السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

المحتويات الإعلانية بين الخطر التجاري والبحث عن موارد مالية

المحتويات الإعلانية بين الخطر التجاري والبحث عن موارد مالية
10 مارس 2013 19:49
وسط ظهور مصطلحات جديدة مثل "الصحافة التجارية" و"التحرير الإعلاني"، أطلقت صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية العريقة منصة خدمات المحتوى الممّول بالرعاية التجارية، تحت اسم "براند كونكت"، يتيح للمسوّقين إنشاء ورعاية وعرض تدوينات وفيديوهات ورسوم بيانية على موقع الصحيفة العريقة، وسط توقعات المحللين بأنها لن تكون الصحيفة الأخيرة في مضمار المحتويات والمقالات الإعلانات. أبوظبي (الاتحاد) -نشر موقع “اديترز ويبلوج”، المتخصص في شؤون الصحافة، تقريراً عن صحيفة “واشنطن بوست” الأميركية العريقة، التي أطلقت مؤخرا منصة خدمات المحتوى الممّول بالرعاية التجارية، والتي من شأنها التقريب بين المحتوى الصحفي والمحتوى الإعلاني وردود الفعل عليها والاختلاف بين من يرى فيها خطراً على الصحافة من جهة، ومن يعتقد أنها أحد الحلول الواقعية في مسار البحث عن موارد مالية جديدة للمؤسسات والمواقع الصحفية على الشبكة، أملا في أن يدفع الأسلوب الجديد وردود الفعل عليه الناشرين باتجاه إنشاء نماذجهم الخاصة لأفضل الممارسات في هذا المجال. خيار واحد بينما قال موقع “ديجيدي” أن “البوست” لن تكون أول صحيفة أميركية كبرى تشارك منصتها مع المعلنين توقع موقع “بييد كونتينت” أن جميع الناشرين في نهاية المطاف “لن يكون أمامهم خيار سوى تجربة المحتوى المموّل بالرعاية، آخذا في الاعتبار تراجع مبيعات الإعلانات التقليدية. بل إن البعض لا يتردد بالقول إن المحتوى الإعلاني هو آخر محاولة لمصارعة الانهيار في الأرباح. ومن المهم الإشارة إلى أن خطوة “واشنطن بوست” نحو المحتوى الإعلاني، جاءت بعد أسابيع قليلة من إعلانها عن انخفاض عائد الإعلانات من نسختها المطبوعة بنسبة 14% في 2011، وانخفاض إجمالي عائد الصحيفة أيضا بنسبة 7% وفقا لما ذكره موقع بوينتر. وقبل أسبوع كشفت الصحيفة عن أنها تركز عملها في سبيل تدابير خفض التكاليف. يذكر أن “واشنطن بوست” هي الأكثر توزيعاً في العاصمة الأميركية، وتعتبر من أعرق الصحف وأكثرها احتراما وسمعة، وهي تصدر إضافة لطبعتها الوطنية طبعات محلية أخرى في عدد آخر من من الولايات، ويعود تأسيسها إلى عام 1877 وقد شهدت أكثر أيام عزها في سبعينيات القرن الماضي عندما قادت تحقيقات الصحافة الاستقصائية في فضيحة “ووترجيت”، التي أدت في نهاية المطاف إلى استقالة الرئيس الأسبق ريتشارد نيكسون. ويسجل للصحيفة فوزها بـ47 جائزة “بوليتز”، للصحافة وبالعديد من الجوائز والمنح الأخرى. وتشير تقارير رسمية إلى أن أرقام توزيعها في 2012 بلغت نحو نصف مليون نسخة يومية و719 ألف نسخة في يوم العطلة الأسبوعية. مواقع سبّاقة مع هذه العراقة فإن ابتكار واعتماد هذا الأسلوب في الإعلان والمحتوى المدفوع إعلانياً لا يعود الفضل فيه لـ”البوست”، بل سبق لمواقع إخبارية بدأت علمها من أساسه على الإنترنت أن بدأت تجربة “التحرير الإعلاني” أو الإعلام المحرّر والمكتوب (ادفيتوريال)، ولكن ما أثار ضجة في أوساط الصحافة وعالم الأخبار هو إقدام صحيفة بحجم البوست على خوض هذا الغمار. وقد لاحظ البعض أن منصتها “براند كونيكت” قامت كما يبدو بعد دراسة مزايا وأخطاء المواقع التي سبقتها مثل “بوذ فيد” و”أتلنتيك”. ويشير البعض إلى أن المحتويات ذات الأساس الإعلاني ليست ظاهرة جديدة، كما لفت موقع “ميديا بوست” إلى أن الدراسات أثبتت أن العملاء يبحثون عن مثل هذه الدعايات المقنعة والمضللة، خاصة عندما تكون المحتويات الإعلانية قريبة أو مطابقة في أسلوبها للمحتويات الصحفية. فمن الصعب في الغالب تمييز المحتوى الإعلاني من عمل فريق تحريري في موقع “بوذفيد”، مع إعلانات مقنعة مثل “أكثر 10 عمليات تجميل جراحية فاشلة ومدعاة للصدمة”. ولكن هنا تكمن المسألة وفق موقع “تومسون” الذي يلاحظ أنه “جرى تكييفنا لنتجاهل بشكل آلي أن ذلك يمكن أن يكون إعلاناً”. ويحاجج الكاتب الصحفي والمدوّن الأميركي آندريه سوليفان بأن المنطقة الرمادية بين محتوى الأخبار ومحتوى الإعلانات قد يطرح مشكلة على الصحافة وكتب بهذا الصدد مستخدماً أسلوب الاستعارة: ألا نخاطر بتدمير القرية بحجة أننا نقوم بإنقاذها؟” وتحسباً من هذا الهاجس، اختارت “واشنطن بوست” ألا تكون المحتويات الإعلانية على “براند كونكت” مكتوبة من قبل المحررين، كما قررت الإشارة إلى مثل هذه المحتويات بشكل واضح كإعلانات. الصحافة والتجارة إذا كان البعض يسمى المحتوى المشمول بالرعاية تحريراً إعلانياً فثمة من لا يتردد في التحدث بصراحة عن تجارة الصحافة أو صحافة التجارة. فشبكة “جاوكير ميديا” ترى مستقبلها في ممارسة تجارة إلكترونية مستوحاة من أسلوب التمويل والرعاية للمحتويات والتدوينات. ووفقاً لموقع “آي بي تايمز” فإن “جاوكير ميديا” تعيد هيكلة فريق تطوير أعمالها للتركيز على التجارة الإلكترونية كطريقة لتنمية سيولتها النقدية، وفي مذكرة موقعة من مؤسس الشبكة ورئيسها نيك دنتون جاء أن الشركة تأمل تعزيز عائد التجارة الإلكترونية مع “الصحافة التجارية” من خلال “الرهان على مساعدة القراء لشراء الأشياء”، التي يتم التعريف عنها من قبل المعلنين بشكل أو آخر. و”جاوكير ميديا” هي شركة إعلام أميركية وتملك شبكة مدونات تعمل فقط عبر الإنترنت، ومقرها نيويورك، وتعتبر واحدة من أهم الشركات لناحية الأكثر المدونات الموجهة والأكثر مشاهدة. وهي تملك ثماني مواقع مدونات وهي تتبع مبدأ المشاع الابداعي المشترك، ولا تتقيد بالقواعد التقليدية للحقوق التجارية للملكية الفكرية. وجاء في مذكرة دينتون، التي تم وضعها على موقع “ادفرتيزينج آيج”، أنه يتوقع أن يأتي نمو 10% من عوائد الشركة في العام الحالي من نشاط التجارة إلكترونية الجديدة اضافة إلى مصادر نمو أخرى لتحقيق ارتفاع إجمالي في الموارد نسبته 40%، بعدما كانت النسبة 26% في 2012”. الاستراتيجية التشغيلية من أجل تشجيع النهج الجديد المتمثل في جعل حركة المرور على الشبكة ذات مردود نقدي أكثر، أعادت الشركة النظر باستراتيجيتها التشغيلية فنقلت المسؤول التنفيذي عن تطوير الأعمال آرين بيتجراوي إلى منصب جديد “لقيادة نمو تطور أعمال التجارة الإلكترونية للشركة”، ووظفت المدير السابق للمبيعات في مجموعة “كوندي ناست” الإعلامية الشهيرة، اندراو جورينشتاين على رأس مشروعها للمحتوى المشمول بالرعاية الإعلانية، الذي منح صلاحيات واسعة “لفعل أي شيء يأتي بعوائد مالية للشبكة” من الإعلانات التقليدية، إلى محتوى (مدفوع) للزبائن وإطلاق أعمال التجارة الإلكترونية. وانسجاماً مع قيادتها الجديدة فإن الشركة جعلت دائرة التجارة الإلكترونية فيها بحجم أكبر وباشرت حملة لتوظيف ما اسمته “اختصاصي تجاري” على مواقعها المختلفة على الشبكة. وذكرت الشركة أنها تتطلع لمستقبل قوي للتجارة في مواقع شبكتها المختلفة، بما في ذلك موقع “كوتاكو” لألعاب الفيديو، “وهذا يعني أننا نبحث عن قارئ كوتاكو طويل المدى ذي معرفة مكثفة وذائقة معترف بها في مجال ألعاب الفيديو والأجهزة والأكسسوار لأجل مسار المحتوى التجاري لكوتاكو”. أول المعلنين تعتبر جمعية “سي تي آي إيه” لللاسلكي أول معلن يستخدم “براند كونكت” مع تدوينات أسبوعية مخطط لها على موقع “واشنطن بوست”، أن أي تعمية على إعلاناتها قد يؤدي إلى التسبب في شكاوى آخرين على مبدأ تضارب المصالح، وقد يؤدي إلى اتهام “واشنطن بوست” بالتحيز وممارسة الدعاية المموهة أو المقنعة. ومن هنا كان ضروريا تمسكها بمبدأ الإعلان الصريح عن المحتوى الإعلاني، إلى جانب ما يذهب إليه البعض، مثل موقع “كومسون”، وعلى الصحف خوض تجربة المحتوى الممّول بالرعاية على قاعدة أن الإعلانات في العالم هي في النهاية شيء جيد وهي التي “تدفع للصحفيين الممتازين من أجل إيجاد الحقيقة وأخبارها ونشرها” مع التشبث بتقاليد الحفاظ على التجريب وعلى الشفافية الشديدة.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©