الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

سيدني بولاك·· مخرج يغامر ويحاور ويضرم جمر الأسئلة

سيدني بولاك·· مخرج يغامر ويحاور ويضرم جمر الأسئلة
5 يونيو 2008 01:06
رحل بولاك بعد أن حقق أفلاماً مهمة نالت إطراء الجمهور والنقاد معاً، أفلام مثل ''خارج أفريقيا''، و''توتسي''، ''إنهم يقتلون الجياد·· أليس كذلك''، و''المترجمة''، و''ثلاثة أيام عصيبة'' و''الطريقة التي عشناها'' و''المؤسسة'' و''جيرمايا جونسون'' و''هافانا'' والكثير من الأعمال التلفزيونية، والأدوار الثانوية أمام الكاميرا، بجانب الإسهامات الإنتاجية والتقنية العديدة والمؤثرة لأفلام مازالت تحتل مكانة رفيعة في رصيد وأرشيف الفن السابع· ولعل ما يجمع المخرجين الاستثنائيين بولاك ومينجيلا، هو هذا النهم المتواصل للجمع بين المحتوى الأدبي وامتلاك حس المغامرة، واستغلال أقصى ما تمنحه السينما من إيغال وسفر وتعبير بصري يحاور قصص المأزومين والباحثين عن خلاص فردي أو جماعي· وعندما نسترجع قصة فيلمي ''المريض الإنجليزي'' لمينجيلا و''بعيداً عن أفريقيا'' لبولاك، نكتشف ولعهما بالبعد الجمالي للمكان، والمتبوع بنفس ملحمي ساحر، نراه وهو يندلع وسط الشاشة، من خلال قصة عشق تجمع أبطال الفيلمين، وتتصاعد نيرانها إلى ذروة النشوة، وحتى رماد المأساة وسط صحارى وأدغال أفريقيا· رحل بولاك عن 73 عاماً قضى جلها في العراك والنضال الفني والسينمائي، من أجل البحث عن الحقيقة أولاً، وتحقيق الذات المبدعة ثانياً، وهو في كلا الحالتين إنما يصدّر أفكاره ومواضيعه السينمائية من خلال رغبة جامحة في تقديم أعمال تتسم بالواقعية الجارحة ولا تخلو أيضا من التوليف الجمالي والإخلاص المهني· بين التمثيل والإخراج دخل بولاك عالم الإخراج من بوابة التمثيل وظل حتى فترة قصيرة قبل مرضه يشارك بأدوار ثانوية مهمة -فيلم ''مايكل كلايتون''، وفيلم ''مصنوع من الشرف''- وأطلق عليه أصدقاؤه لقب مخرج الممثلين، لأن حنكته الإخراجية لم تغفل أبداً قيمة الأداء التمثيلي، فكان انتقاؤه للممثلين في أفلامه مشفوعاً دائماً بنظرة فاحصة وملهمة، تهب الدور المناسب للمثل المناسب بغض النظر عن حجم هذا الدور، فلا يمكن لعشاق السينما أن ينسوا مثلاً دور داستن هوفمان في واحدة من أقوى أفلام الكوميديا التي ظهرت في حقبة الثمانينات، وهو فيلم ''توتسي'' الذي أخرجه بولاك في العام ،1982 وذلك عندما ينتحل داستن هوفمان شخصية ممثلة تدعى دوروتي مايكلز بعد أن يفشل في كسب رضا المخرجين المسرحيين الذين يرفضونه بسبب حدة طباعه وانتقاداته وسلوكياته الخارجية المنفرة· في الفيلم الذي حاز من خلاله العام 1986 على أوسكار أفضل إخراج، وأفضل فيلم ''بعيداً عن أفريقيا'' استعان بولاك بأهم ممثلين يمكن أن يحظى بهما مخرج في تلك الفترة وهما ميريل ستريب وروبرت ريدفورد، وريدفورد نفسه كان الوجه الأكثر ارتباطاً بأفلام بولاك حيث شارك في سبعة من أفلامه· وبولاك بجانب أعماله الروائية الشهيرة قدم فيلماً وثائقياً يعتبر من الأعمال الملهمة لعشاق النوع، وهو فيلم ''اسكيتشات فرانك جاهري'' في العام ،1997 ويدور الفيلم حول حياة وعمل المهندس المعماري المبدع فرانك جاهري، وهو صديق قديم لبولاك، حيث اشتمل الفيلم على حوار جمالي وفلسفي عميق بين الهندسة والسينما، أو بين المعمار الملموس وبين المعمار الافتراضي الذي يمتد بناؤه في بصيرة وروح المشاهد· وفي هذا السياق يصف جاهري بولاك بالمخرج الملم والمتعمق في معنى الابتكار، كما أن أسلوبه البراجماتي والعقلاني المعهود غالبا ما يؤدي إلى إنتاج عمل مبدع، يجتمع فيه خيال الشاعر مع صمت المتأمل· أما جورج كلوني الذي اجتمع مع بولاك في فيلم ''مايكل كلايتون'' فيقول عنه ومباشرة بعد رحيله: ''بولاك حسّن أوضاع العالم قليلا، كما أنه حسّن أوضاع السينما، إنني أفتقده بشكل فظيع''· ومعروف عن بولاك تشككه وقلقه الزائد من نتائج الأفلام التي يقدمها، وكان دائما ما يصرح بأن مصير عمله سيبوء بالفشل، ولكن وفي كل مرة كانت هذه التوقعات هي التي تفشل، فتصعد أفلامه وتتفوق على الهواجس الشكوكية لبولاك، والمعبرة عن الحساسية المفرطة للمبدعين الحقيقيين· سيرة حافلة ولد بولاك في ولاية إنديانا الأميركية من أبوين روسيين في العام ،1934 وتوفيت والدته بعد أن تحولت إلى مدمنة وهو في السادسة عشرة من عمره، درس المسرح في معهد (نيبرهود بلاي هاوس) في نيويورك، وبعد خدمة لمدة سنتين في الجيش عاد لنفس المعهد كي يدرس مادة التمثيل، وتزوج من تلميذته في المعهد كلير غريزولد في العام 1958 وأنجب منها ثلاثة أبناء: ستيفان الذي لقي حتفه في حادث تحطم طائرة العام ،1993 وريبيكا ورايتشل· صبغت أعمال بولاك السينمائية حقبة السبعينات والثمانينات بأسرها، فبعد فترة حافلة قضاها على خشبة المسرح انتقل في أوائل الستينات إلى حقل التمثيل، وكانت أولى الأعمال التي شارك بها فيلم ''صيد الحرب'' بميزانية متواضعة في العام ،1962 وشاركه التمثيل في الفيلم روبرت ريدفورد، والذي كان هذا الفيلم بداية لصداقة شخصية ومهنية وتعامل إبداعي ثري جمع بينهما· في العام 1970 أخرج بولاك فيلم ''إنهم يقتلون الجياد·· أليس كذلك'' وترشح الفيلم لسبع جوائز في الأوسكار، ومنها جائزة الإخراج، هذا الترشيح لاحقه بعد ذلك مع فيلم ''توتسي''، وربحه فعلياً مع فيلم ''بعيداً عن أفريقيا''· ومن النجوم الذين شاركوا بولاك في أفلامه تبرز أسماء مثل: توم كروز في فيلم ''المؤسسة''، وسالي فيلد وبول نيومان في فيلم ''غياب ماليس''، وروبرت ميتشوم في فيلم ''ياكوزا''· أما الأفلام التي شارك في إنتاجها فتميزت بمردودها المؤثر في عالم الفن السابع، وكان معظم هذه الأفلام مرصودة تحت مجهر الجوائز والإشادات والالتفاتات النقدي نذكر منها: ''جبل بارد'' لأنطوني مينجيلا، و''سيد ريبلي الموهوب''، كما أنه رأس لجنة تحكيم مهرجان ''كان'' في العام ،1986 بعد أن كان عضوا في لجنة تحكيم نفس المهرجان العام ·1973
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©