السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

معزوفة جماعية

معزوفة جماعية
20 مارس 2014 00:53
بين عاصمتين ثقافيتين: عاصمة للثقافة العربية 1998، وعاصمة للثقافة الإسلامية 2014، تبرز تجربة الشارقة الثقافية كواحدة من أهم التجارب الثقافية المضيئة في محيط عربي يعيش ظلاميات شتى... وبين هذين البعدين العربي والإسلامي، تجذّر مشروع الشارقة باعتباره وحدة عضوية متماسكة ومتناغمة في مكوناتها الداخلية وبنيتها الأساسية.. بحيث تجسّد هذا المشروع عبر منظومة متكاملة من البرامج والتظاهرات والمبادرات الفنية والثقافية التي أغنت المشهد الثقافي في المنطقة والعالم، وذلك قبل أن يتم تتويجها عاصمة للثقافة العربية، إذ استطاعت الشارقة أن تستقطب أنظار العالم نحو ما تقوم به من جهود ترمي إلى بناء لحمة داخلية مع امتدادها العربي والإقليمي، ورسم خارطة ثقافية تبرز مختلف الهويات الثقافية في نسيج فاعل، يمكّنها من المشاركة في صياغة ورسم ملامح التاريخ الإنساني المعاصر. إعاد الملف: إبراهيم الملا ساسي جبيل ـ عصام أبوالقاسم ربما نستذكر في هذا السياق بعض البرامج والتظاهرات التي حولت المعطى الثقافي والإبداعي إلى ممارسة يومية دائمة، فقد استطاع معرض الشارقة الدولي للكتاب، ومنذ انطلاقته عام 1982 أن يصبح بوابة أولى للمعرفة في منطقة الخليج، وأن يسهم في إثراء الحياة الثقافية في دولة الإمارات، عبر ترسيخ مفهوم اقتناء وتداول الكتاب، واستقطاب وتقديم أهم المثقفين والمفكرين والأدباء العرب. ثم جاء بينالي الشارقة عام 1993، ليشكل نقلة نوعية كبيرة على مستوى الفنون المعاصرة، وليسهم بتطوير واقع الفن المحلي وإغناء التجربة البصرية والذائقة الجمالية، والتعريف بالتجارب الإبداعية المحلية والعربية على المستوى الدولي، سيّما وأنه أصبح من أهم التظاهرات التي احتلت مكانة لافتة في المحافل الفنية والثقافية في العالم. كما لعبت الشارقة دوراً كبيراً في إعادة إحياء فنون الخط العربي، وقدمت العديد من التجارب الفنية المتميزة في هذا المجال من خلال التظاهرات والمهرجانات الكبرى التي تقيمها إدارة الفنون في دائرة الثقافة والإعلام، كمهرجان الفنون الإسلامية السنوي، وملتقى الشارقة لفن الخط، والتي غدت قبلة للخطاطين والفنانين من مختلف أنحاء العالم العربي والإسلامي وسائر أصقاع الأرض. وتأتي مهرجانات الشارقة المسرحية المحلية منها والعربية، لتكمل بذلك أولويات العمل الثقافي، وتغني البيئة المحلية بأقدم الفنون وأقربها إلى روح الإنسان، تلك المهرجات التي قدمت عروضاً منقطعة النظير، ولاقت دعما غير محدود من قبل صاحب السمو حاكم الشارقة الذي أثرى الحركة المسرحية بدوره عبر ما كتبه من نصوص ومسرحيات استلهمت التراث المحلي والإنساني، في محاولة لاستخلاص الأمثولات الجوهرية القادرة على سبر كينونة الإنسان وتعميق وجوده الحضاري. بين عمارتين بين العمارة التقليدية العريقة التي شيّدها الآباء والأجداد، والعمارة التي تعتمد على الهندسة المعاصرة، وتلك التي تستلهم فنون العمارة الإسلامية الممزوجة بنكهة محلية مميزة، جاء الهيكل العمراني في الإمارة استجابة لتطورها المدني وتعبيراً عن هويتها الحضارية ومشروعها الثقافي، الذي استدعى نموه واتساع فعالياته، تشييد العديد من المرافق والمباني والصروح التي شكّلت حاضنة أساسية لتلك الفعاليات، والتي تشير في الوقت نفسه إلى السوية المتميزة التي وصل إليها أبناء الشارقة، ومقدرتهم على النهوض بالإمارة. فإذا أردنا أن نرسم صورة بانورامية لإمارة الشارقة بما تكتنزه من صروح تاريخية وبيوتات قديمة ومبانٍ حديثة، لوجدنا تلك التحفة الفنية التي تمثلها الإمارة بطابعها العمراني الفريد.. فالتجول في الأمكنة التاريخية القديمة والبيوتات الأثرية يعيدنا إلى سيرة أسلافنا الذين شيّدوا عمارتهم من الأحجار المرجانية وخشب الجندل وجريد النخيل، تردد البراجيل أصداءهم، ويرسم السكيك صورة حارتهم المطلة على الذاكرة، حين كان فناء الدار مشرعاً على السماء والنوافذ مشرعة على البحر.. هناك حيث تفاصيل الزخارف الجصية ونقوش الأبواب الخشبية القديمة، تبرز الخصائص المعمارية التقليدية في تنوعها ووحدتها، وفي قدرتها على ملائمة الظروف المناخية المختلفة. وما إن نخرج من التاريخ بعمارته التقليدية العريقة.. حتى نرى هذه الحاضرة وقد شيّدت صروحها الحديثة دون أن تنفصل بطرزها المعمارية عن الهوية المميزة للشارقة، بأقواسها وساحاتها وفناءاتها الفسيحة.. فنرى صورة متكاملة من الإنجازات الكبيرة.. من شجرة الرولة إلى واحات النخيل على كورنيش البحيرة.. ومن السوق المركزي إلى قناة القصباء بعجلته التي لا تتوقف عن الدوران.. ومن قباب المساجد والجامعات والمباني الحكومية التي اتسمت بالوحدة والتناغم في هندستها العمرانية، إلى صور الجسور والشوارع والحدائق والمحميات الطبيعية.. لوحة مرصوفة بحجارة الأبد وأعمدة الحاضر، مدينة بكامل زخمها وأحلامها، تطل على مستقبل مسوّر بحب كبير وعطاء لا يقف عند حدّ. عناقيد الضياء لقبٌ آخر تحمله إمارة الشارقة، وتتويجٌ آخر تتكلل به.. لقبٌ آخر يليق بها وتليق به، ذلك أنها انبثقت من روح الإسلام ذاته، وعملت بوحي من رسالته العظيمة، وذلك أن مشروعها الإنساني الكبير، اقترن برؤى وتطلعات حضرة صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى للاتحاد حاكم إمارة الشارقة، الذي استطاع ببصيرته النافذة أن يؤسس ملامح هذه الإمارة كحاضرة تستمدّ وجودها من جذورها العربية الأصيلة، وتستمدّ قدرتها على صياغة هوية حضارية فاعلة، من خلال الرهان على بناء الإنسان أولاً وأخيراً، والعمل على تطوير إمكاناته وملكاته الإبداعية والثقافية والمعرفية، ومن خلال الانفتاح على الآخر بمختلف مكوناته الثقافية والإثنية والدينية. وفي تصريح لـ «الاتحاد الثقافي» حول احتفالات الشارقة بهذا اللقب المهم، واستعدادات الإمارة لتنظيم احتفالية كبرى بعنوان «عناقيد الضياء» على مسرح جزيرة المجاز في السادس والعشرين من شهر مارس الجاري، أكد الشيخ سلطان بن أحمد القاسمي، رئيس اللجنة التنفيذية لاحتفالات الشارقة عاصمة الثقافة الإسلامية، ورئيس مؤسسة الشارقة للإعلام، أن الملحمة التاريخية «عناقيد الضياء» -أعظم قصة رواها التاريخ-، جاءت وفقاً لمرئيات وتوجيهات حاكم الشارقة، بضرورة تقديم عمل فني رفيع المستوى، يخدم الإسلام، ويوضح حقيقته السمحة، ويعزز قيمه الإنسانية المتمثلة بالعدل والمحبة والسلام والتسامح، وفي نفس الوقت عمل يسجله التاريخ، ويبقى أثره محفوظاً للأجيال القادمة». وأشار إلى أن العمل الملحمي العالمي الأضخم في التاريخ عن الإسلام، «عناقيد الضياء»، سيقدم في خمسة عروض على مسرح جزيرة المجاز، حيث يكون العرض الأول في السادس والعشرين من مارس الجاري، يليه عرض آخر في السابع والعشرين والثامن والعشرين من مارس، ثم عرضان في الثالث والرابع من إبريل المقبل، حيث يحمل رسالة وهدية من الشارقة إلى العالم أجمع حول سماحة الإسلام وجوهره الحقيقي النقي، والتعريف بالدين الإسلامي ورسالته وتاريخه، وسيشاهد الجمهور عرضاً مبهراً سيبقى محفوراً في ذاكرته إلى الأبد». وقال الشيخ سلطان بن أحمد القاسمي: «لقد اخترنا أن نبدأ احتفالاتنا بهذا العرض الفني المسرحي الكبير لسيرة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، باعتبارها الأساس الذي سار عليه الإسلام في طريقه نحو تبديد عصور الظلام، حيث شكّلت هذه السيرة المعالم الأولى للحضارة الإسلامية التي شملت مختلف مناحي الحياة، وأثمرت فكراً وثقافة وعلماً وعمراناً، وحرصنا أن يكون هذا العمل ضخماً بتجهيزاته وتفاصيله، وكبيراً في الخبرات والطاقات التي تقف خلفه، كي يليق بنبينا الكريم صلى الله عليه وسلم، وبالدين الإسلامي الذي يؤمن به أكثر من مليار ونصف المليار إنسان في أرجاء المعمورة، ونتوقع أن يكون العرض حديث العالم على مدار أشهر، إن لم يكن سنوات». وأضاف: «في هذا العمل، تعاملنا مع عدد كبير من القامات الفنية والسينمائية العربية والعالمية، والمؤرخين والدارسين لسيرة الرسول عليه السلام، وتنقلنا عبر العديد من الدول لنتشاور ونتعاقد مع أهم الخبراء في مجال العروض المسرحية الاستثنائية». ولفت الشيخ سلطان بن أحمد القاسمي إلى أن مسرح جزيرة المجاز الذي تم تأسيسه وإنشاؤه لأجل استضافة «عناقيد الضياء»، بصفته المقر الرسمي لفعاليات الشارقة عاصمة الثقافة الإسلامية، هو مسرح نصف دائري مفتوح، يضم مدرجات مقسمة على مجموعات تتسع لنحو 4500 متفرج، وتتوسطه منصة عرض كبيرة يعتليها الفنانون لأداء عروضهم، ومزود بنظام صوتي متطور عالي الجودة والدقة، وأقيم على مساحة تبلغ 7238 متراً مربعاً. وتابع: «كنا حريصين على أن تكون التكنولوجيا المستخدمة في ملحمة عناقيد الضياء، الأحدث والأكثر تميزاً، والأولى في المنطقة، ولما يمكن أن تقدمه هذه التكنولوجيا من إضافات نوعية على صعيد الرؤية والصوت والإضاءة التي تتمازج مع بعضها بعضاً، وما يميز هذا العمل تكنولوجياً وجود 400 ضوء متحرك و 120 مكبر صوت و21 جهازاً ذا مواصفات تقنية متميزة، بحيث تكون الرؤية واضحة وجلية، والصوت نقياً ومسموعاً، في عرض غير مسبوق على مستوى التقنيات والتجهيزات المستخدمة فيه. واختتم الشيخ سلطان بن أحمد القاسمي تصريحه قائلًا: «من الشارقة، عاصمة الثقافة الإسلامية، نهدي «عناقيد الضياء» إلى العالم بأسره، بجنسياته وأديانه وأعراقه ومذاهبه وانتماءاته، وندعوهم من خلاله إلى التعرف على سيرة الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، وعلى الصورة الحقيقية للإسلام، ونتمنى أن نسهم بذلك في إثراء المنظومة الفكرية العالمية بإنجازات حضارية، تخدم الثقافة الإسلامية وتبرزها، لترتوي بفكرها وروحها أجيال الحاضر والمستقبل». تنسيق وتخصص من بين المؤسسات الفاعلة في المشهد الثقافي هيئة الشارقة للاستثمار والتطوير «شروق» التي ترأسها الشيخة بدور القاسمي كريمة صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة. وأكد مروان السركال المدير التنفيذي للهيئة أنها في طليعة المؤسسات التي تحرص على إدراج الثقافة في فعالياتها ونشاطاتها المختلفة، باعتبارنا جزءاً من مشروع الشارقة الثقافي. ونحن نعتبر اهتمامنا بهذا المجال أيضاً جزءاً من رسالتنا الرامية إلى تحقيق التنمية الثقافية والاجتماعية في إمارة الشارقة، ودولة الإمارات العربية المتحدة. من هنا، نسعى باستمرار إلى تنظيم الفعاليات الثقافية في مختلف وجهاتنا، ومن ذلك على سبيل المثال مركز مرايا للفنون في القصباء، وحديقة مرايا للفنون في واجهة المجاز المائية اللذين ينظمان ويستضيفان عروضاً فنية على مدى العام، يشارك فيها نخبة من كبار الفنانين التشكيليين من المنطقة والعالم. وفي مطلع هذا العام نظمنا للمرة الأولى مهرجان الشارقة للموسيقى العالمية في القصباء الذي حقق نجاحاً كبيراً، وشاركت فيه أسماء عربية وعالمية. كما تستضيف بقية وجهاتنا بين الحين والآخر أمسيات فنية وثقافية متنوعة، ونحن نسعى إلى تنظيم المزيد من هذه الفعاليات خلال الفترة المقبلة. وأضاف السركال: «نحن نؤمن بأن مؤسسات الشارقة كافة تعمل في تناسق مع بعضها بعضاً لمصلحة تعزيز هوية الشارقة وريادتها الثقافية، ولضمان التنويع واستقطاب مختلف فئات المجتمع، وتركز كل مؤسسة أنشطتها على مجالات ثقافية معينة، منعاً للتكرار، وحرصاً على التخصص. ومع اتساع مجالات الثقافة وأنواعها في هذا العصر، ندرك أهمية هذا التوجه وفائدته في العمل الثقافي. لذلك، تسعى هيئة الشارقة للاستثمار والتطوير «شروق» إلى إقامة فعاليات تغطي مختلف مجالات الثقافة، وتركز بشكل خاص على الفعاليات الفنية والموسيقية لوجود التجهيزات اللازمة لهذه الفعاليات لديها، كما أن وجهاتنا تتصدر اهتمامات السياح وزوار الشارقة، ونريد أن نقدم لهم ما يثري ذائقتهم الفنية، ويعزز في الوقت ذاته من حضور الشارقة الثقافي المتميز». الدائرة الثقافية.. قطب الرحى في المشهد الثقافي الشارقي تمثل دائرة الثقافة والإعلام قطب الرحى، وهي تتصدر المشهد منذ تأسيسها في عام 1981، باعتبارها مظلة العمل الثقافي وحاضنته، حيث تقوم بتنظيم الفعاليات المختلفة في الداخل والخارج وتضع الخطط الاستراتيجية التي تستهدف جعل هذه الفعاليات أكثر تنظيما وحرفية وإلماما بمختلف الاختصاصات الإبداعية والفنية. يقول عبدالعزيز عبد الرحمن المسلم، مدير إدارة التراث في دائرة الثقافة والإعلام، إن أيام الشارقة التراثية تمثل «الفعالية الأكبر والأبرز وترسم حوار الماضي بإبداعاته، وتقاطعاته، وأحداثه التاريخية مع الحاضر بتنوّعه، ونتاجاته العصريّة»، لافتاً إلى أن أيام الشارقة التراثية «باتت اليوم المهرجان التراثي الأبرز في المنطقة العربية، وهي تتطور باستمرار، وتتواصل معززة بإضافات وإبداعات، ومتألقة بمشاركات من كل الأنحاء حتى أصبحت محطة لا غنى عنها، وأضحت كتاباً يقرؤه كل متيّم بحفظ التراث. وكان من أوّل إنجازاتها إحداث قرى تراثيّة بكافة مدن الشارقة، تحتضن المعارض والعروض طوال الأيام، ثم كانت الندوة الفكرية الموازية لكل دورة والانفتاح على كثير من التجارب العالمية ذات الاهتمام المشترك حتى أصبحت الأيام بعد عقد ونيف، محطّة تراثية للمواطنين، والوافدين، ومزاراً لكثير من الكفاءات التي استفدنا أيما استفادة من تجاربها. واليوم تعدّ الأيام عرساً شعبياً كبيراً، يلمّ شمل الإماراتيين فيجمعهم بأصالتهم وانتمائهم الثقافي الجميل». وأردف المسلم قائلاً: «حرصنا على تجديد رداء الهويّة الإماراتية والغوص المنظم والعميق في الأصالة والانتماء، لذلك تتجدد عندنا جميعاً أحاسيس الوفاء لأننا أحياء مع التراث كما أنه حيّ بنا، وبكل حواسّنا نشتمّ فيه رائحة الطيب ونتذوّق أشهى ما فيه ونستمتع بأنغامه على اختلافها»، منوهاً بأن «الشارقة أسست قاعدة علمية وتفاعلية كبيرة بدأت من تأسيس الكادر الوظيفي والهياكل الإدارية الكفيلة بدعم التراث والارتقاء بوسائل تقديمه للناس وانتهت إلى مهنيّة عالية في عملها». وقال: «لقد حاولنا دائما إدماج المحلّي في العالمي من خلال تركيزنا على الهويّة المحليّة والمعطى الأصيل بزخم وتفاعلية عالميّة، وهو تقليد حميد يدعو للمزيد من التألق في العطاء، لذلك كان الانفتاح على تجارب مختلفة وإبداعات إنسانية جمّة تأكيداً للتفاعل الإيجابي بين مختلف المكونات، وهو ما من شأنه أن يرتقي بالذائقة العامّة ويشدّ الأنظار إلى هذا التنوّع والاختلاف، كما حرصنا في كل مرة على الاحتفاء بتراث الشعوب مسافرين مع الجميع على أجنحة التراث، محلّقين في الأجواء المختلفة بأنغام وتقاليد وألوان ساحرة تشدّ الناظرين وتشنّف آذان السّامعين.. فعلا اسم الشارقة في كل الأرجاء، واستطاعت أن تقدم تراثها الغزير وعروضها الثقافية في مختلف أنحاء العالم». 100 كتاب كل سنة ويحظى النشر بمكانة مهمة في نشاط الشارقة الثقافي، وعن هذا النشاط النشري الملموس قال الدكتور عمر عبدالعزيز رئيس قسم الدراسات والنشر في دائرة الثقافة والإعلام: «يمكننا أن نحدد دور قسم الدراسات والنشر بالدائرة من خلال مجموعة المطبوعات التي تنتظم في تعددية الأنساق المعرفية والمفردات الثقافية وأشكال الحضور، فنحن هنا بصدد مجلة الرافد وملحقاتها ممثلة في الرافد 2 وكتابي الرافد الشهريين، كما تتطور الرافد على الفضاء الرقمي من خلال الرافد الإلكتروني والرافد الرقمي، وبالتوازي مع الرافد هنالك فصلية المسرح ذات الصلة الشاملة بالثقافة المشهدية البصرية المسرحية، وكذا حولية (اقرأ) التي تعنى بشأن الكتاب والمكتبات. وعلى خط متصل نتوقف أمام المنظومة الواسعة للإصدارات والكتب، ابتداء بالإصدارات الفائزة بجوائز الشارقة المتعددة، مرورا بكتب التراث والتاريخ وحتى إصدارات المسرح والأطفال والترجمات ضمن سياق عام يصل إلى ما لا يقل عن 100 إصدار في السنة، وكل تلك الحصيلة الوافرة تعتبر قواعد معايير نمطية من التأليف والتحرير البصري وصناعة الكتاب، كما تتوافر هذه الإصدارات على مواطن الإبداع والتوزيع والانتشار عبر تفوق الدائرة التوزيعية في حوار حي مع الكتب العربية والدولية بالإضافة إلى مراكز التوزيع في البلدان الأخرى». وتابع الدكتور عمر عبدالعزيز: «كل هذه الحصيلة من الإصدارات المتنوعة تجد رجع صداها في كامل الفعاليات الثقافية لدائرة الثقافة والإعلام بحكومة الشارقة، وتمثل اليوم خير مزود للمكتبات والمعارض والمؤسسات التربوية والثقافية كافة لتثبت مرة أخرى ريادة الشارقة في حقل الثقافة الذي أسس له ووجهه حاكم الشارقة المثقف والمؤرخ والعلامة الثقافية الفارقة، في المشهد الثقافي اليوم داخل وخارج الوطن العربي والإسلامي». عمل لا يتوقف محمد القصير، رئيس قسم الشؤون الثقافية، أشار من ناحيته إلى أن العمل الثقافي في دائرة الثقافة والإعلام «عمل لا يتوقف على مدار العام، وذلك نظراً لتعدد الفعاليات التي تغطي كل الإبداعات والمفردات الثقافية في رؤية شاملة متكاملة نحاول من خلالها العمل على إيجاد آلية تفاعلية بين المثقفين على اختلاف اهتماماتهم، ونسعى إلى الاستفادة من الخبرات والطاقات وذلك لنقدم مادة ثقافية ثرية بإمكانها أن تروي عطش الجمهور الواسع الذي وجد في الشارقة مناخاً ثقافياً لا يتوقف نبعه، وهو من التنوع بمكان بحيث يشمل كل المهرجانات التي تنظم في الإمارة والتي أصبحت اليوم علامات ثقافية دولية ينتظرها المبدعون على مدار العام». وأضاف: «إن عمل القسم الثقافي في الدائرة يتفاعل مع كل التظاهرات تقريباً، سواء من خلال التنظيم أو البرامج الثقافية المصاحبة أو المقاهي الثقافية التي باتت اليوم تمثل تقليدا جميلا في الشارقة، أو من خلال المنتديات واللقاءات المفتوحة مع المثقفين والفنانين والتي نحرص من خلالها على إثراء المشهد للوصول به إلى الاكتمال، سواء من خلال الحرص على إبراز المحلي داخل الدولة أو من خلال العمل على تحقيق إشعاع الشارقة الثقافي في الخارج، وهذا ما تحقق اليوم بامتياز، إذ أصبحت إمارتنا قبلة ثقافية يأتيها الجميع، ويساهم في فعالياتها كبار المبدعين والمثقفين». للشعراء بيت يجمعهم لم تنس الشارقة، وهي ترسم لوحتها الثقافية ما يحتله الشعر من أهمية في الحياة الثقافية وفي ذاكرة الناس، ولم تترك الشعراء بلا بيت يجمع شملهم، ويحتضن رحيق قصائدهم. وبيت الشعر في الشارقة من البيوت العامرة بالنشاط، تأسس في 4 نوفمبر عام 1997م، وهو منجز يضاف إلى سلسله الإنجازات الثقافية الرائدة التي تحتضنها إمارة الشارقة. وربما تنبع أهميته من كونه يحتضن كل اتجاهات الشعر وأجناسه الكلاسيكية والحداثية ويغترف من تجارب كل الشعراء المبدعين بلا استثناء. ويهدف بيت الشعر وفق ما صرح به المسؤول عنه الشاعر محمد البريكي، إلى «تأصيل دور الشعر والشعراء في الحركة الثقافية والمجتمع، وتوثيق الحركة الشعرية المحلية والخليجية والعربية إضافة إلى التفاعل مع الحياة الشعرية وطنيا وعربيا وإنسانيا، ودعم الشعراء وتشجيعهم ماديا ومعنويا، والبحث في جماليات الشعر العربي عموماً وشعراء الإمارات خصوصاً». وأضاف البريكي: «نظم بيت الشعر على مدى عشر سنوات مهرجانات عدة للشعر العربي الفصيح وعددا من الندوات والمحاضرات ذات العلاقة الوطيدة بالشعر والنقد قدمها نخبة من الأساتذة، واستضاف عددا كبيرا من شعراء الدولة ودول مجلس التعاون والوطن العربي من المحيط إلى الخليج، كما نظم عددا من الدورات التدريبية والأنشطة الثقافية للناشئة والموهوبين في فن الشعر ويشرف على تلك الدورات أساتذة متخصصون كما دأب على تنظيم احتفال خاص بمناسبة اليوم العالمي للشعر في الواحد والعشرين من مارس من كل عام، وفي الوقت نفسه يقيم أنشطة متنوعة في المنطقة الشرقية على مدى ثلاثة أيام سنويا»، مشيراً إلى أن تأثيره «أصبح يتسع ليشمل الوطن العربي خدمة للحرف العربي وللغة القرآن والموروث الأدبي العربي الخالد». الشعر الشعبي.. حضور تأسس مركز الشارقة للشعر الشعبي في عام 2009، ويمارس هو الآخر دوره في المشهد الثقافي الشارقي، وفق ما قال الشاعر الشعبي المعروف راشد شرار مدير المركز: «يعد المركز انعكاسا لظاهرة طبيعية وهي أهمية وقيمة الشعر الشعبي باعتباره أكثر الأجناس الأدبية تناولا وإبداعا، من قبل أبناء الإمارات فيه ومن خلاله عبروا عن أحاسيسهم ومشاعرهم، وسجلوا أحداث حياتهم، وتجاربهم وخبراتهم الحياتية وتاريخ وطنهم وهويتهم المتفردة. وقد جذب هذا الفن الأدبي عدداً كبيراً من مبدعي الإمارات خلال سنين طويلة مضت، وحتى يومنا هذا مازال هذا الجنس الأدبي يشهد ظهور قامات ورواد يثرون الساحة الإماراتية بإبداعاتهم». وألمح شرار إلى أن المركز «كيان منسِّق يتم من خلاله العمل على الرقي بهذا الموروث الثقافي واتخاذ التدابير الرامية إلى توثيق أعمال رواد الشعر الشعبي الإماراتي، إضافة إلى نشر الشعر الشعبي والتعريف به في كافة أنحاء العالم، وتوفير المناخ الملائم لالتقاء الشعراء وتداول قضاياهم وهمومهم. منوهاً بأنه بولادة مركز الشارقة للشعر الشعبي تحقق الحلم الذي ظل يراود شعراء الإمارات، وبدأ المركز يأخذ دوره كمقر لاجتماع الشعراء والعمل على تنظيم الفعاليات الأدبية والشعرية». وأوضح شرار أن «رؤية المركز تتمثل في أن يظل الشعر الشعبي منبعاً معبراً عن أصالتنا وهويتنا، محافظاً على دوره التربوي، التاريخي الإعلامي الذي يحاكي من خلاله الشعراء زمنهم بكل متغيراته. في ضوء هذه الرؤية يسعى مركز الشارقة للشعر الشعبي إلى التفاعل البناء مع ثقافة المجتمع وتراث الإمارات من الشعر الشعبي والتنوع في طرح موضوعات وأغراض الشعر الشعبي، إضافة إلى توثيق ونشر الشعر الشعبي الإماراتي وتكوين مكتبة مختصة به. وتقوم استراتيجية العمل في المركز على دعامتين أساسيتين هما: المستوى الفكري الذي يتحقق من خلال التعامل المبدع مع القضايا التي تهم الشعر الشعبي استناداً إلى تراكم التجربة التي خاضها الشعراء والمختصون فيه عبر إقامة الندوات والأمسيات والمحاضرات، وطرح المحاور والأفكار والدراسات، وإجراء الحوارات واللقاءات مع الشعراء. والمستوى التوثيقي للعمل على تجاوز النقائص، إذ أن الكثير من الشعر الشعبي الإماراتي يعاني الإهمال، لاسيما أن ثمة رواداً لهم دور كبير في خدمة المجتمع، ومن الواجب علينا تسليط الضوء عليهم. ويسعى المركز إلى تقديم رسالة إلى الجيل الحالي، من خلال تسليط الضوء على قيمة ودور الشعر الشعبي ورواد هذا الفن الأدبي الجميل، تقديراً لدورهم في تسجيل كل ما يخص المجتمع الإماراتي عبر صفحات التاريخ، متغلبين على الظروف المحيطة. كما يحقق المركز هذا الجانب من خلال البحث عن المصادر واستقاء المعلومات من خلال إجراء اللقاءات مع الرواة والإخباريين الذين عاصروا الفترة الماضية، وإصدار الكتب والدراسات التي تؤرخ وتوثق لهذا، إضافة إلى ترجمة بعض القصائد ونشرها عبر إصدارات المركز، وتشجيع البحوث والدراسات، وإنشاء مرصد إحصائي يتضمن قاعدة بيانات لرصد كافة المعلومات المتعلقة بالشعر الشعبي وشعرائه. كما وضع المركز استراتيجية إعلامية واضحة المعالم لإبراز وتأكيد دور الشعر الشعبي، في التعبير والتأريخ للمجتمع الإماراتي». السويجي: المنطقة الشرقية حاضرة في المشهد الثقافي محمد صالح السويجي مدير إدارة دائرة الثقافة والإعلام بالمنطقة الشرقية قال عن الدور الريادي الذي تلعبه الدائرة في هذه الربوع: «يقوم قسم النشاط الثقافي، بإدارة الشؤون الثقافية والقيام بأنشطة تستهدف تفعيل الفعاليات الثقافية والأدبية الإبداعية، مع اقتراح فعاليات وأنشطة تساهم في الحراك الثقافي الفكري في الساحة المحلية، وتطوير الأداء للاستفادة من ممكنات العمل الثقافي، وذلك ضمن البرنامج العام لدائرة الثقافة والإعلام بالمنطقة الشرقية لحكومة الشارقة، وبالتعاون مع الأقسام الأخرى التابعة للدائرة في حالة الأنشطة الكبرى التي تتطلب تضافر كافة الجهود. أما الأقسام الأخرى التي تأخذ بعداً فكرياً ومعرفياً فهي المكتبات العامة بالمنطقة الشرقية في كل من: كلباء، خورفكان، دبا الحصن ووادي الحلو». وأضاف السويجي: «يعد قسم التخطيط للبرامج بالمنطقة الشرقية الرأس المفكر للأنشطة إذ تصب فيه جميع الأفكار ليتم تقديمها بشكل يتوافق مع سياسة الدائرة، ويستعين هذا القسم بأصحاب الخبرات والمستشارين وذلك ليتم إعداد الخطط البرامجية تحت معايير عالية وقيمة تخدم الدور الثقافي بالمنطقة. فيما يعتبر المركز الإعلامي للدائرة بالمنطقة، حلقة الوصل الأساسية التي تربط الدائرة بالجمهور، ويعمل هذا القسم على نشر البرامج الثقافية عن طريق كافة الوسائل الإعلامية. كما يضع هذا القسم البرامج الإعلامية التي تخدم محيطاً واسعاً من محبي الثقافة بالمنطقة ليصبح الدور فاعلاً ونشطاً بصورة مستمرة»، مضيفاً أن «آخر توجهاته هو برنامج تلفزيوني يرصد جميع البرامج الثقافية بالمنطقة لتبث عبر قناة الشرقية من كلباء». وختم السويجي بأن «هناك برامج كبرى تقام سنوياً وهي: القوافل الثقافية، والملتقى الثقافي، ناهيك عن برامج الطفل وبرنامج شعري سنوي يجمع نخبة من الشعراء والأدباء لتنشيط هذا الجانب في المنطقة».وعن مراكز الفنون في المنطقة الشرقية تقول زبيدة المر مسؤول مكتب إدارة الفنون: يقوم مكتب الإدارة في الشرقية بتنفيذ العديد من البرامج الفنية مثل الدورات التعليمية والمعارض الفنية المحلية أو تلك التي ترافق برامج الفعاليات الكبرى كالمهرجانات. ويقيم مكتب إدارة الفنون في المنطقة الشرقية معارض ذات أصداء واسعة كعيون شرقية وما يتعلق بالفنون الفطرية في المنطقة الشرقية كدراويز وبراويز، ومداد الوطن، ومعارض لأسماء هامة من قبيل رسائل أمي لعبدالله السعدي، ومداد الوطن، وقد كان لهذه الأنشطة نتائج بالغة الأهمية، عكستها الأجيال الفنية الشابة. وأضافت المر إن مراكز الشرقية هي: مركز كلباء للفنون، مركز خورفكان للفنون، مركز دبا الحصن للفنون، وكل منها يحظى بإدارة تناسب تخصصها لتنفيذ البرامج الفنية المتنوعة والفعاليات الدولية النوعية، فهي مزودة بكل المستلزمات التي من شأنها تهيئة الظروف النموذجية للممارسة الفنية والتثقيفية، من قبيل الأجهزة والمعدات ذات التقنيات العالية.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©