الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

تزايد عمليات إلغاء الحجوزات يربك سوق العقارات في مصر

تزايد عمليات إلغاء الحجوزات يربك سوق العقارات في مصر
13 مارس 2011 21:17
دخلت السوق العقارية المصرية مرحلة من المعاناة مع تنامي معدلات استرداد العملاء لمقدمات الحجز التي سددوها للشركات على خلفية الأحداث السياسية الراهنة والتوقعات التي صدرت مؤخراً عن مؤسسات بحوث سوقية، وتشير إلى تراجع أسعار العقارات والأراضي في مصر 30% خلال العام الجاري بسبب شح السيولة المالية، ومخاوف المشتريين الذين يدخلون السوق بهدف الاستثمار، وليس بهدف السكن النهائي. كما يسترد الحاجزون مقدمات المساكن بسبب اضطراب الأوضاع القانونية للعديد من المشروعات العقارية بعد فتح ملف تخصيص الأراضي لكبار المطورين العقاريين وإمكانية فسخ العديد من العقود الخاصة بهذه الأراضي على ضوء أحكام قضائية في حالة ثبوت مخالفات في إجراءات التخصيص، وربما تشمل هذه الحالة عدداً من المستثمرين الكبار مثلما حدث مؤخراً مع صاحب شركة “داماك” حسين سجواني الذي تم اتهامه في إحدى قضايا تخصيص الأراضي. ويقف وراء اندفاع حاجزي الوحدات السكنية في المشروعات العقارية المختلفة لسحب مقدمات الحجز مخاوف الحاجزين من تعثرهم في سداد بقية الأقساط المستحقة مستقبلاً بسبب تأثر دخولهم أو فقدانهم لوظائفهم. وتشهد السوق موجة انسحاب كبيرة من جانب حاجزي الوحدات، حيث تؤكد شركات التسويق العقاري أن نسبة الاستردادات تتراوح حالياً بين 10 و15% من قوائم الحاجزين في المشروعات المختلفة. وتتوقع الشركات ارتفاع هذا المعدل تدريجياً خلال الأسابيع المقبلة رغم احتواء عقود الحجز على شروط تقضي بحسم نسبة من الأموال المسددة في حالة إلغاء الحجز، وتصل هذه النسبة في بعض المشروعات إلى 10% من قيمة الوحدة المشتراة، الأمر الذي يكبد المنسحبين خسائر كبيرة، ومع ذلك يفضلون التضحية بنسبة من أموالهم بدلاً من الاستمرار في الحجز في ظل غموض الموقف في السوق العقارية. وبدأت هذه الموجه من الاستردادات تخلق أزمة تمويل حادة لا سيما في المشروعات العقارية الكبرى خاصة أن هذه المشروعات كانت قد حددت جداول التنفيذ وفقاً للتدفقات النقدية الواردة من الحاجزين، بالإضافة إلى التمويل البنكي بنسبة 40% من التكلفة الإجمالية. وسوف يؤثر توقف الحاجزين عن سداد الأقساط أو انسحابهم من الحجز على معدلات السيولة المتاحة للشركات لاستكمال مشروعاتها. يضاف إلى ذلك توقف البنوك شبه التام عن ضخ قروض جديدة لهذا النشاط في الفترة الحالية، حيث بدأ الجهاز المصرفي المصري يعيد ترتيب أولوياته التمويلية، ووضع قطاع الصناعات التحويلية على رأس القطاعات التي يتم تمويلها، بينما تم “ترحيل” القطاع العقاري إلى مرتبة متأخرة. واضطر العديد من البنوك الكبرى التي كانت قد وقعت اتفاقيات تمويل مع مشروعات عقارية ضخمة وبقروض تجاوز المليار جنيه للمشروع الواحد، وذلك قبل ثورة 25 يناير، إلى وقف صرف شرائح هذه القروض، وطلب ضمانات جديدة على ضوء الظروف الراهنة مما شكل عبئاً على هذه المشروعات ويهددها بالتوقف التام خاصة المشروعات العائد ملكيتها لرجال أعمال يجري التحقيق معهم أمام السلطات القضائية في العديد من القضايا. وقال متعاملون في السوق العقارية إن هذه الأحداث خلقت حالة نفسية سلبية لدى جميع أطراف اللعبة العقارية في مصر من مطورين وعملاء وبنوك نتج عنها تفضيل العملاء الاحتفاظ بالسيولة المالية لديهم في هذه الفترة بدلاً من تجميدها في عقار، لا سيما أن العديد من هؤلاء المستثمرين يعانون حالياً تجميد أموالهم في أسهم وسندات في بورصة الأوراق المالية ولا يستطيعون تسييلها بسبب إغلاق البورصة منذ نحو 45 يوماً. وترتب على هذه الحالة عدم وجود مشتريين جدد في السوق يمكن أن يحلوا محل المنسحبين، وبالتالي تعمقت أزمة السيولة والتمويل لدى الشركات التي لم تعد لديها خيارات كثيرة للخروج من المأزق. ويزيد من خطورة الأوضاع في السوق العقارية أن قطاع التشييد بصفة عامة كان يمثل، حتى أشهر قليلة مضت، القاطرة الرئيسية للنمو الاقتصادي بالبلاد لارتباط هذا القطاع بالعديد من الأنشطة والصناعات المكملة له، وبالتالي فإن موجة الاستردادات ونقص التمويل سوف تؤدي إلى تباطؤ القطاع، بل وتجميده مما يشكل ضربة قوية لمعدل النمو الاقتصادي. ويرى خبراء السوق ضرورة أن تبادر الدولة بتقديم حزمة تحفيزية جديدة للقطاع العقاري لإنقاذه من الانهيار ترتكز على تسهيل إجراءات التمويل العقاري للمشتريين الذين انصرفوا عن هذا البديل التمويلي لتعقد إجراءاته وارتفاع تكلفته، ويجب أن تشمل الإجراءات تشجيع البنوك على رصد تمويل إضافي لا سيما للمشروعات التي دخلت مرحلة التنفيذ الفعلي، وسوف يتسبب توقفها في خسارة كبيرة للشركات المالكة. ويشدد الخبراء على أهمية إعادة النظر في موقف المشروعات التي يثار بشأنها جدل سياسي وقانوني في الوقت الراهن بسبب عقود تخصيص الأراضي لها على اعتبار أن مشتري وحدات هذه المشروعات لا ذنب لهم، فيما تم من إجراءات مخالفة للقانون في عملية التخصيص، لا سيما أنه إذا ثبت أن هذه العمليات انطوت على إهدار للمال العام، فسوف تجري إعادة تسعير الأراضي وفقاً للأسعار السوقية، على أن يتحمل المطور العقاري أو الشركة المالكة للمشروع سداد فروق الأسعار للدولة بمعزل عن حاجزي الوحدات. ويؤكد الخبراء أهمية استبعاد خيار فسخ عقود التخصيص وسحب الأراضي لما يمثله من ضرر مباشر على الحاجزين الذين سددوا مقدمات حجز في إطار من حسن النية ولا دخل لهم بالجوانب القانونية لعملية تخصيص الأرض المقام عليها المشروع. ويؤكد المستثمر العقاري المهندس سامي القريني، رئيس شركة “إمارات هايتس”، أن السوق العقارية كانت في مقدمة القطاعات التي تأثرت بالأوضاع السياسية الراهنة ضمن بقية الأنشطة الاقتصادية، وهذا وضع طبيعي، ففي مثل هذه الأحداث الكبرى غالباً ما يدفع الاقتصاد الثمن، ولكن المهم ألا يكون هذا الثمن فادحاً، أي نكتفي بهذا القدر من الخسائر ونعمل جاهدين على عدم إطالة أمد حالة الغموض الراهنة؛ لأن ذلك الغموض يضاعف الخسائر ومن المهم العودة سريعاً إلى دائرة العمل والإنتاج خاصة وأن عنصر الوقت يمثل أهمية كبيرة ووزن نسبي في العديد من القطاعات الاستثمارية. ويشير القريني إلى أهمية تعزيز قناعة المستثمرين الأجانب خاصة من البلدان العربية بالمستقبل الواعد للاقتصاد المصري بصفة عامة وللقطاع العقاري بصفة خاصة لأن ذلك يسهم في ثبات هؤلاء المستثمرين بالسوق، وعدم خروجهم ويساعدهم على اتخاذ قرارات مناسبة بشأن ضخ تمويل إضافي لاستكمال مشروعاتهم في حالة نقص التمويل بسبب امتناع الحاجزين عن سداد الأقساط أو امتناع البنوك عن صرف شرائح القروض أو إعطاء قروض جديدة لأن توقف هذه المشروعات في منتصف الطريق يتسبب في خسائر لكل الأطراف وليس من مصلحة أحد تجميد مليارات الجنيهات في مشروعات بدأ تنفيذها ثم اضطرت للتوقف تحت وطأة نقص السيولة. ويطرح شريف رشدي، رئيس شركة “ايدار” العقارية، حلاً آخر للأزمة يتمثل في تدعيم دور صناديق الاستثمار العقارية التي جرى إطلاقها في الفترة الأخيرة، على أن تدخل هذه الصناديق مشتريه للوحدات التي يلغي الحاجزون حجوزاتهم لها وتعيد الصناديق مقدمات الحجز لهؤلاء الحاجزين وتحتفظ بالوحدات لإعادة بيعها عندما تتحسن أوضاع السوق ويستعيد الاقتصاد عافيته. وبذلك يمكن حل مشكلة الحاجزين الراغبين في سحب مقدمات الحجز وحل مشكلة الشركات البائعة بضمان حصولها على الأقساط المستحقة على الوحدات المبيعة وضمان استكمال هذه المشروعات وتحقيق أرباح جيدة لهذه الصناديق عندما تعيد بيع الوحدات المشتراة في ظروف سوقيه أفضل لا سيما أنه يمكن تطبيق بنود العقود وخصم النسبة المقررة عند إعادة مقدمات الحجز، أي أن أرباح صناديق الاستثمار لن تقل عن 30 بالمئة في غضون عام ونصف العام، وهي أرباح معقولة مقارنة بأي أوعية استثمارية أخرى.
المصدر: القاهرة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©