الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

العبادة والطعام يرسمان مشهد رمضان في الجزائر

العبادة والطعام يرسمان مشهد رمضان في الجزائر
6 يونيو 2016 20:51
مختار بوروينة (الجزائر) تستعيد الجزائر في شهر رمضان بهجتها بطعم خاص، يجمع العبادة والمتعة، ومن العلامات الأبرز لاستقبال الشهر الفضيل تنظيف المساجد وفرشها بالسجاد، وتزيينها بالأضواء، وإقبال العائلات على تنظيف البيوت وتزينيها واقتناء أوان منزلية جديدة، إضافة إلى الحرص على الحصول على أجود التوابل ومكونات الأطباق الرئيسة لمائدة الإفطار، فضلاً عن امتلاء المساجد بالمصلين، ما يعكس أجواء إيمانية خالصة. مظاهر السرور ما إن تذيع وسائل الإعلام خبر رؤية هلال رمضان بعد رصده في ليلة الشك من خلال هيئة تسمى اللجنة الوطنية للأهلة والمواقيت الشرعية، حتى ينتقل الخبر سريعاً، ويبدأ الجميع تلاوة القرآن الكريم، أو إذاعة آيات منه عبر مكبرات الصوت، ويتبع ذلك إلقاء بعض الدروس الدينية المتعلقة بهذه المناسبة، والشروع في أداء صلاة التراويح، حيث يقبل الناس على المساجد بكثرة لأدائها والحفاظ عليها رجالاً ونساء. وبقدر ما يهنئ الكبار بعضهم البعض بقدوم الشهر المبارك، تبدو مظاهر السرور والابتهاج بحلوله على الأطفال في الشوارع، وإن كان معظمهم لا يصومون، وإنما يحتفلون بشهر تكثر فيه الحلوى والمأكولات، وتجود به الأيدي بالنقود والعطايا والهبات خاصة لمن سيحتفلون بصوم رمضان للمرة الأولى من الصغار الذين يحظون بجو عائلي حميم، حيث يقوم الأهل بإعداد مشروب خاص من الماء والسكر والليمون يضعونه في إناء يسمى «الشربات»، ويضعون فيه خاتماً من ذهب أو فضة لترسيخ الصيام في قلوب الأطفال حسب اعتقادهم. كما يتحلق الأطفال برفقة الكبار في الشوارع والساحات العامة، خاصة التي يتم تنشيطها بعروض لفرق موسيقية محلية كون النشاط الثقافي والفني يستعيد وهجه خلال رمضان مع تسجيل الكثير من المبادرات على مستوى إحياء جلسات فنية طربية بالمقاهي العريقة عبر الولايات. اتساع الرقعة الجغرافية اتساع رقعة دولة الجزائر والتباعد بين أطرافها، حيث المسافة بين الجزائر العاصمة شمالاً وولاية تمنراست جنوباً تقطع في 4 ساعات طيران، جعل الإعلام بوقت المغرب يتخذ أشكالاً متعددة، إذ لم يعد يكفي الأذان من فوق منارات المساجد لإعلام الناس بدخول وقت المغرب، بل لجأ الناس إلى وسائل إضافية للإعلام بدخول وقت الإفطار، وذلك بالنفخ في بوق في اتجاه التجمعات السكانية في الوديان والقرى، وإذا صادف وجود مبنى قديم مرتفع فإن بعضهم يصعد إلى ظهر ذلك المبنى ويؤذن من فوقه ليصل صوته إلى أسماع الصائمين. في القرى النائية والبعيدة، يتابع الصائمون قرص الشمس ساعة المغيب ليتحروا وقت المغرب، ويُعلموا ذويهم بدخول وقت الإفطار، بل إن الكثير من أهل الجزائر يلجؤون إلى الاعتماد على الرؤية البصرية لغروب الشمس، كما يعمد آخرون إلى استخدام آلة تحدث صوتًا يشبه منبه السيارات، واسمها «لاسيران» والكلمة فرنسية الأصل، مثلما تجتهد النوادي العلمية في تطويع تقنيات التواصل الحديثة المرافقة لشبكات التغطية في الإبلاغ عبر الوسائط المتاحة. وطوال أيام الشهر المبارك تذاع تلاوات من القرآن الكريم عبر مكبرات الصوت في المساجد قبل المغرب بنصف ساعة، والجزائريون بعد ما كانوا يفضلون صوت القارئ الشيخ عبد الباسط عبد الصمد رحمه الله، صاروا يفضلون أصواتاً أخرى عبر الالتقاط الواسع لفضائيات القرآن، وظهور جيل من القراء الجزائريين يتقدمهم رياض الجزائري. أكلات أساسية الإفطار، عند الغالبية العظمى من الجزائريين أغنياء أو فقراء، يبدأ بالتمر والحليب، ثم تناول «الحريرة»، وهي من دقيق الشعير، أو تناول «الشوربة»، وقد تكون من معكرونة رقيقة جداً أو من حبات القمح شبه المطحون «فريك» يضاف إليها اللحم والخضراوات، وإلى جانبها توجد السَّلَطات بأنواعها، إضافة إلى «البوراك»، الذي لا تخلو منه موائد رمضان طوال الشهر. ومن المأكولات الشائعة عند أهل الجزائر «طاجين اللحم الحلو»، ويقدم في أيام مختلفة من شهر رمضان لكن لابد من تواجده في اليوم الأول على مائدة الإفطار، ومن لم يفعل ذلك فكأنه لم يُفطر، ويصنع من البرقوق المجفف، أو الزبيب مع اللوز ولحم الغنم أو الدجاج، ويضاف إليهما قليل من السكر، ويكون مرقه ثخيناً بكثافة العسل. وتتكون الوجبة الرئيسة في كل البيوت من الخضراوات واللحم، كطاجين «طبق الزيتون»، و«الظلمة» وهي عبارة عن لحم مفروم يحشى في قلب الخضراوات، و«المثوم» بمرق اللحم وقطعه مع حبات اللوز، ويحرص الجزائريون على تناولها مع أجود أنواع الخبز التقليدي كـ «المطلوع» و«خبز الكوشة» أو الخبز الطري المتشبّع بالسمن «اسكوبيدو» أو «مونيس». وبعد تناول طعام الإفطار، وبرفقة الشاي والقهوة، يأتي دور الحلوى وأشهرها حضوراً وقبولاً في هذه الشهر «قلب اللوز» وتصنع من الدقيق المخلوط بمسحوق اللوز أو الفول السوداني، ومسحوق الكاكاو، ويعجن هذا الخليط بزيت رفيع، وبعد تقسيمه إلى قطع، توضع على سطحه حبات اللوز، ثم يوضع في الفرن حتى ينضج، وبعد أن يبرد يغمس في العسل، وهناك من الجزائريين من يقطع عشرات الكيلومترات قاصداً المحال العريقة التي اشتهرت بصنعه، ومنها «السرير». ومن أنواع الحلوى الشهيرة في رمضان «المقروط»، ويتكون من السميد والتمر، وكذلك «الزلابية» ولها أنواع متعددة أشهرها «زلابية بوفاريك»، التي استعادت مكانتها بعد تراجع «زلابية التوانسة»، خاصة في بعض الولايات. برامج تضامنية من النشاطات المميزة في الشهر الكريم في الجزائر التضامن مع العائلات المحتاجة، حيث توزع البلديات «قفة رمضان»، وتفتح مطاعم إفطار جماعية تقدَّم لعابري السبيل والمحتاجين تحقيقًا للترابط الاجتماعي، إلى جانب انتشار إفطار الشباب الجزائري مع نزلاء دار المسنين، برعاية هيئات التضامن والهلال الأحمر والكشافة والكثير من المحسنين، يضاف إليها التحضير لمسابقات القرآن الكريم، والاحتفال بليلة القدر، وإقامة الدروس المحمدية بزاوية الشيخ بلقايد التي يحضرها علماء الدين من مختلف الدول الإسلامية والعربية.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©