«أتعثر بالذهب» جديد الشاعر المغربي محمد الصالحي

بدءا من الصفحة الأولى لديوانه «أتعثر بالذهب»، الصادر مؤخرا في الدار البيضاء عن عيني بنايي في قرابة 60 صفحة من القطع المتوسط، يباغت الشاعر والناقد المغربي محمد الصالحي قارئه بصور هي نتاج تأمل في العالم من حوله بأشيائه التي كأنها عادية تماما، بالنسبة لمن لا يحسن الإصغاء إليها، لكنها ليست كذلك: «ليس الخريرُ صوتَ المياه. الخريرُ أنينُ الحجر.» كما لو أن الشاعر تاريخه هو تاريخ لغته وليس بتاريخ شخصي، أي أن الشاعر يخرج من التاريخ بكل معانيه ليتأمل ما يبقي الأشياء الحيّة والجامدة في حضور البشر في العالم وحراكهم فيه وما يرونه سواء عليه أكان الشخص في حدّ ذاته حاضرا أم لا: «يا لهذا البرق، يضيء للمطر طريقا، وهو أعمى.» ثمة «مجانية»، من نوع ما وفقا لمعناها الإيجابي، في هذا الديوان الذي أهداه صاحبه للشاعر الجاهلي الحطيئة، أي أنه ما من قول ما أو معنى ما يريد منه الشاعر أن يبلغ قارئا وما من أو قضية يريد الدفاع عنها باستثناء ذلك الإحساس بالجمال الذي من الممكن أن يبلغ القارئ من جرّاء التأويل أو المقدرة على الاستمتاع باللغة بحد ذاتها بوصفها بنية تركيبية ونحوية ضمن قالب إيقاعي يبدو خفيا في أعماق القول الشعري: «فإن أنتَ ألّبْتَ على الخطو الطريق، وتبدّى من أقاصي الأرض بريق، فلا تكترث، فالأيام التي زقزقت، ريشها من حجر.» في «أتعثر بالذهب» تتجاور «الأشياء والكلمات»، إذا جاز التوصيف، ربما بسبب هذه الاستراتيجية التي بنى محمد الصالحي قوله الشعري بناء عليها، وهي باختصار الإصغاء العميق إلى الأصوات الأخرى التي لا تُرى بالعين المجردة بل ذلك الإصغاء الذي يمكِّن صاحبه من التقاط الصور: «ليس حتى نتعلم الدفنَ قتلَ قابيلُ هابيلَ، بل حتى يكتب آدم المرثية.» لمحمد الصالحي كتاب آخر في الشعر يحمل العنوان: أحفر بئرا في سمائي، فضلا عن كتاب نقدي لافت صدر العام 2003 عن منشورات اتحاد كتّاب المغرب بعنوان: شيخوخة الخليل – بحثا عن شكل لقصيدة النثر العربية.