الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أموال تغادر سوريا... الحجم والجهة!

أموال تغادر سوريا... الحجم والجهة!
10 مارس 2012
في بحثها عن أي إشارة لتصدع الطبقة الحاكمة في سوريا، تعقبت الولايات المتحدة ما تشتبه في أنه تحويل لملايين الدولارات من الأرصدة المالية إلى الخارج من قبل نخب مرتبطة بالرئيس بشار الأسد، لكن هذا التدفق المالي الذي رصدته الاستخبارات الأميركية يظل ضبابياً ويعوزه الوضوح، بحيث أفاد المسؤولون في الاستخبارات الأميركية عدم قدرتهم على تحديد قيمة الأموال ولا ماذا تعني بالتحديد؟ هل هي إشارة على انهيار الدائرة القريبة من الأسد، أم أن الأمر مجرد سعي من أثرياء سوريا لحماية أموالهم بتهريبها إلى الخارج؟ والحقيقة أن الجهود المبذولة لفهم مغزى نقل الأموال خارج سوريا يكشف إلى أي مدى تظل العديد من جوانب الثورة السورية غير واضحة بالنسبة للمراقب الخارجي، بما في ذلك وكالات الاستخبارات الأميركية، وذلك بعد مرور عام كامل على انطلاق الانتفاضة الرامية إلى إسقاط نظام الأسد في دمشق. فالمعلومات الاستخباراتية المتوافرة حول نظام الأسد ونواياه تظل شحيحة أو غير وافية، كما أن مكونات المعارضة السورية وقدراتها تبقى غامضة إلى حد بعيد، فيما المحللون الأميركيون غير قادرين على الوصول إلى إجابات محددة بشأن عدد من الأسئلة المعلقة، بما فيها مسؤولية تنظيم القاعدة في سلسلة التفجيرات التي هزت سوريا في الشهور الأخيرة. وفي هذا الصدد يقول النائب "مايك روجر"، رئيس لجنة الاستخبارات في مجلس النواب، إن "المعلومات حول سوريا لا يمكن الاعتماد عليها، وهي تأتي وتذهب، فالأمور في سوريا مركبة وتندرج في إطار المعلومات الاستخباراتية المتدنية". هذه الندرة في المعلومات الوافية عقدت من مأمورية إدارة أوباما التي تدرس حالياً إمكانية تسليح المعارضة السورية من عدمها، فحسب مسؤولين بارزين في وزارة الدفاع الأميركية فقد رخّص أوباما يوم الأربعاء الماضي للبنتاجون بوضع خطط لاحتمال التدخل في سوريا، لكن انقسام المعارضة السورية ومعارضة أطراف أساسية في المجتمع الدولي تقلل من احتمال التدخل العسكري، وهو ما عكسه وزير الدفاع، ليون بانيتا، بقوله أمام لجنة الاستماع في الكونجرس: "لا توجد إجابات سهلة، والنتيجة تنامي الإحباط والغصب اللذين نفهمهما". وبالإضافة إلى تعقب الأموال التي تخرج من سوريا، تبحث وكالات الاستخبارات الأميركية في الصور الملتقطة بالأقمار الصناعية والإشارات التي تم اعتراضها، لتعويض نقص المعلومات القادمة من الميدان في بلد اعتبر لفترة طويلة مفترق طرق للجواسيس. وبالنسبة لوكالات الاستخبارات الغربية المنتشرة في عدد من دول المنطقة التي شهدت انتفاضات، فإنها تواجه في سوريا إشكالات حقيقية للوصول إلى المعلومات، ففي ليبيا على سبيل المثال تمكنت وكالة الاستخبارات الأميركية في غضون الأسابيع الأولى لانطلاق الثورة من الدخول إلى البلد والتواصل مع جماعات الثوار للحصول على معلومات أولية ومباشرة، أما في سوريا التي لم تتمكن فيها المعارضة من السيطرة على أراض لفترة طويلة فتكتفي الولايات المتحدة بالتعاون مع أجهزة استخبارات الدول الصديقة في المنطقة. وعندما سئل مسؤول بارز في الاستخبارات الأميركية، رفض الكشف عن اسمه، عن الشركاء الذين يوفرون معلومات لأميركا قال إنهم كل السوريين الذين ترجح معارضتهم لنظام الأسد، مشيراً بالتحديد إلى بعض الدول بالاسم. وفي مجال جمع المعلومات، تتوخى وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية الحذر في الموضوع السوري، لأن دمشق خصم متطور في مكافحة التجسس، ولكونها أيضاً تتلقى دعماً مهماً من إيران. ورغم تكثيف المعارضة السورية لعملياتها، لم تحاول الوكالة إرسال فريق منها للاجتماع بعناصر "الجيش السوري الحر" في مدينة حمص بينما كانت قوات الأسد تزحف على المدينة. كما أن أميركا استنكفت عن إرسال طائرات بدون طيار خوفاً عليها من الدفاعات الجوية السورية القادرة على إسقاطها، مكتفيةً بمراقبة الوضع من علو شاهق. ويقر مسؤولون في البنتاجون أن أي تدخل عسكري في سوريا سيكون معقداً للغاية، وهو ما عبّر عنه رئيس هيئة الأركان المشتركة الجنرال "مارتن ديمبسي"، قائلاً: "سيستدعي التدخل العسكري وقتاً ممتداً وعدداً كبيراً من الطائرات". ولأن أغلب الدفاعات الجوية السورية توجد في مناطق مأهولة بالسكان، يخشى الخبراء من وقوع خسائر بشرية كبيرة في حالة التدخل العسكري. وعن إمكانية استمرار الأسد في السلطة، تباينت التقييمات الأميركية بين من اعتبر في البداية أن الأمر لن يتجاوز أسابيع وبين آخرين مثل مدير الاستخبارات الوطنية الأميركية، "جيمس كلابر"، قال في شهادته خلال الشهر الماضي أمام الكونجرس، إن الأسد قد يستمر في السلطة لفترة طويلة قادمة، مضيفاً: "هناك إشارات تدل على خطط طوارئ يقوم بها نظام الأسد، مثل إجلاء العائلات المقربة، وتحويل الموارد المالية إلى الخارج... إلا أنه إلى هذه اللحظة حافظ على تماسكه". ويبقى السؤال المتعلق بتفكك الدائرة المحيطة بالأسد مهماً بالنسبة للولايات المتحدة والجامعة العربية بعد العقوبات الاقتصادية المفروضة على النظام لدفعه إلى الانهيار. هذا ويعتمد الأسد في الدفاع عن نظامه وضمان استمراره على القمع الشرس للمعارضة من جهة، وعلى ضمان استفادة أقربائه وأفراد طائفته العلوية من امتيازات اقتصادية من جهة أخرى، وهو ما يؤكده "أندرو تابلر"، الخبير في الشؤون السورية بمعهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى، قائلاً: "تمثل الاستفادة الاقتصادية اللحمة الأساسية التي تجمع النظام، فهؤلاء الناس يجنون مكاسب تقدر بملايين الدولارات سنوياً، لذا هم يستثمرون في بقاء النظام، والمشكلة أننا لا نعرف طبيعة العلاقة بين تلك القلة المستفيدة ولا النقطة التي ينهارون عندها". جيرج ميلر محلل سياسي أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة "واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس"
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©