الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

قراءة تأويلية في اللون والزمن والمكان

قراءة تأويلية في اللون والزمن والمكان
28 ابريل 2010 21:07
عن وزارة الثقافة والشباب وتنمية المجتمع في دولة الإمارات العربية، صدر حديثا كتاب نقدي تحت عنوان “الشعر الإماراتي الحديث/ قراءة سيميائية ظاهراتية تأويلية” للشاعر والناقد العراقي ذياب شاهين، حيث يحتوي الكتاب على مقدمة وأربعة فصول. وفي مقدمة الكتاب تحدث الناقد عن ظروف كتابة الكتاب قائلا: “عندما وطئت قدمي أرض الإمارات العزيزة في العام 2001، لم أكن أعرف شيئا في حينه عن الحركة الشعرية في الإمارات بل أكاد لا أعرف أي شاعر إماراتي، وهذا عائد لعدة أسباب أهمها أنني كنت ما زلت في بداية حياتي الأدبية وكذلك لعدم وجود تواصل بين العراق والإمارات يمكن أن يلقي الضوء على مبدعي الإمارات وللظروف المعروفة التي كان يمر بها العراق في حينه، إلا أنني وبمساعدة بعض الأصدقاء العراقيين ممن كانوا قد أقاموا في الإمارات قد حصلت على بعض الدواوين، وكذلك استطعت الحصول على البعض الآخر من المجمع الثقافي بالإضافة لمتابعتي الصفحات الثقافية والمجلات كالرافد وشؤون أدبية، ومن ثم أهدى إلي بعض الأصدقاء الشعراء ممن تعرفت عليهم لاحقا إصداراتهم الحديثة ، كل هذا قد أعطاني فكرة أولية عن تفاصيل المشهد الشعري وعن الشعراء المهمين في البلد”. في متن الكتاب قرأ الناقد في الفصل الأول منظومة الألوان سيميائيا في نماذج من الشعر الإماراتي حيث قرأ اللون الأزرق والأحمر والأخضر وغيرها لدى مجموعة من الشعراء من أمثال خالد البدور وصالحة عبيد غابش وميسون صقر القاسمي وكريم معتوق وثاني السويدي وأحمد عبيد، ويتوصل الكاتب إلى حقيقة أن: “هنالك ألوان قد وظفها الشاعر الإماراتي ولكن هذا التوظيف لم يكن على نطاق كما لاحظناه مع الأزرق والأحمر والأخضر، إذ أن هنالك تنوع في الألوان المستخدمة، وكذلك نجد تنوعا في الأغراض ومرجعياتها، وهذا التنوع اختلف باختلاف الشعراء، أي أننا لم نجد تطابقا بين الشعراء على مستوى الاستخدام، هم يشتركون في استخدام الألوان ذاتها أحيانا ولكنهم يستخدمونها ويوظفونها توظيفا مختلفا، ولا شك فذلك مرتبط بموهبة كل شاعر وثقافته وقراءاته ومرجعياته الفكرية فضلا عن تباين الحالة النفسية في زمن كتابة النص واختلاف التجربة الحياتية والكتابية لكل شاعر، إن اللون الأحمر يمثل لونا نموذجيا في تعدد الاستخدامات في الشعر الإماراتي، فقد لاحظناه يمثل الغواية والقداسة في جانب منه، ويمثل أيضا العنف والموت أو يشير أيضا للبعث والولادة، يشترك الشعراء الإماراتيون في مرجعية اللون الأزرق فهو يمثل بالنسبة لهم السماء والبحر معا، لكنه يمثل الليل أيضا وكأن الأسود والأزرق لون واحد يقود الأول للثاني والعكس صحيح، ولكنه يمثل أحيانا النار الملتهبة الزرقاء عند شعراء آخرين، وأخيرا نقرأ تعددا وتنوعا دلاليا في استخدام اللون الأخضر، فهو يحيل للموت ونقيضه، يحيل للخصوبة ويحيل للمكابرة والتحدي أيضا، كذلك نجد رمزية متعددة للون الأخضر مرتبطة بالمخلوقات الأسطورية من تنانين وغيرها. إذن يمكن القول إن هذا الاستخدام والتعدد الدلالي قد أضاف قوة للمفردة وللنص معا وأسبغ عليهما جماليات مضافة يستطيع من خلالها أن يكتب الناقد نصه المصاحب والمحايث وتجعل التلقي يقول كلمته التي توحي بها هذه النصوص”. وفي الفصل الثاني قرأ الناقد المكان وجمالياته معتمدا على رؤى العام الفرنسي غاستون باشلار في كتابه الشهير “جماليات المكان”، وقرأ في هذا الفصل عدة دواوين لشعراء إماراتيين مهمين من مثل نجوم الغانم أحمد راشد ثاني وإبراهيم الملا، حيث يقول في خاتمة الفصل: “نستشف من قراءتنا أن الشاعر في الإمارات لا يعدم وسيلة مكانية إلا ووظفها في بناء نصه الشعري، وكذلك وجدنا أن المكان والشاعر ممتزجان وكأنهما ذات واحدة، فإذا تكلم الشاعر تكلم المكان وإذا أحس المكان أحس الشاعر الإحساس ذاته، والعكس صحيح أيضا، إن توظيفا مبدعا للمكان بكل تفاصيله، وكذلك في ما لاحظناه من توظيف للبيت وأجزائه، أضاف تعددا دلاليا وعمقا في النص الشعري الإماراتي، يدل على رغبة شعراء الإمارات في الارتقاء بنصوصهم لتكون ضمن الخريطة المتكاملة للمشهد الشعري العربي”. أما الفصل الثالث فينطوي على قراءة في دواوين لشعراء وشاعرات من الإمارات مثل ثاني السويدي وظبية خميس وأحمد راشد ثاني وغيرهم، حيث قال الناقد في مقدمة الفصل: “ما يميز اللغة الشعرية في الشعر الإماراتي أنها لغة بكر ومندهشة، ولكننا في بعض الأحيان نجدها حزينة وكأنها فقدت شيئا غاليا عليها، وهذا في واقعه برأينا صدى لما تعيشه الإمارات من تغيرات عميقة في بناها الاجتماعية والحياتية، وهو بتصورنا شيء طبيعي، فالمجتمع يمور ويتغير بسرعة مذهلة من عالم البساطة والعذرية إلى عالم متعدد الثقافات ومعقد حيث البنايات الشاهقة والبنوك والأبراج والتعدد اللساني، إن المكان يتغير بلمح البصر وبالتالي تتغير معالم أمكنة الطفولة، لذا فما نجده في ثنايا اللغة الشعرية مذكورا بتلك الشجنية المتأسية، الغرف وحافاتها ألغت البيت الواسع والحميمية الشرقية التي عاشها الإماراتي في طفولته ليجدها وقد سيجت واندثرت في العمارات الشاهقة وبالتالي فالسماء والبحر اللذان كانا بيتا واحدا بات لكل منهما عالمه المنفصل وبالتالي انسحب الشاعر إلى الذاكرة وأحلام اليقظة ليمسك باللحظة الحميمة المفتقدة التي ابتلعتها العمارات المتعددة الأغراض فضلا عن الحراك البشري الذي يضيف غربة على غربة ذاتية ومكانية مفتقدة، كل هذا نجده مدسوسا بلغة شفيفة ضمن النص الشعري الإماراتي”. أما الفصل الرابع والأخير فقد قرأ فيه الناقد ذياب شاهين الزمن في النص الإماراتي الحديث وهي قراءة هيرمونطيقية (تأويلية) للزمن ومنظوماته السنكرونية والدايكرونية، وهي قراءات تحاول أن تمس ما يهم الشاعر الإماراتي وما يثيره بوصفها ذخائر وخزينا يمتح منه في بناء نصه الشعري، حيث قال الكاتب: “قرأنا في مقاربتنا للزمن عدة أزمان في الشعر الإماراتي، حيث الزمن المبهم عند الشاعر خالد بدر وهو مرتبط بملفوظات كالليل والشتاء، وقرأنا عن الزمن النفسي عند الشاعر أحمد راشد ثاني وهو مرتبط بما يعانيه، حيث يعمد الشاعر إلى تقنية التوازي وتوسل اللغة الصوفية لتبيانه، ونقرأ عن الزمن المفخخ عند الشاعر أحمد منصور الذي يحيل إلى الموت بدون مواربة، والدلالة هنا إيقونية، وهو مرتبط أيضا بما هو نفسي وكوني، هنالك الزمن الحلمي عند الشاعرة أسماء الزرعوني وينثال على شكل شجون وسمفونيات ومرتبط بما تبوح به الخافية (اللاشعور) من أسرار وأحداث مقموعة، كذلك نجد الزمن الحلمي ذاته عند الشاعر أحمد عبيد أيضا فضلا عن الزمن النفسي”. بلغت عدد صفحات الكتاب مئتين وثلاثين صفحة انطوت على تسعة وعشرين مجموعة وديوانا لعشرين شاعرا إماراتيا حديثا.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©