الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

قاعدة البحر الأسود... عودة أوكرانيا للنفوذ الروسي

قاعدة البحر الأسود... عودة أوكرانيا للنفوذ الروسي
29 ابريل 2010 00:09
فيليب بان موسكو التأثير المحدود للقرار الذي اتخذته أوكرانيا باستضافة قاعدة بحرية روسية لخمس وعشرين سنة أخرى على التوازن العسكري في البحر الأسود مقابل الحصول على الغاز الطبيعي بأسعار منخفضة، وهي الصفقة التي صادق عليها البرلمان يوم الثلاثاء الماضي وسط عراك وتراشق بالبيض، يطرح في الوقت نفسه العديد من التحديات بالنسبة للأهداف الأميركية في المنطقة، فقد سارعت وزيرة الخارجية الأميركية، إلى التقليل من أهمية المعاهدة بين أوكرانيا وروسيا قائلة إنها تندرج في إطار الجهود التي يبذلها الرئيس الأوكراني، فيكتور يانكوفيتش، لتحسين العلاقات مع روسيا والولايات المتحدة بحثاً عن" توازن نفهمه تماماً". غير أن محاولة هيلاري التطمينية لا تخفي حسب المراقبين احتمالات إضرار المعاهدة بالمساعي الغربية الرامية إلى تأمين التحول الديمقراطي في أوكرانيا، لا سيما تأثير المعاهدة على الإصلاحات المرتقبة في قطاع الطاقة، الذي ينخره الفساد، وما قد تسببه أيضاً من صراع داخلي يرجع البلاد إلى سنوات الاضطراب السياسي. هذا ويحذر البعض الآخر من أن الصفقة بين البلدين قد تعزز مواقف الفريق الداعي إلى استعادة النفوذ الروسي في أوكرانيا وباقي الدول المجاورة، وهو ما سيعقد خطط حلف شمال الأطلسي باستخدام البحر الأسود كقاعدة ضد خصوم محتملين في الشرق الأوسط وآسيا الوسطى، لا سيما وأن وزارة الدفاع الأميركية سبق أن اقترحت نشر صواريخ ضد إيران على متن سفن حربية في البحر الأسود. وخلال زيارته إلى كييف قبيل المصادقة على الاتفاقية رحب فلاديمير بوتين، بالصفقة معتبراً أنها تمثل اختراقاً حقيقياً في العلاقات الروسية-الأوكرانية، مذكراً في الوقت نفسه بالأموال التي تخلت عنها روسيا للاحتفاظ بأسطولها في "سيفاستوبول" على الطرف الجنوبي من شبه جزيرة "كريميان" الأوكرانية. وأوضح بوتين قائلًا "لقد بدا السعر المقترح مرتفعاً للغاية"، مضيفاً أن الخصم الذي حصلت عليه أوكرانيا لتأمين مشترياتها من الغاز الطبيعي الروسي يتراوح بين 40 و45 مليار دولار ستستفيد منها كييف، حيث أكد أن هذه المبالغ "كانت ستسمح لروسيا ببناء قواعد عديدة، لكن المسألة بالنسبة لنا هي تطوير علاقات التعاون مع أوكرانيا بعيداً عن الجوانب المالية". لكن أوكرانيا التي هزتها الأزمة الاقتصادية العالمية، وعانت من ركود حاد دفعها إلى طلب مساعدة صندوق النقد الدولي لإنقاذها لم تكن على الأرجح قادرة على دفع السعر الذي طلبته روسيا في البداية مقابل الحصول على الغاز الطبيعي، ومع ذلك يرى المراقبون أن أوكرانيا كانت قادرة على التفاوض على سعر أفضل، حتى دون تقديم تنازل فيما يتعلق بالقاعدة البحرية وذلك فقط بإشهار ورقة أنابيب النقل التي تمر من أراضيها وتعتمد عليها روسيا لإيصال الطاقة إلى أوروبا. وبموجب الاتفاقية تحصل أوكرانيا على خصم يصل إلى 30 في المئة من السعر الأصلي الموقع في اتفاقية سابقة مع روسيا أبرمت في العام الماضي، وتعرضت للكثير من المشاكل أدت في إلى وقف الكريملن إمدادات الغاز إلى أوروبا. لكن الأسعار الأصلية كما وردت في العقد كانت حسب "إدوارد شو"، الباحث في مركز الدراسات الدولية والاستراتيجية، مرتفعة إلى درجة أن الخصم الحالي فقط أرجعها إلى سعر السوق الحالي، قائلا "لقد تنازلوا عن شيء-القاعدة البحرية- مقابل الحصول على ما كانوا يستحقونه منذ البداية"، مشيراً إلى أن روسيا أبرمت اتفاقيات أخرى مع دول أوروبية بأسعار منخفضة بسبب تراجع الطلب في سوق الطاقة. ويقول "شو" إن الاتفاقية مع أوكرانيا هي الأخيرة في سلسلة صفقات استفاد منها رجال الصناعة المتنفذون في أوكرانيا، وحال دون الاستمرار في عملية الإصلاح وتطهير قطاع الطاقة من الفساد الذي بدوره يمول السياسيين، وعلى غرار الاتفاقيات السابقة يحذر "شو" من أن الأخيرة قد لا تستمر طويلاً وقد تهدد إمدادات الغاز إلى أوروبا، فعلى سبيل المثال تفرض الاتفاقية على أوكرانيا الالتزام بشراء مزيد من الغاز الطبيعي الروسي خلال السنوات المقبلة، ربما أكثر من حاجتها، دون أن تلزم روسيا باستخدام أنابيب النقل الأوكرانية في ظل إعلان الكريملن عن خطط لمد أنابيب نقل جديدة تتجاوز أوكرانيا. وفي السياق نفسه حذر "ديفيد كرامر"، أحد المسؤولين السابقين في إدارة بوش والباحث بـ"صندوق مارشال الألماني" أن الاتفاق قد "يغذي أسوأ الغرائز القابعة في النفسية الروسية حول الاتحاد السوفييتي السابق"، لا سيما بعد الانتفاضة التي شهدتها قيرغيزستان وأطاحت بالحكومة التي كانت معارضة للكريملن"، مضيفاً أن "الروس قد يشعرون بالثقة ويشتطون في تكريس نفوذهم بالمنطقة بطريقة تأتي بنتائج عكسية"، لكنه أكد أن المشكلة الحقيقية هي تلك التي تعرفها أوكرانيا من خلال الاستقطاب الذي ستحدثه الاتفاقية في الساحة الداخلية ما سيصعب من مأمورية الرئيس "يانوكوفيتش" في الحكم. وقد كان واضحاً شدة التوتر السياسي الذي أحدثته اتفاقية تمديد القاعدة البحرية الروسية إلى 2042 عندما اندلعت يوم الثلاثاء الماضي معركة داخل البرلمان الأوكراني قام فيها المعارضون برشق رئيس البرلمان بالبيض، وتبادل اللكمات لتنتهي الجلسة في الأخير بتمرير أغلبية الرئيس البرلمانية لقانون المالية الذي سيمهد الطريق أمام أوكرانيا للحصول على قروض من صندوق النقد الدولي. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©