنسان التحكم بعواطفه وحياته الوجدانية لما قال النبي صلى الله عليه وسلم هذا. وعلى هذا ينبغي أن تقطعي على نفسك حديثها بأن زوجك دون المستوى الذي تطمحين له، وأن من ينبغي أن تبذلي الحب له رجل بمواصفات أخرى، واستبدلي هذا بحوارك لنفسك عن إيجابياته، والتي من أهمها أنه أب لابنتك التي تفجرت أمومتك معها. ? إن فقد الحنان والاهتمام في الصغر ليس سبباً لعدم القدرة على منحهما، وفاقد الشيء يمكن أن يعطيه، تشهد بهذا آلاف القصص والوقائع لأيتام مولوا مشاريع للعناية بغيرهم، ولأناس حرموا احتياجاتهم ولكنهم أعطوا الآخرين ما يسعدهم، ولكن الأمر يحتاج إلى قوة الإيمان بالله وقضائه وقدره ثم إلى كثير من التفاؤل والطموح والسعي الدؤوب لإيجاد بصمة إيجابية على حياة الآخرين، وأدعوك هنا إلى قراءة كتاب “افتح النافذة.. ثمة ضوء” للمؤلف: خالد المنيف، ففيه وقفات ممتازة. ?ابدئي التغيير من نفسك، واستثمري حياتك الزوجية لإسعادك، فكم من فتاة تتمنى أن تحظى بزوج بنصف مواصفات زوجك. ويبدو لي أنه لا يوجد لديك مشاكل مع زوجك، وكل الذي تشعرين به ناتج عن عدم قراءتك الصحيحة لذاتك واحتياجاتك. ?سمة البشر أنهم يقعون في الخطأ، قال صلى الله عليه وسلم: (كل ابن آدم خطاء، وخير الخطائين التوابون)، وإذا كان الأمر كذلك فينبغي أن توطني نفسك على تقبل أخطاء الآخرين، والتماس الأعذار لهم، وفي الأثر: (التمس لأخيك سبعين عذراً، فإن لم تجد فقل: لعل له عذراً لم أطلع عليه)، إن التسامح والعفو - يا أخيتي - من أعظم الأمور المسببة للسعادة، والموقدة للطموح، والمحفزة على الحب والعطاء. ? أخيراً ... التجئي بالدعاء إلى الله أن يدوم الحب بينك وبين زوجك. وفقك الله لكل الخير
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©