الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

البحار في قبضة .. أميركا!

10 مارس 2015 22:22
يعكف العمال الأميركيون بأحد مصانع السفن التابعة للبحرية الأميركية على استكمال بناء إحدى السفن الحربية الأكثر تطوراً في العالم، والتي حتى هذه اللحظة لا مثيل لها في أي مكان آخر، فالمدمرة الجديدة، التي تبلغ كلفتها الإجمالية 3.3 مليار دولار والمسماة «زوموولت» تعمل بتقنية الدفع الكهربائي، وتعتمد على أنظمة للتخفي، علاوة على أنها مزودة بترسانة هائلة من الصواريخ الموجهة، والمدافع المتطورة القادرة على ضرب أهداف على بعد 63 ميلًا، وعلى الأرجح لن تتاح الفرصة أبداً لاختبارها في أرض المعركة لأنه لم يحاول بلد على وجه البسيطة بناء سفينة حربية تشبه «زوموولت»، والتي باتت ترمز إلى التفوق الكبير لسلاح البحرية الأميركي، لكن مع ذلك طالب «البنتاجون» بزيادة موازنة البحرية الأميركية خلال الموازنة 2016 لترتفع من 149 مليار دولار حالياً إلى 161 مليار، وهو المطلب الذي عبر عنه في الشهر الماضي وزير البحرية، «راي مابوس»، أمام لجنة المخصصات المالية بمجلس النواب، بتشديده على ضرورة الزيادة في حجم سلاح البحرية الأميركي، ليرتفع عدد السفن إلى 300 سفينة على الأقل مقارنة بـ275 حالياً. ويبدو الوقت مناسباً لتحقيق مطلب رفع موازنة البحرية الأميركية بالنظر إلى سيطرة «الجمهوريين» على مجلس الكونجرس، وأيضاً لأن المطلب كان دائماً حاضراً في أجندة النواب «الجمهوريين» منذ عهد ريجان، فالمرشح المحتمل، «جيب بوش»، سبق أن انتقد عملية خفض موازنة الدفاع، مركزاً خصوصاً على سلاح البحرية الذي قال عن تقليص موازنته بأنه قاسٍ جداً، فيما قال «جمهوري» آخر يطمح للفوز بترشيح حزبه للرئاسة، وهو حاكم ولاية لويزيانا «بوبي جيندال» في تصريح أدلى به لمؤسسة «أميركان إنتربرايز» أن أي خفض في موازنة الدفاع «سيحرم أميركا من سلاح للبحرية». والحال أنه لا وجود لأي مبرر يدعو إلى توسيع سلاح البحرية وبناء المزيد من السفن، فالولايات المتحدة تمتلك أصلاً عشر سفن ضخمة تعمل بالطاقة النووية، وتفوق باقي الدول بأكثر من عشر سفن نووية أخرى، كما أنه لا دولة على الإطلاق تفكر في بناء سفن عملاقة مشابهة لما تملكه أميركا. فعلى سبيل المثال لا تتوافر لدى الصين سوى حاملة طائرات واحدة من طراز قديم، ويبدو أنها في طريقها لبناء سفينتين أخريين ليس منهما ما يعمل بالطاقة النووية، ولا قدرة لها على منافسة السيطرة الأميركية على البحار والمحيطات، وحتى فيما يتعلق بجميع القطع البحرية الأخرى سواء تعلق الأمر بحاملات الطائرات، أو الغواصات النووية، أو الملاحة البحرية، أو قوة النيران على السطح، أو السفن الهجومية، أو ما يرتبط بتسليحها من صواريخ ووسائل لوجستية، يبقى سلاح البحرية الأميركي الأكثر تفوقاً من أساطيل الدول الأخرى مجتمعة. ومع أن بعض المعلقين ينخرطون في تخويف الرأي العام من التقدم الصيني وبنائها لعدد من حاملات الطائرات والغواصات، فضلاً عن ترسانتها من الصواريخ البالستية، إلا أن سفنها في النهاية أقل بكثير من جودة نظيرتها الأميركية، كما أن غواصاتها لا تضاهي بحال قدرة الغواصات الأميركية، وفيما يبدي بعض جيران الصين تخوفاً واضحاً من القوة المتنامية للبحرية الصينية واحتمال توسعها في بحر جنوب الصين، إلا أن ذلك التوسع لا يمثل أي خطر على الأمن القومي الأميركي، كما لا يزاحمها بتاتاً في هيمنها على البحار، وبالنسبة للولايات المتحدة أن ترى في الوجود الصيني في محيطها خطراً عليها يشبه إلى حد كبير التخوف الصيني من الحضور الأميركي في جزر الكاريبي. وإذا كان التنافس على المحيطات أحد ملامح الصراع بين الدول لقرون مديدة، إلا أن هذا التنافس تراجع في الخمسين سنة الماضية بسبب السيطرة الكاسحة للولايات المتحدة وتأمينها لطرق الملاحة البحرية، ذلك أن آخر مواجهة بحرية تعود إلى معركة أويكاناوا في الحرب العالمية الثانية ومنذ ذلك الوقت وأميركا تلعب دور الحامي للتجارة البحرية التي يستفيد منها الجميع. جريج إيستربروك* *كاتب أميركي متخصص في الشؤون العسكرية ينشر بترتيب خاص مع خدمة «نيويورك تايمز»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©