السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

يوم في «حياة جندي إماراتي»

يوم في «حياة جندي إماراتي»
7 يونيو 2016 09:21
عمر الأحمد (أبوظبي) «لا تقول الذّاكرة إلا الأشياء التي تعيها»، كما أن «عظمة الأوطان تقاس بما تصنعه عقول وسواعد أبنائها».. هكذا قالوا، وهكذا جاءت حكايات المواطن عبدالله يوسف الخوري، الموظّف في إحدى الدوائر المحلية بأبوظبي، عن الفترة التي عاشها في «مصنع» الخدمة الوطنية، كما يحلو له أن يسمّيها. «زادت الإمارات بهاءً في ناظري، فأحببتها كحبّي لنفسي وأسرتي، وأكثر. استشعرت أنني أستمد انتمائي وكياني الإنساني منها».. بهذه الكلمات يبدأ الخوري حديثه لـ«الاتحاد». ويضيف: «أيام وليالٍ فارقة عشتها، تركت آثارها على حياتي، وشخصيتي ووجداني، فقد عرفت أن الوطن هو أثمن ما في الوجود، عرفت قدسية ترابه، وسمائه، وغيومه، شمسه، قمره، سهوله، طيوره، أشجاره، زهوره، مكاسبه، مستقبله»، مشدداً على أنه لن يتردد، في العودة إلى أحضان «الخدمة الوطنية»، إن أتيحت له الفرصة مرة أخرى. ويؤكد أن أهم درس تعلمه من «الخدمة الوطنية»، هو أنها جعلته أكثر التصاقاً بحاضر ومستقبل الإمارات، متحصناً ضد كل الدعاوى والأفكار الهدامة، مستعداً للذود عن البلاد. ويبدأ الخوري في سرد رحلته «الوطنية» من تاريخ التحاقه ككل شباب الوطن الذين انطبقت عليهم شروط الالتحاق بالخدمة الوطنية. بداية، يقول عبدالله الخوري: القانون الاتحادي الذي أصدره صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، بشأن الخدمة الوطنية والاحتياطية، الذي جاء تأكيداً لما ورد في المادة 43 من دستور الدولة، التي تنص على أن الدفاع عن الاتحاد فرض مقدس على كل مواطن، وأن أداء الخدمة العسكرية شرف للمواطنين، جاء من قيادة حكيمة تستشعر الحاضر وتستشرف المستقبل. ويضيف: كم كنت أتطلع إلى صدور هذا القانون، شأني شأن كل أصدقائي، فقد سعدنا به كثيراً، خاصة حينما علمت أنني ضمن الفئة المشمولة به. ويعلل سبب فرحته بالقول: إن من لا يكنّ الانتماء للأرض التي تربى عليها هو وآباؤه وأجداده، ليس له الحق في أن يحمل جنسيتها ويأكل من خيرها، ويحيا على أرضها وبين أهلها. ويضيف: الإمارات هي الأمّ التي ترعانا ونرعاها، والأسرة التي ننعم بدفئها، فلا معنى للأسرة دون وطن، لأنه يمثل الأمن والسكينة، ومن ثم فإنه الانتماء، والوفاء، والتضحية، والفداء، بالنسبة لي ولأقراني. رسالة ويضيف «عندما فتحت القوات المسلحة المجال للشباب للتسجيل في الدفعة الثانية، توجهت مباشرةً لـ«معسكر آل نهيان» للتسجيل وتحديد الموقف، حيث التقيت أصدقائي الذين يشملهم القرار». اليوم الأول يتذكر الخوري اليوم الأول الذي توجه فيه إلى المعسكر، ويقول: كان يوم سبت، يوافق 20-12-2014، ففي الصباح ودعت أهلي وزوجتي وأبنائي يوسف وخالد، وغادة، للالتحاق بالدفعة الثانية لمجندي الخدمة الوطنية. وصلت إلى معسكر ليوا، حيث كان أفراد القوات المسلحة في استقبالنا، تم تفتيشنا وتفيتشت حقائبنا، وأخذت الهواتف المتحركة التي تحتوي على كاميرات، ثم تم توزيعنا، وأخذ بيناتنا. وعن أول ما لفت نظره، يوضح: كان لافتاً اهتمام اللواء الركن طيار الشيخ أحمد بن طحنون آل نهيان رئيس هيئة الخدمة الوطنية والاحتياطية، الذي فاجأنا بزيارة أثلجت صدورنا، وألقى على مسامعنا كلمة، لا يزال وقعها في أذني حتى الآن، وكان لها الأثر الكبير في رفع معنوياتنا جميعاً، واستشعار حجم المسؤولية الملقاة على عواتقنا. ويكمل حديثه بالقول: توجهنا بشكل مشاة عسكرية إلى غرفنا لترتيب الأسرّة وخزائن الملابس. ويضيف: كانت ملامح المعسكر و«البندرة» جديدة علينا جميعاً، فلم نعتد على الذهاب من مكان إلى آخر بالمشاة العسكرية، كما لم نعهد «البندرة»، وكان لافتاً أننا لا نقوم أو نجلس إلا بعد أن نهتف بلفظ الجلالة «الله»، كما أننا لا نجرؤ على البدء في تناول وجبة الطعام إلا بأمر المدرب، الذي يشير إليه بقوله: «بسم الله». وبابتسامة يضيف: ما إن قال المدرب «بسم الله» إلا وبدأنا في الأكل، لكن بعد دقيقتين هتف: «الحمدلله»، معلناً انتهاء تناول الوجبة. ويتابع: ثم عدنا إلى الغرف بالمشاه العسكرية، وفي المساء، عدنا إلى «البندرة» لتناول وجبة العشاء، وبعد انتهائها نبهنا أحد المدربين بوجوب إطفاء الأنوار والنوم عند الساعة 10 مساءً. البداية فجراً ويستكمل حديثه: «في تمام الساعة 4 فجراً من اليوم التالي، دخل أحد المدربين للغرفة ليوقظنا، استيقظنا جميعاً وتحركنا بسرعة إلى الحمامات، حيث إنه يجب علينا ترتيب أسرّتنا وتنظيف الغرفة وارتداء الملابس الرياضية والخروج للاصطفاف في الطابور أمام الغرفة في وقت محدود». ويقول: توجّهنا إلى صلاة الفجر في مسجد المعسكر، وجلسنا فيه قبل أذان الفجر، أفرحني كثيراً اكتظاظ المسجد بالمجندين حتى قبل أذان الفجر بل إنه امتلأ بشكل كامل عند إقامة الصلاة مما اضطر البعض للصلاة خارج المسجد. ويسترسل: بعد الصلاة، شكلنا طابوراً، وتوجهنا إلى الميدان لانضمام للحصص الرياضية، وكان المدربون المتخصصون في الرياضة بانتظارنا، حيث رحبوا بنا وعرفوا عن أنفسهم، وبدأنا الحصص الرياضية والتي كانت صعبة بعض الشيء. ويتابع: بعد انتهاء الحصص، توجهنا إلى غرفنا لتبديل ملابسنا وارتداء اللباس العسكري والاصطفاف خارج الغرف في وقت محدد وقصير. يقول الخوري: بعد تبديل ملابسنا، شكلنا طابوراً خارج الغرفة، استعداداً للذهاب إلى «البندرة» لتناول وجبة الإفطار، الغنية بالبروتينات، ثم توجهنا مرة أخرى إلى الميدان. وفي هذا السياق، يقول الخوري: حضرنا حصص المشاة، وتعرفنا من خلالها على كيفية أداء التحية العسكرية، والوقوف في الطابور العسكري. محاضرات ويشير إلى دور المحاضرات، بالقول: بعد الانتهاء من حصص المشاة، توجهنا إلى القاعات لحضور محاضرة دينية والتي ساهمت في غرس مفاهيم الوطنية وحب الوطن من المنظور الديني، وتعرفنا على دروس من حياة الرسول، عليه الصلاة والسلام وصحابته الكرام في حب الوطن والدفاع عنه. ويتابع: ثم حضرنا محاضرة أخرى في التاريخ المشرف للجيش الإماراتي والتعرف إلى إسهاماته في مشاركاته الدولية في إرساء دعائم السلام في مختلف المحافل الدولية. استخدام السلاح ويتحدث عن تعلّمه استخدام السلاح، بالقول: بعد الانتهاء من المحاضرات، توجهنا إلى المسجد استعداداً لأداء صلاة الظهر، ثم توجهنا إلى «البندرة» لتناول وجبة الغداء، ثم إلى خزائن الأسلحة لاستلام السلاح استعداداً للحصص، والتي تبدأ بـ«احتياط الأمان»، وهي طريقة وقائية تستخدم لتفريغ السلاح من أي ذخيرة قبل إعطاء أي درس عنه. الرماية عن تجربته في الرماية، يقول: بعد مدة من دخولنا المعسكر، بدأنا بتدريبات «الرماية»، التي كانت من أصعب التمارين، فقد كنا نخرج فجراً من المعسكر نمشي مسافة طويلة باتجاه ميدان الرماية حاملين السلاح ومرتدين «البيكات» (الصدرية العسكرية) والخوذة، ثم نأخذ شرحاً نظرياً قبل البدء بالتمرين العملي والذي يتطلب للياقة بدنية وجري في وقت محدد وقصير. ويوضح: كان علينا تعلم الرمي في 3 وضعيات: وقوفاً، جلوساً، رقوداً، بينما كان الكثير منا لم يحمل سلاحاً في حياته، وكانت هذه هي المرة الأولى التي نلمس فيها سلاحاً بذخيرة حية. مهارات ويذكر أن الخدمة الوطنية أكسبته ثقافة عسكرية ومهارات كان يتمناها، مشيراً إلى أهمية اتباع الأوامر والنظام. ويقول: في السابق لم تكن لدي دراية بالشؤون العسكرية كالرتب والتحية. وتعلمت الكثير عن السلاح وكيفية فكه وتركيبه واستخدامه وعن الجانب التثقيفي، يقول: ساهمت محاضرات الخدمة الوطنية في تعزيز الحس الوطني وصد التيارات المسمومة والتي تهدف إلى زعزعة أمن واستقرار الدول العربية والإسلامية، كما أسهمت محاضرات الخدمة الوطنية في فهم أهمية خدمة الوطن من الجانب الديني.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©