الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

موريتانيون يقصدون بئراً «سحرية» في نواكشوط تشفي الأمراض

موريتانيون يقصدون بئراً «سحرية» في نواكشوط تشفي الأمراض
10 مارس 2013 19:45
سكينة اصنيب (نواكشوط) - يصطف العشرات يوميا أمام منزل متواضع في حي توجنين بالعاصمة الموريتانية نواكشوط، طلبا لمياه بئر يعتقد أنها «تشفي من الأمراض خاصة الأمراض الجلدية»، وشهد المنزل إقبالا كثيفا حيث يتوافد عليه يوميا المئات من طالبي ماء «البئر السحري»، الذي بالغت روايات الناس في وصف فائدته. بينما يشدد آخرون أن الأمر ليس سوى خرافة يعمد البسطاء إلى تصديقها، في وقت لم تصدر وزارة الصحة التي أخذت عينة من الماء لفحصها قرارا بشأن البئر، إذ لم تخرج النتائج بعد. بداية القصة جاء اكتشاف «مزايا» مياه البئر بالصدفة حيث إن العائلة حفرت البئر في حديقة المنزل للاستفادة من مياهه في ري بعض المزروعات، وكانت خادمة العائلة تستحم بمياهه ولاحظت زوال بثور وحبوب جلدية كانت تعاني منها، فأخبرت ربة البيت التي أخذت بدورها تعالج ابنها الذي كان مصابا بحساسية في جلده، وبعد استحمامه بماء البئر عدة مرات شفي تماما، ومنذ ذلك الحين بدأت العائلة في استغلال البئر للعلاج لكن على نطاق ضيق قبل أن يشيع الخبر مؤخرا بين سكان نواكشوط. رفضت العائلة بيع ماء البئر، وقرر الوالد أن يهبه لطالبيه ابتغاء مرضاة الله. وشهد منزل الأسرة إقبالا كثيفا فاق توقعات الأسرة والجيران بعد انتشار خبر مياه «البئر السحرية»، حيث امتدت طوابير طويلة أمام منزل أهل قاية في انتظار الحصول على قنينة من المياه، ورابط المئات أمام المنزل لساعات في انتظار دورهم للتزود بماء البئر، وأدى الزحام والخلاف على الطابور إلى تدخل وحدات من الشرطة لتفريق المتجمهرين أمام المنزل. وتقول ربة العائلة إن مزايا مياه البئر تم اكتشافها منذ شهور غير أنها بقيت حكرا على محيط العائلة إلى أن علم الجيران وسكان نواكشوط بالأمر أخيرا بعد ما تأكدوا من صحة خبر المياه وقدرتها على شفاء الكثير من الأمراض المزمنة. أما مالك البئر محمد المختار ولد قاية فأكد أنه لن يأخذ مقابلا ماديا من الراغبين في التزود بماء البئر، رغم معاناة العائلة من محاولات اقتحام المنزل وتنظيم الطابور. وكان ولد قاية استدعى الشرطة لحمايته بعدما اكتشف محاولات ليلية من طرف بعض السكان لاقتحام منزله. ونفى ما تردد من إشاعات عن أنه رأى «شيخا صالحا» في منامه وأخبره أن المياه الموجودة في جوف البئر تشفي من كل الأمراض، واعتبرها خزعبلات من بين الإشاعات الكثير التي يتداولها الموريتانيون عن البئر. ميزات استشفائية تحولت أخبار البئر «السحرية» إلى مثار حديث الشارع وشغلت الناس بالقصص والأساطير التي نسجت حول البئر، خاصة بعد غياب أي تقارير رسمية من وزارة الصحة تنفي أو تبث ما يروج حول مياه البئر، ليبقى المتجمهرون حول المنزل الوسيلة الوحيدة لمعرفة حقيقة مياه البئر. ويتزاحم عشرات من النساء والأطفال والشيوخ أمام المنزل في انتظار دورهم لملأ أوعيتهم من ماء مالح يعتقدون أنه يشفي من الأمراض الجلدية مثل الصدفية، والجدري، وحتى الأمراض المستعصية، من بينهم يربى ولد أحمد الذي يقول إن البئر أصبح مقصدا للكثير من الموريتانيين من مختلف الشرائح والأعمار لاستغلال ميزاته الشفائية حيث يشربون ويغتسلون بمياهه، ويشير إلى أنه يعرف شخصا شفي تماما من مرض الصدفية بعد اغتساله بماء البئر. وينفي جار لعائلة أهل قاية، رفض ذكر اسمه، ما يتداوله الناس عن مزايا البئر. ويؤكد أن ما تصفه الروايات بأنه معالج للأمراض الجلدية كالحساسية والبرص ليس سوى ماء مالح غير صالح للشرب، مستغربا إقبال الناس بكثرة على هذه البئر. ويضيف «مؤخرا بدأ الناس يترددون بكثرة على المنزل لزيارة البئر و»التبرك» بمياهها، ويقولون إنها تشفي بعض الأمراض كالقرحة المعدية وضيق التنفس والأمراض الجلدية، ورغم أنني نصحت بعض المتجمهرين بان ما يبحثون عنه لن يجدوه هناك لكن دون فائدة». أما فاطمة بنت مبارك، التي قضت ساعات طويلة في انتظار دورها داخل الطابور؛ فهي مقتنعة بأن مياه البئر شافية من كل داء، وتؤكد أن كل من استحم بمياه البئر شفي من مرضه، وتسعى إلى الحصول على كميات من الماء لاستعمالها في الشرب والاستحمام لجميع أفراد أسرتها. وفي انتظار قرار من وزارة الصحة لوقف فوضى العلاج بماء البئر، لايزال البئر محج آلاف السكان خاصة المرضى الذين يعجزون عن دفع تكاليف العلاج والدواء، بعد قرار السلطات تقنين منح العلاج على حساب الدولة إلا في حالات معينة، وهو قرار بدا تأثيره واضحا على البسطاء والقرويين الذين اصبحوا عاجزين أمام المرض. وتحظى عدد من الينابيع والآبار والعيون بالكثير من القداسة في الموروث الشعبي الموريتاني، خاصة تلك التي توجد قرب زوايا الأولياء والصالحين، حيث يعتقد البعض في قدرتها على الشفاء من الأمراض. إلى ذلك، يقول الباحث الاجتماعي عبدالله ولد محمد إن قلة الوعي وضعف الثقافة والفقر عوامل تدفع الناس إلى تصديق الخرافات والمبالغة في تقديرها، مشيرا إلى أن هناك نوعيات من المياه تتمتع بخصائص علاجية، وهو أمر علمي مثبت نظرا لتمتعها بمكونات تساعد في الشفاء من عدد من الأمراض، غير أنه يلفت إلى أن ذلك لا بد أن يكون بإشراف طبي. ويؤكد أن الأمر ليس سوى وهم وجد بيئة خصبة لينمو ويتحول إلى حقيقة يريد البسطاء تصديقها.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©