الأربعاء 17 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

حملة «بريكسيت».. وظلال الشكوك

1 ابريل 2018 23:22
شارك «شامير ساني» في حملة الدعاية للخروج البريطاني (بريكسيت)، وهو قرار بريطانيا التاريخي والمرهق حتى الآن لترك الاتحاد الأوروبي. وساني شاب بريطاني باكستاني مسلم يدرس الاقتصاد في الجامعة ويحب تقاليع الموضة، ومن الليبراليين على الطريقة الأميركية، ومن «المتشككين في الاتحاد الأوروبي» بشدة. وهو لا يريد تقليص الهجرة إلى المملكة المتحدة، بل يريد المزيد منها. ولكنه يريد أن تكون لندن هي صاحبة السيادة وليس بروكسل. ويصف نفسه بأنه من «المستخفين بالسلطة»! وكان ساني من قبل متطوعاً مغموراً من طلاب الجامعة، أما الآن فأصبح في صدارة نشرات الأنباء في بريطانيا، باعتباره مثيراً للشائعات، بعد أن زعم أن المشاركين في الحملة المؤيدة للخروج البريطاني في عام 2016 «غشوا». وتحديداً، أن جماعة بارزة يقودها المحافظون، ومن بينهم وزير الخارجية الحالي بوريس جونسون، انتهكت قوانين الانتخابات في تنسيق الحملات بين جماعات متحالفة للتحايل على حدود إنفاق الحملة. والشركة السياسية محور الجدل هي «اجريجيت آي. كيو»، وهي شركة كندية صغيرة لها علاقة وثيقة بشركة «كامبريدج أناليتكا» التي أدارت حملة الرئيس دونالد ترامب الرقمية الناجحة، والتي تمثل جزءاً محورياً من فضيحة «فيسبوك» بشأن تقاسم المعلومات، والتي كلفت شركة التواصل الاجتماعي العملاقة 80 مليار دولار من قيمتها في السوق. والخلاف الذي دار على امتداد أسبوع بشأن التورط في هذا الغش وكيفيته في التصويت على الخروج البريطاني عام 2016، أوقع في حبائله سريعاً رئيسة الوزراء البريطانية تريزا ماي ودائرتها الداخلية. وكان ستيفن باركينسون، وهو السكرتير السياسي لماي، من كبار المشاركين في حملة التصويت للخروج البريطاني. وهو أيضاً صديق ساني السابق وهو متهم حالياً بإعلان مثلية ساني الجنسية. واعتبر ساني أن إعلان مثليته الجنسية يمثل انتقاماً ومحاولة لإخراس صوته، لأن تصريح باركينسون قد يعرض أفراد أسرته في باكستان للخطر بسبب حرمة المثلية الجنسية هناك. وتعين على ساني المسارعة نحو والدته التي تعيش في لندن ليعلن لها عن هويته الجنسية. وصرح لـ«واشنطن بوست» قائلاً: «كان أسوأ يوم في حياتي». لكن باركينسون أشار إلى أن الكشف عن الأمر كان ضرورياً لتبرئة ساحته. وذكر باركينسون في تصريحاته أنه لم يفعل شيئاً خطأ، لكنه نصح ساني فقط باعتباره صديقاً وليس كزميل في حملة الدعاية. ودافعت ماي عن معاونها في البرلمان مؤكدة أن التصريح كان «شخصياً» رغم أن رسالة البريد الإلكتروني التي أرسلها المكتب الصحفي لماي إلى الصحفيين تضمنت في سطر الموضوع كلمة «رسمي» بالحروف الكبيرة. ووُصف الاتهام بعملية التنسيق والإنفاق المشتبه بهما في الحملة بأنه «شجار بين عشاق» وأمر مبالغ فيه تماماً. والاتهام تمت المبالغة فيه أيضاً باعتباره مفاجأة تدعو للتشكك ليس فقط في قرار مغادرة الاتحاد الأوروبي، ولكن أيضاً في نزاهة التحرك البريطاني وقيمة الديمقراطية. وتعود القصة إلى أنه مع اقتراب نهاية أيام حملة التصويت للخروج البريطاني عام 2016، انتقل ساني وصديقه دارين جرايمز من متطوعين بلا أجر بدوام جزئي في جماعة (فوت ليف)، «صوت للمغادرة»، بزعامة جونسون ومايكل جوف (وزير العدل السابق) ليصبحا زعيمي جماعة خاصة بهما متحالفة يُطلق عليها «بي. ليف» (لتكن المغادرة). وكان ساني وجرايمز في الثانية والعشرين من العمر، وكانت هذه أول حملة سياسية يشاركان فيها. وقاما بالتواصل، ولكن كان لديهما عدد قليل من المتابعين ومن عناوين البريد الإلكتروني للمؤيدين على الإنترنت. ويتذكر ساني قائلاً: «كنا متحمسين وملتزمين واعتقدنا أننا بارعان. ولكنني أعتقد أنه قد تم استغلالنا». ورغم أن القانون البريطاني يحظر التنسيق بين الحملات، فقد ذكر ساني أنه وجرايمز كانا يتخذان من مقر حملة «صوّت للمغادرة» مقراً لهما وأنهما حصلا على النصح من العاملين فيها، ومنهم كبير مستشاري ماي الآن، باركينسون، واعتمدا على محامي حملة «صوت للمغادرة» الذي ساعدهم في تكوين جماعة «لتكن المغادرة». واسترسل ساني قائلاً إنه بعد أن طُلب منه إنشاء حساب مصرفي، علمت جماعته أنها ستحصل على 878 ألف دولار من التبرعات من منظمة «صوت للمغادرة»، وهو ما كان يتعارض في وقتها مع حدود إنفاق الحملات. وأضاف ساني أن المال لم يذهب قط إلى حساب جماعته، بل ذهب مباشرة إلى شركة «اجريجيت آي. كيو» لاستهداف الناخبين في الأسبوع الأخير من الحملة برسائل موجهة على مواقع التواصل الاجتماعي. وكانت شركة «اجريجيت آي. كيو» تقوم بعمل مشابه لحملة «صوت للمغادرة»، وفقاً لتقارير تمويل الحملة التي نشرها للمرة الأولى موقع «بظفيد» في أعقاب الاستفتاء. وأقر كريستوفر ويلي مدير البحث السابق لشركة «كامبريدج أناليتكا»، والذي أصبح من مثيري الإشاعات أمام لجنة الإعلام في البرلمان البريطاني، أنه ساعد في إنشاء «اجريجيت آي. كيو.» وأن الشركة خلطت التمويل والعمل لجماعتي «صوت للمغادرة» و«لتكن المغادرة» في انتهاك لقوانين الانتخابات. وتساءل ويلي أمام البرلمان: «إذا سمحنا بالغش في عمليتنا الديمقراطية، فماذا عن المرة المقبلة؟ ماذا عن المرة التالية لهذه؟ هذا انتهاك للقانون». وذكرت «اجريجيت آي. كيو» في بياناتها أنها لم تفعل شيئاً خطأ وأنها اتبعت القانون. ورفض دومينيك كامينجز، مدير حملة «صوت للمغادرة»، تلبية طلب إجراء مقابلة معه، ولكنه كتب على مدونته أن مثيري الشائعات «وعدوا بفضيحة بحجم ووترجيت، ولكنهم قدموا كوميديا مراوغة.. فالتبرعات لحملة صوت للمغادرة كانت قانونية واللجنة الانتخابية أعطتنا تصريحاً مكتوباً، وكذب مثيري الشائعات يمكن إثباته، ونحن نغادر في غضون عام، وهذه النميمة العرجاء لن تصبح حتى هامشاً تاريخياً». ووصف وزير الخارجية البريطاني جونسون الاتهامات بشأن التنسيق غير القانوني بأنها «سخيفة تماماً»، وكتب على تويتر قائلاً إن حملة «صوت للمغادرة فازت بنزاهة وبقوة وبشكل قانوني». واحتدم الجدل بين المشرعين بشأن الانتهاكات المزعومة لقانون الانتخابات. وأشار بن برادشو المشرع عن حزب العمال، إلى أنه حين بدأ يثير الشكوك بشأن التصويت على الخروج، كان يعتبر «موسوساً»، ولكن الآن كل مزاعمه تقريباً «ثبت أنها صحيحة. والأمر لا يتعلق بمن فاز أو خسر الاستفتاء. الأمر يتعلق بنزاهة وسلامة ديمقراطيتنا ونظامنا الانتخابي». ومضى برادشو يقول إنه «مشين» أن يعلن السكرتير السياسي لماي مثلية ساني الجنسية. وأضاف برادشو: «إنني مندهش من أن الرجل ما زال في عمله. هذا غير مقبول بالمرة». وذكرت وزيرة الدولة كلو سميث في ختام الجدل، أنها لن تعلق على اتهامات ما زالت تخضع للتحقيق. وأضافت أن اللجنة الانتخابية، وهي الجهة الرقابية على الانتخابات، توصلت إلى أن التصويت على الخروج البريطاني تم دون أي قضايا كبيرة، وأن الحكومة ستطبق النتائج. ويرى محللون سياسيون أن اتهامات الغش المالي ستمثل أداة دعم لمؤيدي الاتحاد الأوروبي الذين يحرصون على إلقاء الشكوك على مشروعية استفتاء الخروج الذي صوت فيه البريطانيون بواقع 52% لصالح الخروج و48% لصالح البقاء في التكتل. ويعتقد تيم بيل، أستاذ العلوم السياسية في جامعة كوين ماري في لندن «أنها تساعد في إبقاء إجراء استفتاء ثانٍ على قائمة الأولويات، لكنها لن تكون الشيء الذي يؤدي فعلاً إلى هذا الاستفتاء». وأضاف: «الشيء الوحيد الذي سيؤدي إلى هذا الاستفتاء هو أن يشعر المشرعون في البرلمان بأن الصفقة تمثل كارثة وأن الرأي العام بدأ يتحول». ويرى أن المزاعم بأن التصويت على الخروج ربما تم الفوز به عن طريق التزوير قد يكون أمراً مبالغاً فيه. ومضى يقول: «ما زال الشعور السائد هو أن اختيار المغادرة كان سيفوز دون أي تلاعب». *رئيس مكتب «واشنطن بوست» في لندن ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©