الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

إندونيسيا.. أزمة ماء و«بلاستيك»!

6 يونيو 2016 23:18
إندونيسيا تغرق في قمامة من البلاستيك. فالعبوات والأكواب الفارغة تلوث شواطئها والأكياس المهملة تسد ممراتها المائية، وتفيض بها صناديق النفايات. والأمور تتزايد سوءاً. وبحلول عام 2019، سيزيد ما تنتجه إندونيسيا من القمامة بنسبة نحو 5 في المئة عما كانت تنتجه في عام 2014، ونحو 15 في المئة من هذه القمامة سيكون من البلاستيك تحديداً. وقد أصبح علاج هذه المشكلة أولوية عند المشرعين. وفي فبراير الماضي، فرض البرلمان ضريبة على أكياس التسوق البلاستيكية. وهذا الشهر سيبحث تشريعاً متعلقاً بالحاويات البلاستيكية، ومنها عبوات مياه الشرب. إنه حل سهل، ولكن يرجح أن يتسبب أيضاً في مأساة أكبر بكثير. فإندونيسيا تعاني من مشكلة المياه الملوثة. وفي عام 2015، لم يستطع الحصول على المياه النظيفة إلا نصف سكان المدن، و2 في المئة فقط من سكان المناطق الحضرية يستفيدون من خدمات الصرف الصحي ومحطات معالجته. والتلوث الصناعي هائل، وفي المناطق الريفية نحو 37 مليون شخص يشربون من «موارد غير محمية»، بحسب وصف البنك الدولي. وغلي الماء يحل المشكلة غالباً في الريف. ولكن غليه لا يخلصه من المواد الكيماوية الضارة المرتبطة ببعض الأنشطة الصناعية في المدن، مما يترك سكان الحضر أمام عدد قليل من الخيارات الجيدة. وكثيرون يلجأون إلى المياه المعبأة وهم مضطرون لذلك. والطلب عليها كبير، ونحو 30 في المئة من السكان يعتمدون على المياه المعبأة بانتظام. وبين عامي 2009 و2014 زادت المبيعات بنسبة 12,5 في المئة سنوياً. وليس كل هذا النمو بسبب الحاجة الملحة وحدها، فالعاصمة جاكرتا فيها عدد من المطاعم الإيطالية التي تقدم مياه «بيليجرينو» الفوارة. ولكن مشكلة مياه الشرب تعتبر مثالًا آخر على النمو الحضري الذي تعجز الحكومة عن إدارته. وفشل الحكومة يتحول في الغالب إلى عبء على عاتق الفقراء. وفي جاوة الشرقية يكلف وصل أحد المنازل بشبكة المياه النظيفة ما بين 150 و300 دولار وهو عبء كبير بالنسبة لسكان الأحياء الفقيرة التي ربما يكسب فيها المرء عدداً قليلًا من الدولارات في اليوم. والذين لا يملكون هذا المبلغ دفعة واحدة يتعين عليهم الحصول على الماء من مكان آخر كاستجلابه من بئر، وقد لا تكون البئر مورداً آمناً تماماً، والحل الآخر هو شراء المياه المعبأة. وعلى المدى الطويل تكلف المياه المعبأة أموالًا أكبر بكثير من الاتصال بشبكة المياه النظيفة مما يلتهم قسطاً كبيراً من دخل الأسر الفقيرة. ونتيجة لهذا، فحتى فرض ضريبة متواضعة على عبوات البلاستيك قد يضر بشكل كبير بالصحة العامة. ففرض ضريبة بقيمة سنتين على الأكياس البلاستيكية من شأنه أن يتسبب في تراجع بنسبة 25 في المئة في استخدامها في المتاجر، وفقاً لوزارة البيئة الإندونيسية. وهذا رائع، ولكن تراجعاً مشابهاً في استخدام عبوات المياه قد تكون له عواقب وخيمة. فمع الأخذ في الاعتبار أن نحو ربع وفيات أطفال إندونيسيا تحت عمر خمس سنوات سببها أمراض الإسهال ومعظمها ناتج عن المياه غير النظيفة، فإن معدل الوفيات هذا سيتفاقم. وفي نهاية المطاف، فكي لا تأتي الحماية البيئية على حساب الفقراء، فإن هذا يتطلب نهجاً يتجاوز مجرد الحلول السريعة. والحكومة تعلم هذا، ومنذ عام 2000، قطعت شوطاً ملموساً في إنجاز هدفها بحصول كل مواطنيها على المياه النظيفة وخدمات الصرف الصحي. ولكن الحكومة تحتاج إلى أكثر من 57 مليار دولار لإنهاء هذا العمل. وهذا لن يكون سهلًا. ولكن في الوقت نفسه، يمكن اتباع إجراءات أخرى أسهل بكثير. وأسرع وأرخص طريق هو دعم المنتجات غير الملوثة للبيئة التي تستخدم في المنازل. فزجاجة من محلول مضاد للميكروبات تكلف 30 سنتاً ويمكنها تطهير ما تحتاج إليه أسرة في المتوسط لشهر كامل. ولذا فإن على الحكومة الإندونيسية دعم الحلول التي تركز على الأسر والمجتمعات المحلية مثل تحسين التعليم والوعي بشأن النظافة مع تطوير بنية تحتية جيدة للمياه النظيفة على فترة زمنية أطول. وهذه طريقة أفضل لتقليص التلوث بدلًا من فرض ضريبة ارتدادية على عبوات المياه. إنها وسيلة فعالة ستوفر المال وتنقذ أرواحاً أيضاً. * كاتب أميركي مقيم في آسيا ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©