الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

العلاقة النموذجية ·· والقرار الصعب

العلاقة النموذجية ·· والقرار الصعب
19 يناير 2009 00:33
المشكلة أنا فتاة جامعية تخرجت العام الماضي، نشأت في أسرة طيبة محافظة، وميسورة الحال، ولديّ شقيق وشقيقة أكبر مني متزوجان، وأحمد الله أنني حتى اليوم لا يوجد في حياتنا أية مشاكل على الإطلاق، وأحظى بحب وتقدير كبيرين من أسرتي· المهم·· أنني بعد عامي الجامعي الأول، تعرفت على زميل لي، فرض نفسه عليّ بشخصيته وجرأته وثقته في نفسه التي تتوج وسامته وأخلاقه العالية، ولم يتردد بمصارحتي أنه كان يراقبني طيلة سنة كاملة، وأنه سأل عني، ويريد أن يتقدم إليّ بشكل رسمي، ونظراً لأنني لا أعترف بمثل هذه العلاقات بين الزملاء، كنت حاسمة معه بأن ليس هناك طريق إلا طريق الأسرة والأهل، وبالفعل لم يتردد في مقابلة شقيقي الأكبر، ثم والدي، وطلبني منهما بشكل رسمي، في الوقت الذي صارح أهله في الأمر، ونظراً للثقة الكبيرة التي أودعها والده فيه، أبلغني أن والده على استعداد تام لتأييد إصراره على إتمام الخطبة، ولم يجد والدي بداً إلا الموافقة على استقبال والده، وليناقشه في الأمر، لأنه مقتنع تماماً بأنه لا يجوز أن يخطبني شاب لايزال طالباً مهماً كان أمره، وبالفعل حضر والده، وتوافقت الآراء على أن نبقى شبه مخطوبين، وننتظر حتى التخرج ويلتحق ذلك الشاب بعمل مناسب، ثم تتم الخطبة رسمياً، وبقينا على هذه الحال ثلاث سنوات، كل منا يبادل الآخر الاحترام والتقدير قبل المشاعر، ومازاد إعجابي وحبي له، كونه شابا متفتحا ومثقفا ومتدينا وخلوقا جداً، ولا يخفي صرامته إزاء المحافظة على العادات والتقاليد والتمسك بالقيم، ولم يصدر عنه طيلة هذه المدة ما يخيفني أو يبعدني عنه، بل على العكس تماماً، أتاحت السنوات الثلاث فرصاً كافية للطرفين دراسة كل طرف للآخر بدقة وهدوء، وموضوعية ومكاشفة، ظل هو على علاقته الودية مع والدي وشقيقي، بينما تعرفت أنا على والدته وشقيقته وأسرته، ولا أجد ما يوجز رأيي فيهم جميعهم سوى أنني تمنيت ودعوت في كل وقت وكل صلاة وكل عمرة أؤديها أن أكون واحدة من هذه الأسرة الكريمة التي غمرتني بالحب والقبول والألفة، في الوقت الذي ظلت علاقتنا بالجامعة علاقة زمالة فقط، ولا تزيد عن التحية والحديث التقليدي بين الزملاء، وإن كان هناك حوار عبر الهاتف من بين حين وآخر بعلم الأسرتين، والجميع يترقب التخرج حتى نعلن الخطبة· ·· لم يخل الأمر من سوء تفاهم، كان في معظمه، تشدده واصراره على آرائه التي تعكس رجولة وشهامة مبكرة لا أجد لها نظيرا، وإن كان يتطرف في الكثير من آرائه تجاه الشدة والانضباط والالتزام، لكن في مجمله كان شاباً رائعاً بكل المقاييس· ·· تخرجنا، ولم تمر أيام قليلة حتى التحق بوظيفة جيدة في إحدى الشركات وبمرتب جيد، وإن كانت ظروفه المالية والأسرية جيدة جداً، إلا أن الجميع قد اتفق على أهمية حصوله على عمل أولاً، وبعد ثلاثة أشهر، لم يكن هناك ما يمنع من إتمام الخطبة في احتفال عائلي رائع· ·· سارت الأمور بشكل طبيعي، وانتهى والد خطيبي من شراء شقة الزوجية، وباشر هو في إعدادها وتجهيزها، ولم يكن ذلك الأمر يمثل أدنى مشكلة لمقدرة أسرته المادية، في الوقت الذي رفض فيه أن نبدأ حياتنا الزوجية في الشقة التي اشتراها لي والدي، وأصر على أن يبدأ حياته في شقته، وفي هذه الأثناء حدثت مشكلة له في العمل، أصر هو بعدها أن يترك هذه الشركة، لأن الجو العام بها يضعه أمام طريق الحرام، وهو الأمر الذي يجعله يترك أي شيء إذا كان به شبهة بسيطة نحو الحرام، ولم تفلح الجهود لاثنائه عن رأيه، ولأن الجميع متفق على أنه على صواب· ···انتظر خطيبي حوالي ستة أشهر يبحث فيها عن عمل جديد، وحاول تأسيس شركة خاصة به، لكن الأمور لم تسر كما يريد هو، وأصبح عصبياً وغاضباً معظم الوقت، وتتسم تصرفاته بالعصبية أحياناً كثيرة، وظهرت بعض الخلافات بيننا، وكانت في مجملها بسبب عصبيته الزائدة واستعجاله النجاح، وبدأت أشعر أن خطبتي تضغط عليه، أو أنني أمثل عبئاً عليه في مثل هذه الظروف، وحاولت أن أفهم موقفه، لكنه بدأ يلمح إلى أنه يرى أننا يجب أن نفك الخطبة إلى أن ينجح في الحصول على عمل مناسب، وأن يجتاز أزمته، وأمام هذه الضغوط التي تعرض لها، لم أجد بداً سوى الموافقة، وفسخت الخطوبة في هدوء واقتناع تام بين الأسرتين، وإن كان هذا القرار قد جاء مخالفاً وصدمة لجميع الأطراف· ·· مر على فسخ الخطبة ثلاثة أشهر، ولا أخفي شعوري بأنني ما زلت خطيبته، وأنه سيأتي لخطبتي من جديد بعد أن ينجح في الحصول على عمل مناسب، وقد رفضت خلال هذه المرة أكثر من شخص، على أمل أن يعود هو·· فقد أحببته، ومازلت أعيش على هذا الأمل، لكنه لا يريد أن يقطع على نفسه وعداً حتى لا يخلفه، ومن ثم لا أعلم ما هو الصح وما هو الخطأ، هل أنتظره؟ أم أقبل بالزواج من أي شخص مناسب آخر، إنني في حيرة، ولا أستطيع أن أتمسك بشيء مجهول أو في علم الغيب، ولا أعرف تحديد ماذا أريد؟ وماذا عليّ أن أفعل ··· أأنتظره، أم أرضى بنصيبي؟ ميساء·ن·ح الحل ·· لم أكن أتوقع أن تصل مثل هذه العلاقة النموذجية إلى هذه النتيجة التي أحزنتني بالفعل· إن كل شيء كان نموذجياً، ما عدا عامل السن لخطيبك، والذي لم تمهله ظروفه إلى أن يكون بحق ''الشخص المناسب''، سواء من أخلاقياته وصفاته إلى طريقة تعاملكما مع الوضع في مرحلة حرجة من حياتكما· ·· لا نخوض كثيراً في الفترة التي سبقت الخطوبة، ولا يمكن القول بأنه كان هناك تسرع في الخطبة أو الموافقة، فما حدث قد حدث، وعلينا الآن أن نحاول تناول المرحلة الحالية والمقبلة·· ·· كنت أود أن يتصف خطيبك بالمزيد من الصبر والكياسة، لكن يبدو أن صغر السن، ونقص الخبرة، أو لحساسيته المفرطة، قد فرض عليه أن يختار هذا القرار، ربما لأنه بدأ يشعر بأنه من الصعوبة عليه أن يبدأ حياته بالزواج منك وهو دون عمل، ولا يفضل - وهو حق مشروع ووجهة نظر نحترمها- أن يبدأ حياته معك وهو يعتمد على والده وأسرته لتنفق عليكما في بيت الزوجية مهما كان والده مقتدراً· ·· ومن جانب آخر، إنه لم يود أن يربطك به، ويربط مصيرك بانتظار لا يعلم مدته، ومن ثم كان قراره الأليم·· إنه اختار أن يبحر ضد التيار، وضد رغبته وحبه لك، وضد كل شيء، وأن يختار الطريق الأصعب، وهو ما يؤكد شهامته وقوة شخصيته وموضوعيته، رغم أن هذا القرار على ما يبدو كان أليماً وقاسياً عليه وعليك أيضاً· أحترم قراره··والكرة أصبحت في ملعبك، وأنت وحدك من يقرر إذا كنت قادرة على انتظاره حتى تتعدل ظروفه ويصبح مؤهلاً لك، وللزواج منك، أما إذا كان ذلك يمثل لك أمراً محرجاً، فيمكنك الموافقة على أي شخص مناسب لك ممن توافق عليه الأسرة، إذا كان بإمكانك نسيان خطيبك تماماً، لكن إذا وجدت صعوبة في ذلك، فما عليك إلا الرضا بالنصيب والانتظار، وأنا أثق بأن الله سبحانه وتعالى سيعوضه خيراً بعمل أفضل ما دام أنه قد ترك عمله بغية الابتعاد عن شبهة الحرام، وسيكافئه الله بعمل أحسن منه إن شاء الله·· استخيري أمرك، وإن شاء الله، سيكون نصيبك خيراً فيما قدره الله لك · بين العقل والقلب المشكلة أنا شاب جامعي أبلغ من العمر 18 عامًا، من بلد عربي آخر، أعيش مع أسرتي هنا لظروف عمل الوالد، وفي إجازات الصيف زرت بلدي وتعرفت على فتاة من نفس سني تقريبا عن طريق الأقارب، ووجدتها على خلق، المهم أننا تبادلنا أرقام الهواتف، وأصبحنا نتحدّث كأصدقاء عن الحياة والدراسة، إلى أن جاءت اللحظة التي شعرنا فيها معا بعواطفنا تتقارب· واعترف كل منا بحبه للآخر، وأصبحنا نتحادث يوميًّا، ولم نعد نقدر على فراق بعضنا ليوم واحد، رغم أننا لم نكن نتقابل إلا نادرًا، وفي يوم قالت لي إنها تفكر في أن ترتدي الحجاب، وشجعتها على الالتزام مادام نابعا من داخلها، وقبيل عودتي لبلد إقامتي قالت لي: إنها لن تقوى على فراقي، وطلبت أن نفترق، وأن هذا أفضل من الانتظار، ووافقت لأنني أدرك أن كلامها صحيح، فلا يعقل أن أربط مصيري بفتاة لا أراها إلا شهرين في السنة، وطلبت أن نبقى إخوة، وهذا ما نحن عليه الآن بالفعل، فأنا أحادثها كل شهر في الهاتف لأطمئن عليها· ومع ذلك، فأنا لم أستطع نسيانها، وأعرف أنكم ستنصحونني بالنسيان والتركيز في دراستي، فهذا ما يصدقه عقلي، أما قلبي·· فلا يريد أن ينساها·· كلما شغلت نفسي بشيء، دخلت صورتها أمامي، ولا أستطيع نسيانها، وأخشى أن يؤثر ذلك على دراستي، ولا سيما أنني من المتفوقين، وفي الوقت ذاته لا أود أن أربط مصيرها بأمر مجهول، وأن أعذبها معي دون أن أدرك ما نهاية الحب هذا، فأنا أريدها زوجة المستقبل، إنني أعاني من تناقض بين قلبي وعقلي، فما التصرف السليم أمام هذه المشكلة؟الحائر الحل أحييك على منطقيتك وتعقلك واتزانك ووضوحك مع نفسك، لكن هناك تساؤلات مهمة يجب أن نطرحها أمام أنفسنا· هل ما تشعر به تجاه هذه الفتاة هو حب حقيقي ناضج مكتمل الأركان؟ أنت نفسك غير متأكد، لعلك تدرك أن القرار الصحيح الذي اتخذته أن هذه العلاقة في سنك وفي ظروفك قد لا تنمو النمو الطبيعي الذي يصل بها إلى النهاية الطبيعية من الارتباط، ونظن أن هذا الصراع الذي وقع بين قلبك وعقلك كان لأسباب ثلاثة: أنك لم تقطع صلتك تمامًا بهذه الفتاة، ومازلت على اتصال بها عن طريق الهاتف، مما يؤدي إلى استعادة المشاعر وتجديد الذكريات، ومما يؤدي إلى عدم قدرتك على نسيانها، والحل هو قطع الصلة تمامًا بها، لأن وجود أي اتصال يؤدي إلى تغذية العلاقة والمشاعر، فهل أنت جاد في وقف الانشغال بها؟ ومن ثم فإن عامل الوقت كفيل بعملية النسيان، فامنح نفسك الفرصة لذلك، ونحن نؤكد لك أن هذا سيحدث، ونعتقد بأنك ستجد ما يشغلك في الدراسة، وستكون الدراسة عونًا لك على النسيان وليس العكس إن كنت جادًا في قرارك· وفقك الله واستعن به وبالدعاء وسترى خيرًا كثيرًا· وتستطيع أن تجعل من هذه التجربة دافعًا لك للتفوق والاجتهاد لتكون جديراً بمن ستتزوجها إن شاء الله·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©