الثلاثاء 16 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

زيد بن علي زين العابدين... الفقيه الفارس

زيد بن علي زين العابدين... الفقيه الفارس
7 يونيو 2016 11:13
محمد أحمد (القاهرة) عاش زيد بن علي زين العابدين في عصر الفتوحات الإسلامية وكانت جيوش الدولة الإسلامية مشتبكة في حروبها، ويلزم رعاياها ألا يرفعوا راية العصيان في وجوه الخلفاء طلباً للعدل أو نهياً عن المنكر، فاستغل الخلفاء هذا الشعور فقهروا كل من يخالفهم الرأي من علماء المسلمين. وزيد بن علي من علماء السنة الأفاضل، يعظم شأن الصحابة ويقدر أبا بكر وعمر، رضي الله عنهما. ولد زيد بن علي في المدينة عام 80 الهجري، ويعد أصغر آل البيت في كربلاء حين ذبح رجالهم ولم يسلم منهم أحد حتى الأطفال، وأنقذه مرضه واستماتة عمته السيدة زينب - رضي الله عنها- دفاعاً عنه. انصرف زيد إلى الدراسة في المدينة المنورة وتتلمذ على علماء الدين والقراء ورواة الحديث، ورأى أن يترك المدينة لطلب العلم في البصرة والكوفة بالعراق، وهناك وجد مجتمعاً مختلفاً عن مجتمع المدينة، فقد نشأت فرق وانتشرت تتهم الخليفة معاوية بالكفر وتحكم على الفقهاء الذين ناصروه وأيدوا ورثته في الخلافة بأنهم ليسوا من الله في شيء، وسمع أن خطباء المساجد يلعنون السيدة فاطمة وعلياً بأوامر من حكام بني أمية، وحاول أن يرد تلك الجماعات إلى الصواب فلم يستطع واتهموه بأنه يناصب جده الإمام علي العداء، فأعلن براءته منهم جميعاً. وفي البصرة وجد خلافاً فقهياً حاداً حول عدة قضايا منها، ما هو موقف مرتكب الكبيرة أكافر أم فاسق؟ وحول القضاء والقدر، وحول الإنسان أمخير أم مسير؟ وما هي مصادر الأحكام إذا عرضت قضية ولم يجدوا لها حكما في القرآن أو السنة. التف اتباع آل البيت والفقهاء الصالحون والزاهدون والمطالبون بالعدل حول الإمام زيد وطالبوه أن يتقدم ليكون الخليفة ويسترد الإمامة من هشام بن عبد الملك بن مروان، وعلم الخليفة، فكتب إلى والي العراق: «امنع أهل الكوفة من حضور مجلس زيد»، ولكن الناس لم تمتنع، وكان الإمام صرح برأيه في شروط الخلافة الثلاثة وهي الشورى والمبايعة والعدل. استشعر الخليفة الخطر، خاصة أن زيداً جمع حوله الفقهاء والشباب والصالحين وأهل التقوى والفقراء، فأراد إهانة الإمام، وعندما وأتته الفرصة لما علم بالنزاع بين زيد وأبناء عمه، فأمر والي المدينة المنورة أن يستدعي المتنازعين ومنهم زيد في المسجد وأن يشعل بينهم الخصومة ويحشد أهل المدينة. أدرك الإمام المكيدة، فترك النزاع متنازلا عن حقه لابن عمه، وبعدها ترك المدينة المنورة مرة أخرى إلى العراق، حيث أنصاره، ولم يفعل والي العراق خالد بن عبدالله القسري، مثل ما فعل والي المدينة وعلى العكس فقد أقام مآدب التكريم للإمام، فغضب الخليفة وعزله وسجنه وولى بدلاً منه يوسف بن عمر الثقفي، الذي أمر بتعذيب خالد حتى يدعي كذباً على زيد أنه خان الأمانة، ولم تفلح المحاولة. استنكر أهل العراق ما يحدث للإمام ووعدوه أن يجمعوا له مئة ألف مقاتل ويبايعونه إماماً وخليفة، وعلم هشام، فأرسل يطلبه وحدث لقاء عاصف بينهما انتهى بقول زيد لهشام «سأخرج من مجلسك، ثم لن تراني إلا حيث تكره»، ورجع زيد إلى الكوفة وتخفى بها، وأقبل الناس عليه يبايعونه. أثار هذا الموقف أبناء عمومته وأوضحوا له خطورة ما هو مقدم عليه، مذكرين إياه بمأساة جدهم الحسين، ولم يأبه لأقاويل الترويع من أصدقائه ومحبيه واتفق مع من بايعوه أن يخرجوا للجهاد في أول صفر عام 122 هـ، فعرف بذلك الخليفة وأرسل لوالي العراق، الذي ألقى القبض على بعض الزعماء الموالين لزيد، فاضطر زيد للظهور، وبدأ المبايعون يتخاذلون عن نصرة الإمام خوفا من بطش يوسف الثقفي فنقضوا بيعتهم له. جمع الوالي من تبقى من المؤيدين، وفي هذه الأثناء قتل أحد المقربين من زيد ما أفزع الباقون فاضطر إلى القتال قبل الموعد المحدد بشهر، وتقدم الإمام زيد الفقيه الفارس يقود نحو 200 من الفرسان بلا مدد يقاتلون جيشاً كثيفاً، وأثناء المعركة أصابه سهم في جبهته واستشهد ودفن بالكوفة.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©