الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الأخبار العالمية

تنامي التحالف القطري الإيراني يضعف الموقف الأميركي في منطقة الخليج

تنامي التحالف القطري الإيراني يضعف الموقف الأميركي في منطقة الخليج
2 ابريل 2018 02:21
دينا محمود (لندن) مع اقتراب العزلة التي يعاني منها النظام القطري من دخول شهرها العاشر، تتزايد المؤشرات على إمكانية اتخاذ الولايات المتحدة قراراً بتخفيف وجودها العسكري في قاعدة «العديد» الجوية الواقعة شمال غربي الدوحة، والتي يعمل هذا النظام على استغلال وجودها في الدويلة المعزولة كـ«وثيقة تأمين» تضمن بقاءه في سدة السلطة، وحمايته من أي انتفاضات داخلية محتملة تستهدف الإطاحة به. ففي تقريرٍ تحليلي نشره موقع «جلوبال ريسرش» -التابع لمركز أبحاث العولمة الذي يتخذ من مدينة مونتريال الكندية مقراً له- كشف البروفيسور الكندي البارز ميشال شوسودوفسكي النقاب عن أن وزارة الدفاع الأميركية (البنتاجون) بحثت بالفعل خيار نقل بعض المقار الاستراتيجية المهمة من هذه القاعدة التي يرابط فيها أكثر من 10 آلاف عسكري أميركي، بجانب قواتٍ من بريطانيا ودولٍ أخرى حليفة للولايات المتحدة. وقال شوسودوفسكي -الذي عمل من قبل مستشاراً لمنظمات دولية وعدد من حكومات دول العالم- إن بحث المخططين العسكريين الأميركيين هذا الخيار جاء في ضوء التقارب الحادث في العلاقات بين النظام القطري ونظام الملالي الحاكم في إيران. وأشار الكاتب -وهو كذلك مؤسس ومدير مركز أبحاث العولمة- إلى أن العلاقات بين نظام تميم وحكام طهران تشكل وجه «تناقضٍ جوهري» مع بقاء «العديد» وهي «أكبر القواعد العسكرية الأميركية في منطقة الشرق الأوسط» في دولةٍ مثل قطر، وأشار إلى أنها «حليفة بشدة» لإيران، التي تتخذ إدارة الرئيس دونالد ترامب حيالها موقفاً صارماً بوضوح في الوقت الراهن، وتسعى لتعديل أو إلغاء الاتفاق المبرم بينها وبين القوى الكبرى في العالم بشأن أنشطتها النووية. واستعرض البروفيسور الكندي الجوانب المختلفة للعلاقات الوثيقة بين إيران -التي وصفها بـ«أنها عدوة لأميركا»- وقطر التي تتشبث ببقاء آلاف الجنود الأميركيين على أراضيها، قائلاً إن طهران تشكل «الشريك الرئيسي لقطر في صناعة النفط والغاز» وذلك بجانب تركيا، التي أشار إلى أنها تنشر بدورها قواتٍ في قاعدة «طارق بن زياد» التي أقامتها أنقرة في الأراضي القطرية بموجب اتفاق تم التوصل إليه عام 2014. وأبرز شوسودوفسكي التعاون الوثيق الذي يربط النظامين الإيراني والقطري في مجال الغاز الطبيعي على وجه الخصوص، وذلك من خلال حقل غاز الشمال الذي يقع في الخليج العربي وتبلغ مساحته نحو 9700 كيلومتر مربع، يقع ثلثاها في المياه الإقليمية القطرية والباقي في المياه الإقليمية التابعة لإيران. وأشار تقرير المحلل السياسي والاقتصادي المرموق إلى أن هذا الحقل هو الأكبر من نوعه في العالم بأسره. كما لم يغفل الكاتب العلاقات الأخرى التي ينسجها «نظام الحمدين» المهيمن على الحكم في الدوحة، مع قوى دولية تتخذ مواقف مناوئة للمصالح الأميركية مثل روسيا والصين، اللتين قال إنهما تعملان «بنشاط في قطاع صناعة النفط والغاز» في قطر أيضاً، وهو ما يبرر الروابط الوثيقة التي تربطهما بالنظام القطري. ولفت التقرير التحليلي الانتباه إلى أن قاعدة الأمير سلطان الجوية الواقعة وسط المملكة العربية السعودية (على بعد 80 كيلومتراً جنوبي العاصمة الرياض) تشكل أحد الأماكن التي يُحتمل أن تقرر واشنطن نقل المقر الأمامي للقيادة الأميركية المركزية إليها، وهو أحد أبرز المقار العسكرية التي تحتوي عليها «العديد» بالنسبة للجيش الأميركي، بجانب مقر القيادة المركزية للقوات الجوية، والمركز المشترك للعمليات الجوية والفضائية، ومقر المجموعة 319 الاستكشافية الجوية التابعة لسلاح الجو الأميركي كذلك. وأبرز التقرير الأهمية الاستراتيجية للقاعدة، التي تستخدمها القوات الأميركية منذ عام 2000، مُشيراً إلى أنها تضم الهياكل القيادية لكل العمليات العسكرية التي تقوم بها الولايات المتحدة في منطقتي الشرق الأوسط ووسط آسيا، وتشرف على الحرب التي تقودها واشنطن ضد التنظيمات الإرهابية في العراق وسوريا وأفغانستان، مثل تنظيمي «القاعدة» و«داعش» وحركة «طالبان» الأفغانية. كما حرص التقرير على إبراز المؤشرات التي تفيد بشروع الإدارة الأميركية في اتخاذ إجراءات أكثر تشدداً ضد النظام القطري. وأشار في هذا السياق إلى التغيرات التي شهدتها إدارة ترامب مؤخراً بعد الإطاحة بوزير الخارجية السابق ريكس تيلرسون الذي كان يتخذ مواقف مُهادنة للنظام القطري، وتعيين مدير وكالة الاستخبارات المركزية (سي آي آيه) مايك بومبيو -المعروف بتشدده حيال إيران الحليف القوي لـ«نظام الحمدين»- خلفاً له. كما شملت هذه التغييرات كذلك تغيير مستشار الأمن القومي الأميركي، الذي اختير لشغل منصبه الدبلوماسي المخضرم جون بولتون ذو التوجهات المحافظة بشدة، بدلاً من الجنرال هربرت ريموند ماكماستر. ووصف شوسودوفسكي الإدارة الأميركية بتشكيلتها الحالية بـ«حكومة حرب»، لافتاً الانتباه إلى المطالبات الراهنة على الساحة الداخلية في الولايات المتحدة بإجبار قناة «الجزيرة» القطرية -الموصومة بالترويج للإرهاب وإتاحة الفرصة لدعاة العنف والكراهية للظهور على شاشاتها- على أن تُسجِل نفسها كـ«عميل أجنبي» نظراً للتحالف القائم بين الدوحة وطهران وموسكو. ومن شأن إرغام الشبكة على أن تدرج اسمها ضمن الكيانات المشمولة بقانون «الوكلاء الأجانب»، الصادر في الولايات المتحدة عام 1938، فرض قيودٍ على قدرتها على الوصول إلى مسؤولين أميركيين ومنشآت في داخل البلاد، مما سيفضي إلى تقييد أنشطتها في نهاية المطاف. ويشير الكاتب بذلك إلى حملة الانتقادات الضارية التي تتعرض لها «الجزيرة» في الولايات المتحدة، بعدما كشفت عن تورطها في ما وصفه مشرعون أميركيون بعملية تجسس استهدفت منظمات يهودية تعمل في واشنطن، وذلك لإعداد فيلم وثائقي يُفترض أنه سيرى النور قريباً. ففي إطار عملية تصوير هذا الفيلم، دفعت القناة المشبوهة بصحفي عمل متخفياً في عددٍ من هذه المنظمات، مما أتاح له الفرصة لتصوير بعض أعضائها والاطلاع على ملفاتٍ تخصها، مما أثار غضب اللوبي الصهيوني في أميركا، الذي يحاول نظام تميم استجداء دعمه لحمل إدارة ترامب على اتخاذ موقف أقل حدة حيال الدوحة في الأزمة الخليجية الحالية. كما أبرز شوسودوفسكي في تقريره التحليلي المطول ما يلحق بالصف الخليجي من أضرار جراء تشبث النظام القطري بالتعنت والمكابرة في تعامله مع المطالب المُحقة المطروحة عليه، قائلاً إن الأزمة الراهنة تجعل الوحدة الخليجية في «خطر»، في ظل التحالف الذي تقيمه دولٌ مثل قطر مع النظام الإيراني، وهو ما «يُضعف الموقف الأميركي» في منطقة الخليج. ويعزز التحليل الذي نشره البروفيسور الكندي التوقعات السائدة على الساحة الأميركية في الوقت الراهن بأن أيام قاعدة «العديد» الجوية في قطر قد باتت معدودة، بعد تعالي الأصوات المُطالبة بوقف استخدام واشنطن لهذه القاعدة لمنع النظام القطري من استغلال تلك الورقة لتحقيق مآربه السياسية.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©