الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

شراكة غير طائفية

27 يوليو 2009 22:49
أثناء اللقاء الصحفي الذي أجراه مع رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي ثلاثة صحفيين من صحيفة «واشنطن بوست» يوم السبت الماضي، بدا المالكي واثقاً من حال التقدم والاستقرار الأمني اللذين تحققا في بلاده. وأكد كذلك أهمية العلاقة بين بغداد وواشنطن، استناداً على إيجابية نظرة العراقيين الآن للدور الذي لعبته القوات الأميركية بعد سنوات من الحرب والتشكيك في دورها. وفي اللقاء نفسه، استطرد المالكي في الحديث عن حاجة بلاده للحفاظ على «علاقات طبيعية» بينها وبين أميركا. وكان محور حديثه هنا، التركيز على أهمية تطبيق الفقرات غير العسكرية من نص «الإطار الاستراتيجي» الذي تم التوقيع عليه من قبل واشنطن وبغداد في العام الحالي. وخلال زيارته للولايات المتحدة، التقى المالكي بمسؤولين في غرفة التجارة، إلى جانب توقيعه على اتفاقية تمكن آلاف الطلاب العراقيين من الدراسة في أميركا. غير أن تطبيع العلاقات بين عاصمتي الدولتين يعتمد اعتماداً كبيراً على الانتخابات الوطنية العراقية المقرر إجراؤها في شهر يناير المقبل. يذكر أن هوشيار زيباري، وزير خارجية حكومة المالكي، وصف تلك الانتخابات بأنها ستكون الأهم على الإطلاق في تاريخ العراق الحديث؛ لأنها ستحدد ما إذا كان مصير نظام الحكم العراقي سيكون طائفياً متنازعاً عليه بين الشيعة والسنة، والعرب والأكراد، أم سيكون نظاماً علمانياً قائماً على التحالف والتعايش السياسي بين كافة الأطراف. ومن المعروف عن الأحزاب السياسية الرئيسية في العراق أنها شديدة الانقسام حول تحديد المصير السياسي الوطني بالذات، مثلما أن دول الجوار منقسمة هي الأخرى حول الأمر نفسه. فإيران تريد أن تمدد نفوذها عبر وكلائها الشيعيين ليس في بغداد وحدها، وإنما في بقية عواصم الدول الإقليمية المجاورة. وعلى نقيض ذلك، يصف المالكي نفسه بأنه قائد وحدوي، يسعى لإقامة تحالف سياسي حاكم بين جميع الأطراف، وأنه يشاطر الولايات المتحدة أملها في إقامة نظام حكم غير طائفي في بغداد. ويفهم من تصريحات المالكي أن من شأن نظام حكم كهذا أن يتوصل إلى اتفاق وطني بشأن اقتسام عائدات النفط وحل النزاعات الحدودية الداخلية، وهما من بين أهم الأهداف التي تسعى إدارة أوباما إلى تحقيقها. ويعني هذا أن المالكي يدفع باتجاه نظام حكم أكثر ديمقراطية، وعراق أكثر ميلاً للغرب. وعلى حد قول المالكي: «لن أكون طرفاً في أي تحالف يقوم على أساس طائفي أو عرقي، فأنا أؤمن بأن العراق دولة تقوم على مفهوم المواطنة وليس الانتماء العرقي أو الديني». هذا، وقد تضمنت تصريحات المالكي إدانة واضحة لتدخل البعض من دول الجوار في الشؤون السياسية الداخلية لبلاده، خاصة في الانتخابات المتوقعة. وبينما أعلن تفضيله لنظام انتخابي إقليمي، بدلاً من نظام القائمة الانتخابية الواحدة الخاصة بمرشحي كل حزب من الأحزاب، قال إن أسّ الفساد السياسي هو أن تكون هناك قائمة واحدة مدعومة بواسطة جهات خارج العراق. ومن رأيه، أن «في وسع الأصدقاء الأميركيين إقناع البعض في دول الجوار بعدم التدخل في الانتخابات الوطنية المقبلة». وكان واضحاً أنه لم يكن يشير إلى إيران في هذا التصريح، إلا أنه استدرك سريعاً ليؤكد علمه بأن لأميركا من دول الجوار من يكن لها مشاعر العداء. وفي الأخير، قال المالكي: «بسبب النفوذ والاحترام اللذين تحظى بهما الولايات المتحدة الأميركية في المنطقة، فإن في مقدورها أن تدعم تيار السياسات الوطنية العراقية، في وجه التيار الطائفي». وعليه، يمكن قراءة هذه الرسالة كما يلي: إن كان للمالكي أن يقاوم نفوذ إيران وغيرها من القوى الإقليمية التي تسعى لإعادة بلاده إلى الفخ الطائفي، فإنه لا غنى له عن الحصول على دعم واشنطن لجهوده الوحدوية غير الطائفية. ومن ثم، فإن علينا أن ننتظر لنرى ما ستسفر عنه الأشهر الستة المقبلة من تطور في علاقات واشنطن ببغداد. جاكسون ديل محلل سياسي أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©