الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

نازحو «سوات»: هل حانت العودة؟

نازحو «سوات»: هل حانت العودة؟
25 يوليو 2009 21:18
بالنسبة لملايين النازحين الباكستانيين الذين يحاولون تقدير الوضع واتخاذ قرار بالعودة إلى ديارهم أو البقاء في المخيمات، لم تكن الرسائل التي تلقوها يوم الخميس الماضي كافية ليحسموا أمرهم، ففي صبيحة ذلك اليوم قَتل مجموعة من المسلحين مجهولي الهوية موظفاً أممياً وحارساً لأحد المخيمات في بيشاور، إلا أنه وفي الوقت نفسه كانت العشرات من الحافلات الملأى باللاجئين والمحملة بالحقائب والمروحات الكهربائية، بالإضافة إلى المواد التموينية التي وزعتها الحكومة على العائدين، قد غادرت قبل ساعة مخيم «ماردان»، إذ لم يبدُ أن الركاب قد وهنت عزيمتهم بعد انفجار قنبلة في اليوم السابق بإحدى نقاط التفتيش التابعة للشرطة. ويواجه اللاجئون الباكستانيون داخل البلاد، والذين يتجاوز عددهم مليوني شخص، بعدما نزحوا من مناطقهم في الشمال الغربي بوادي سوات ومنطقة بونر، ضغوطاً شديدة تنصب عليهم من كافة الجوانب، فمن جهة يحثهم المسؤولون الحكوميون على العودة إلى منازلهم إثر تمكن الجيش من إخماد تمرد «طالبان» وإنهاء حملته التي دامت ثلاثة أشهر في المنطقة، بالإضافة إلى الحياة القاسية في الخيم التي يعيش بها اللاجئون تحت أشعة الشمس الحارقة، لكن من جهة أخرى يبدو أن مسلحي «طالبان» عازمون على إرسال إشارات مناقضة من خلال القتل والتفجير. ويعبر عن هذا الوضع «منذر جواد»، المكلف بإدارة مخيم «شيخ شاهزاد»، قائلا: «إن ما نشهده من عنف بين الحين والآخر هو محاولة لترويع الناس ومنعهم من الرجوع إلى ديارهم، لكني لا أعتقد أن الأهالي قلقون كثيراً من ذلك». ويضيف المسؤول عن المخيم أنه من بين تسعة آلاف شخص يعيشون في المخيم، غادر إلى حد الآن أكثر من 2100 شخص طواعية على مدى الأيام الثلاثة السابقة، ويعيش البقية منهم حالة صراع داخلي حول ما إذا كان الوضع الأمني قد استتب في مناطقهم، أم أنه مازال مضطرباً. وفي هذا الإطار، يقول أحد اللاجئين الذي يعيش مع عائلته في إحدى الخيم وسط درجة حرارة مرتفعة: «لا توجد كهرباء في قريتي، ولا ماء صالح للشرب، فماذا سنفعل هناك إذا غادرنا المخيم؟». ولم ينتظر اللاجئون الذين مكثوا طويلاً في المخيمات لاستطلاع أخبار مناطقهم، حيث سارع البعض منهم إلى الاتصال بمن غادر في الحافلات للاطمئنان على الوضع، فجاءتهم الرسالة التالية: لم يعد الوضع الأمني هشاً كما كان، لكن حظر التجول مازال قائماً، وهو ما يخيف «سبحان الدين»، أحد اللاجئين الذين فروا من قرية «كامبا»، والذي يقول: «نحن نخشى من حظر التجول المفروض؛ لأننا لا نستطيع الخروج والذهاب إلى العمل»، مشيراً إلى حادثة قتل فيها اثنان من أبناء قريته عندما قرر سكانها الخروج من منازلهم رغم الحظر، فتعرضا لإطلاق النار من قبل الجيش. وحسب «جمال نصير»، وزير الداخلية الخاص بالمحافظة الحدودية في الشمال الغربي، فإن الحكومة لا تسمح برجوع اللاجئين إلا إلى المناطق الآمنة التي توجد بها مراكز الشرطة، كما أن عملية العودة تشرف عليها الحكومة بنفسها من خلال تأمين الحافلات الخاصة لذلك، فيما يُمنع على الصحفيين مرافقة العائدين. ويوضح «نصير» ذلك بقوله: «إننا نرسل اللاجئين عبر أفواج؛ لأن حالة الطرق والبنية التحتية سيئة». وفي هذا السياق أيضاً، يؤكد «حميد الله خان»، الصحفي الذي يعمل في يومية «الفجر» الباكستانية، أن مدينة مينجورا ورغم توافرها على الماء والكهرباء، فإن بيوتها ما زالت مهجورة ولم يرجع إليها سوى خمسة آلاف شخص من أصل 700 ألف نسمة هم سكانها قبل الحرب. والمشكلة، كما يقول «خان»، أنه عندما يعود الأهالي إلى بيوتهم سيظلون عالقين داخلها بسبب حظر التجول المفروض على المدينة. ولتجنب هذه الصعوبات يقول المسؤولون عن مخيم «ماردان»، إن الحكومة زودت العائدين بمواد غذائية تكفيهم لمدة شهر، فضلاً عن استخراج بطاقات ائتمانية لهم تحتوي على 300 دولار، وهو مبلغ مهم في باكستان، كما ستقدم تعويضات للذين تهدمت بيوتهم بسبب المعارك. ويبقى السؤال الأهم الذي يشغل بال اللاجئين هو مدى استقرار مناطقهم وزوال الاضطرابات التي دفعتهم أصلاً للفرار منها، فقد قتل الجيش أكثر من عشرين مسلحاً في وادي سوات خلال الأيام القليلة الماضية، كما يذكر شهود عيان أن ميتجورا مازالت تضج بالجنود الذين يقيمون نقاط تفتيش عديدة لا تبعد عن بعضها البعض بأكثر من 500 متر. والأسوأ من ذلك أن العنف لم يوفر حتى المخيمات التي يُفترض أنها تحمي اللاجئين بعدما فتح خمسة مسلحين مجهولي الهوية النار على «زل عصمان»، الموظف لدى المفوضية العليا للاجئين التابعة للأمم المتحدة بأحد المخيمات، ليصبح ثالث موظف أممي يتعرض للقتل في باكستان خلال الأشهر الستة الماضية. بين أرنولدي - باكستان ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©