الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أحوال لغتنا العربية

أحوال لغتنا العربية
19 يناير 2009 00:37
إذا تركنا مناهج اللغة العربية في المدارس والجامعات جانباً وخرجنا إلى الحياة العامة أو استمعنا إلى الإذاعات والفضائيات العربية، على اختلاف بلدانها وتنوع لهجاتها، نكتشف أن أحوال لغتنا الأم لا تسر الخاطر ولا تتناسب مع أهمية تراثنا الحضاري الأصيل· وأكثر من ذلك أننا نراها محاصرة بلغات أخرى، والأخطر أننا نراها تنحصر في زاوية صغيرة شبه مهملة في وسائل الاتصال الحديثة، وخاصة في الشبكة العالمية والمواقع الإلكترونية· لغتنا العربية مرتبطة بوجودنا ومستقبلنا بقدر ارتباطها بتاريخنا ومقدساتنا، ومن واجبنا الحفاظ عليها من الضعف والضياع· ولو حاولنا أن نتأمل لغة أبنائنا لوجدناها ضعيفة ومرتبكة ومحشوة بكثير من العبارات الأجنبية، وكأنهم لا يعرفون الكثير من مفرداتها، ولا يرتاحون لاستعمالها، حتى أصبحت أي عبارة فصيحة تطرق أسماعهم، تحتاج إلى سلسلة من الشرح والتبسيط وفك الرموز حتى يتسنى لهم إدراك معناها· ولنا أن نتساءل ما هي العوامل التي تؤدي باللغة الفصحى وقواعدها إلى النفور والإهمال، حتى بتنا نخاف عليها من أن تفقد القدرة على الاستمرار في حياتنا اليومية؟ وذلك لأكثر من سبب: إذا استثنينا نشرات الأخبار والبرامج الثقافية على قلتها، فإن جميع محطات التلفزة في البلاد العربية بدون استثناء تستبعد اللغة الفصحى وتعتمد على العامية في معظم برامجها· وهناك سبب آخر وهو الاهتمام الزائد باللغة الأجنبية على حساب لغتنا العربية، وأصبحنا نطير فرحاً عندما يلفظ طفل صغير كلمة إنجليزية أو فرنسية أو غيرها··· فنشجعه ونصفق له فرحين بما حفظ غير آبهين بما تعلّم من لغته الأم، بل نسارع إلى تسجيله في مدارس تعتمد لغات غير العربية، ويوماً بعد يوم نزداد افتخاراً وتباهياً بما وصل إليه هذا الابن من إتقان لهذه اللغة أو تلك· لا أستطيع أن أصف الشعور الذي ينتابني عندما ترد في خاطري الحال التي وصلت إليها لغتنا، اللغة التي جمعتنا -نحن العرب- منذ آلاف السنين، أهو شعور حسرة؟ أم جرح؟ إنه أعمق من ذلك بكثير· ولكن مازال الأمل في إنقاذها قائماً، وكم أتمنى أن يتحرك الوعي لدينا جميعا فنقف متعاونين لحماية لغتنا مما يهدد بإهمالها أو ضياعها· وما أجمل أن ننطلق من فهمنا وإدراكنا بمبدأ أن لغتنا هي هوية عروبتنا وذخبرة تراثنا التي لا نرضى عنها بديلاً، ولا بد أن نجد الطرق والحلول المناسبة التي تحول دون فقدان هذه الهوية· أيمن حجازي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©