السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

جلسات «كينج» حول المسلمين الأميركيين!

جلسات «كينج» حول المسلمين الأميركيين!
13 مارس 2011 23:55
ينوي النائب بيتر كينج (جمهوري من نيويورك) عقد جلسات استماع في الكونجرس لمناقشة موضوع التهديد الذي يمثله الإرهاب الإسلامي الداخلي. وفي الجلسة الأخيرة للكونجرس قدم كينج عدداً من الاتهامات ضد الأميركيين المسلمين، منها أنهم لم يتعاونوا مع رجال تنفيذ القانون في منع المؤامرات الإرهابية داخل الولايات المتحدة. والمشكلة بالنسبة لجلسات الاستماع التي يعقدها كينج ليس أنها تمثل تعبيراً فجاً عن التعصب، وإنما لأنها تأتي بنتائج عكس المقصود منها في الأساس، حيث تخفق في معالجة الأسباب الجذرية للإرهاب الداخلي وتساعد على إقصاء، وليس مشاغلة، قطاع هو الأكثر قيمة على الإطلاق في مقاومة التطرف الإسلامي، أي قطاع الأميركيين المسلمين. ووفقاً لما قاله وزير العدل "إيريك هولدر" في كلمة له مؤخراً، فإن "التعاون الذي قدمه المسلمون والأميركيون من أصول عربية في الولايات المتحدة، قد مثل أهمية جوهرية في التعرف على التهديدات الإرهابية ومنعها". ووفقاً لتقارير وزارة الأمن الداخلي، و"تراينجل سنتر"، فقد أدى تعاون الأميركيين المسلمين إلى إحباط مؤامرات إرهابية في48 حالة من بين 120 حالة تشمل أميركيين مسلمين. وفي العام الماضي ذكر تقرير لمؤسسة "راند" أن انخفاض عدد المتطرفين الذين يحتمل أن يمارسوا العنف يثبت أن الأميركيين المسلمين يعارضون "الأيديولوجية الجهادية وما تدعو إليه من عنف"، وبالتالي فإن سوء الثقة في الأميركيين المسلمين من جانب قطاعات أخرى في المجتمع الأميركي هو سوء ثقة "في غير محله". ومنذ الحادي عشر من سبتمبر أُنفقت ملايين الدولارات على أبحاث تهدف لفهم المسلمين الأميركيين؛ أعدادهم، ومدى تدينهم، وما إذا كانوا يشعرون بـالرضا والسعادة لوجودهم في الولايات المتحدة أم لا. وجاء في دراسة أجرتها مؤسسة "بيو" لاستطلاعات الرأي، أن معظم المسلمين الأميركيين ينتمون إلى الطبقة الوسطى من التيار الرئيسي للأميركيين، وأنهم مندمجون بشكل جيد في المجتمع، ومعتدلون من الناحية الدينية، ولا يختلفون عن باقي المؤمنين بالأديان الأخرى من الذين يعيشون في المجتمع الأميركي فيما يعتنقونه من مبادئ وقيم، وفي مدى التزامهم بالفروض الدينية، بل وفي درجة السعادة التي يشعرون بها لوجودهم في هذا المجتمع. وفي دراسة أجرتها "جامعة ديوك"، وجد الباحثون المتخصصون في شؤون مقاومة الإرهاب أن عدد الأميركيين المسلمين ممن يمكن تصنيفهم"راديكاليين" محدود للغاية، وأن المساجد تتخذ خطوات براجماتية للغاية من أجل مقاومة التطرف، وتشجيع الإندماج في الأنشطة المدنية للمجتمع الأميركي.ورغم كل تلك الأدلة والشواهد لا يزال "كينج" يصر على أن 85 في المئة من المساجد في الولايات المتحدة "لها قيادات متطرفة"، وعلى أن المسلم الأميركي العادي ليس مناوئاً للإرهاب. المسلمون الأميركيون يعرفون، ويتألمون لذلك كثيراً، إن أفعال البعض منهم، وهم قليلون للغاية، عادة ما تكون لها أصداء دولية وتداعيات على الجاليات المسلمة في الولايات المتحدة، وهو ما يدعو أئمة المساجد والزعماء الدينيين المسلمين للقيام بتوعية أبناء عقيدتهم وشبابهم وحثهم على التعاون مع رجال تنفيذ القانون، كما لا يوفرون مناسبة دون أن يشجبوا الإرهاب. وهذه الجهود ينبغي أن تلقى منا التقدير وأن تدفع مشرعاً مثل "كينج" وغيره من المهمومين بقضية الإرهاب الداخلي، إلى دعم هؤلاء الأئمة والزعماء. لكن بدلاً من ذلك نجد "كينج" في جلساته ينظر إلى جميع المسلمين الأميركيين على أنهم "غرباء خطرون"، وهو ما يساهم في تقويض جهود مكافحة الإرهاب التي تتم داخل المساجد الأميركية. وإذا ما كان "كينج" وغيره من الساسة الأميركيين، معنيين حقاً بمكافحة الإرهاب الداخلي، فعليهم الانتباه للمناخ المناوئ للمسلمين الذين يساعدون -بمواقفهم- على خلقه، وعليهم أن يقوموا بدلاً من ذلك، بعمل ما يتوجب عليهم عمله من إجراءات صائبة. فمما يشار إليه في هذا السياق أن وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية وإدارة شرطة ولاية نيويورك، نشرتا في الآونة الأخيرة تقريرين كان من أهم ما جاء فيهما أن شعورين اثنين من أبرز المشاعر التي تعتري "الإرهابيين المسلمين الداخليين" هما: الغضب العارم تجاه معاناة المسلمين في مختلف أنحاء العالم، والشعور بالإقصاء والاستبعاد داخل المجتمع الأميركي. وهذان شعوران قد لا تساعد جلسات الاستماع التي يدعو إليها كينج وما يشيعه من مناخ مناوئ للمسلمين في التخفيف منهما، بل على العكس، قد تؤدي لمفاقمتهما. وهذا المناخ السياسي المعادي للجهود التي تقوم بها الجاليات الإسلامية في الولايات المتحدة من أجل مقاومة التطرف الداخلي، يؤدي إلى تبديد طاقات وموارد ثمينة على أنشطة لا طائل من ورائها، بدلاً من إنفاقها في التصدي للتحديات الكثيرة التي يواجهها المجتمع الأميركي المسلم، ومنها تحقيق الانسجام بين مكوناته من أجل مواجهة الضغوط التي تقع عليه من خارجه، مثل الجلسات التي تهدف للترويج لمشاعر الخوف المرضي من الإسلام (الإسلاموفوبيا)، أو إصدار التشريعات التي تفاقم هذه الظاهرة. ما أود قوله في نهاية المطاف، هو أن المسلمين الأميركيين قد اضطلعوا بمسؤوليتهم في مكافحة التطرف ولا يستطيع أحد إنكار ذلك. ويتبقى عليهم أن يأخذوا المظالم والشكاوى التي يقدمها شبابهم على محمل الجد. إن أقوى استراتيجية لمقاومة الإرهاب لم تأت من كابيتول هيل، كما كان متوقعاً، وإنما جاءت من ميدان التحرير في القاهرة. فقد أظهرت الاحتجاجات السلمية في الشرق الأوسط أن معاناة المسلمين العالمية كانت حقيقية، وأن مصدرها سياسي وليس دينياً. والأهم أن تلك الاحتجاجات قد أثبتت بأن الشباب المسلم في الشرق الأوسط -وفي الولايات المتحدة بالطبع- قادر على العمل من أجل تحقيق العدل الاجتماعي والحقوق المدنية بنفس الدرجة من النجاح التي حققتها الأقليات الأميركية العديدة السابقة الوجود بأميركا، مسلحة في ذلك بالصبر والشجاعة، وليس بالأسلحة. زارينا جريوال أستاذة الدراسات الأميركية والدينية المساعدة بجامعة ييل ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©