الأحد 5 مايو 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

فضلات الكؤوس

فضلات الكؤوس
28 ابريل 2010 21:13
لا يقصد بالشعر الذي جاء في هذا الباب أنه يتعلق بما يتبقى في الكؤوس من شراب، بل يبدو من حوافها العليا، وهي شبه ملأى. يستهلها السريّ الرفاء بأبيات له تذكرنا بأبيات أبي نواس حيث يقول: كأن الكؤوس بفضلاتها مُتوّجة بأكاليل نورِ جيوب من الوشى مُزْورَّة يلوح عليها بياض النحورِ فهذه الأجزاء العليا الفضية الفارغة من الكؤوس كأنها أكاليل من النور، أو كأنها فتحات موشاة يلوح منها بياض النحور، وفي هذا التعبير مراعاة أوضح لقول أبي نواس السابق “فللخمر ما زرت على جيوبها” إذ يستخدم كلمة الجيوب ذاتها، وما زرّت عليه مما يستدعي النحور وبياضها، لأن الجيوب هي فتحات الثياب عند العنق. ويقول شاعر آخر في فضلات الكؤوس: وكأنما الأقداح مُترعة الحش بين الشَّروب كواكب الجوزاء وكأنها ياقوتة، فضلاتها مخروطة من فضةِ بيضاء فالأقداح المترعة بالشراب تبدو كأنها كواكب متلألئة، والكؤوس في شقها المملوء تزهو بحمرتها الياقوتية، بينما تبدو في شقها الفارغ كأنها خرطت من فضة صافية بيضاء. ويكرر الشعراء هذه الأوصاف في تقاليد متوازنة فيقول الناجم مع تنويع يسير: إن الكؤوس على الخطوط مِلاءُ حُمر الحشا أطواقهن وِضاءُ وكأنها على وجه العروس المجتلى وعلى الجبين عصابة بيضاء فهي تتراوح بين الحمرة المترعة الريانة، والأطراف الوضيئة كأنها عروس موردة الخدود، تضع على رأسها عصابة بيضاء. والجمع بين الكأس والمرأة منتظم في وجدان الشعراء كلهم. فهذا ابن المعتز وفي رواية أخرى هو المعوّج، يقول: لا عيش إلا من كفّ ساقية ذات دلال، في طرفها مرضُ كأن الكأس حين تمزجها نجوم ليل تعلو.. وتنخفضُ فالاقتران بينهما ضروري، والمرض في عين الحسناء طبقاً لتقاليد الشعر القديم ليس هو الداء، وإنما هو الفتور الناعس الوسنان الذي يشير إلى شيء من الخفر والحياء، أما الكؤوس التي لا تحلو في تقديرهم إلا بالمزج والتفاعل والحركة فهي تبدو في تصورهم كأنها نجوم تتألق بين العلو تارة والانخفاض تارة أخرى. ويمعن الشاعر في وصف الساقيات فيقول بعضهم: وساقية كأن بمفرقيها أكاليلا على طبقات وردِ لها طيب المنى، وصفاء لون وحُمرة وجنة ومذاق شهدِ فتمتزج أوصاف الحمرة في ألوانها والأكاليل البيضاء والوردية المعقودة على مفرقيها، وكذلك في صفائها وحمرتها وعذوبة مذاقها بالساقية وما تقدمه. ويقول آخر: ماذا انتظارك باللذات والطرب قل للسقاة صلوا الأقداح بالنُّجبِ وأفرغوا الماء في راحٍ معتّقةٍ ما أحسن الفضة البيضاء في الذهب فيجمع كل اللذائذ من دون أن ينسى الموسيقى والطرب وصلة الأقداح بالنجب من السقاة والساقيات.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©