الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

القرآن نور قلوبنا.. وأمانها من الخوف والحزن والجزع

القرآن نور قلوبنا.. وأمانها من الخوف والحزن والجزع
29 ابريل 2010 21:12
القرآن الكريم هو كلام الله المنزل على رسوله محمد- صلى الله عليه وآله وسلم- المتعبد بتلاوته، المتحدي بأقصر سورة منه، والمنقول إلينا نقلاً متواترًا. وهو الكتاب الْمُبِين الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد، وهو المعجزة الخالدة الباقية المستمرة على تعاقب الأزمان والدهور إلى أن يَرِثَ الله الأرض ومن عليها، وهو حبل الله المتين والصراط المستقيم والنور الهادي إلى الحق وإلى الطريق المستقيم، فيه نبأ ما قبلنا وحكم ما بيننا وخير ما بعدنا، هو الفصل ليس بالهزل، وهو الذي لا تزيغ به الأهواء، ولا تلتبس به الألسنة، ولا يشبع منه العلماء، ولا يخلق عن كثرة الرد، ولا تنقضي عجائبه، وهو الذي لم ينته الجن إذ سمعته حتى قالوا إنا سمعنا قرآنا عجبا يهدي إلى الرشد، من تَرَكَهُ من جبار قصمه الله، ومن ابتغى الهدى في غيره أضلَّه الله، من قال به صدق، ومن حكم به عدل، ومن اعتصم به نجا، ومن تركه هلك، ومن دعا إليه فقد هدى إلى صراط مستقيم. وثيقة النبوة روى الحاكم وصحَّحه، عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “إن هذا القرآن مأدبة الله فاقبلوا من مأدبته ما استطعتم، إن هذا القرآن حبل الله، والنور المبين، والشفاء النافع عصمة لمن تمسك به، ونجاة لمن تبعه، لا يزيغ فيستعتب، ولا يعوج فيقوم، ولا تنقضي عجائبه، ولا يخلق من كثرة الرد، اتلوه فإن الله يأجركم على تلاوته كل حرف عشر حسنات، أما إني لا أقول الم حرف، ولكن ألف ولام وميم”. وهو وثيقة النبوة الخاتمة، ولسان الدين الحنيف، وقانون الشريعة الإسلامية، وقاموس اللغة العربية، هو قدوتنا وإمامنا في حياتنا، به نهتدي، وإليه نحتكم، وبأوامره ونواهيه نعمل، وعند حدوده نقف ونلتزم، وسعادتنا في سلوك سننه واتباع منهجه، وشقاوتنا في تَنَكُّبِ طريقه والبعد عن تعاليمه. وهو رباط بين السماء والأرض، وعهد بين الله وبين عباده، وهو منهاج الله الخالد، وميثاق السماء الصالح لكل زمان ومكان، وهو أشرف الكتب السماوية، وأعظم وحي نزل من السماء،لا يدانيه كلام، وحديثه لا يشابهه حديث، وفضل القرآن على سائر الكلام كفضل الله على سائر خلفه. قال تعالى: {قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَن يَأْتُواْ بِمِثْلِ هَـذَا الْقُرْآنِ لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً} الإسراء88، كما قال تعالى: {وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثًا} النساء87. شفاء ولقد سعد المسلمون بهذا الكتاب الكريم، الذي جعل الله فيه الهدى والنور، ومنه طب الإنسانية وشفاء ما في الصدور، وأيقنوا بكلام الله، حيث يصف القرآن فيقول: {إِنَّ هذا الْقُرْآنَ يَِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ}، وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ} [يونس: 57]. و قال تعالى: {وَنُنزلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلا خَسَارًا} [الإسراء: 82]، وقال تعالى: {قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ وَالَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى أُولَئِكَ يُنَادَوْنَ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ} [فصلت: 44]. فالقرآن هو أعظم أسباب الشفاء من أمراض القلوب، وكذلك الأبدان، وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يرقي نفسه وأهل بيته وأصحابه، ومن يأتيه من المرضى بآيات القرآن الكريم، ويوصي بقراءته فإنها تحفظ من السحر وغيره بإذن الله تعالى. روى مسلم عن عبد الله بن بريدة عن أبيه قال كنت جالساً عند النبي صلى الله عليه وسلم فسمعته يقول: “اقرأوا سورة البقرة، فإن أخذها بركة وتركها حسرة ولا يستطيعها البطلة”، قال الإمام المناوي رحمه الله في فيض القدير: قال ابن القيم: جماع أمراض القلب الشبهات والشهوات والقرآن شفاء لهما ففيه من البينات والبراهين القطيعة والدلالة على المطالب العالية ما لم يتضمنه كتاب سواه فهو الشفاء بالحقيقة، لكن ذلك موقوف على فهمه وتقريره المراد فيه. اهـ وقال الإمام المناوي أيضاً: “القرآن هو الدواء”، أي من الأمراض الروحانية كالاعتقادات الفاسدة في الإلهيات والنبوة والمعاد وكالأخلاق المذمومة، وفيه أوضح بيان لأنواعها وحث على اجتنابها ومن الأمراض الجسمانية بالتبرك بقراءته عليها لكن مع الإخلاص وفراغ القلب من الأغيار وإقباله على الله بكليته، وعدم تناول الحرام وعدم الآثام واستيلاء الغفلة على القلب فقراءة من هذا حاله مبرئ للأمراض وإن أعيت الأطباء، ولهذا قال بعض الأئمة: متى تخلف الشفاء فهو إما لضعف تأثير الفاعل أو لعدم قبول المحل المنفعل أو لمانع قوي يمنع تخلفه أن ينجع فيه الدواء، كما تكون في الأدوية الحسية شفاء لما في الصدور* (وننزل من القرآن ما هو شفاء)* قال الأكثر: من جنسية لا تبعيضية، فالقرآن هو الشفاء التام من جميع الأدواء القلبية والبدنية، لكن لا يحسن التداوي به إلا الموفقون، ولله حكمة بالغة في إخفاء سر التداوي به عن نفوس أكثر العالمين، كما له حكمة بالغة في إخفاء كنوز الأرض عنهم. راحة للقلوب وهو أعظم أسباب اطمئنان القلوب وأمنها وأمانها من الخوف والحزن والجزع، وراحة البال من الهموم والكروب، وهو ماء حياة القلوب وقوت غذائها، ودواء شفائها، وأصل عافيتها، والقلب الخالي منه، الخاوي عنه فاسد خرب مريض، قال تعالى {الَّذِينَ آَمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ} الرعد(28). قال الإمام ابن كثير رحمه الله في تفسيره: أي: تطيب وتركن إلى جانب الله، وتسكن عند ذكره، وترضى به مولى ونصيرًا؛ ولهذا قال: {أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ} أي: هو حقيق بذلك. وأخرج الترمذي والحاكم من حديث ابن عباس رضي الله عنه قال: قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم: “إن الذي ليس في جوفه شيء من القرآن كالبيت الخرب”. حلية المؤمنين وهو باب رفعة المؤمن في الدنيا والآخرة، وكم رفع الله به أقواماً ووضع به آخرين، وهو حلية المؤمن وشرفه وعزه بين العالمين. وفي الصحيحين، عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول: “مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن كمثل الأُتْرُجَّة طعمها طيب وريحها طيب، ومثل المؤمن الذي لا يقرأ القرآن كمثل التمرة طعمها طيب ولا ريح لها، ومثل الفاجر الذي يقرأ القرآن كمثل الريحانة ريحها طيب ولا طعم لها، ومثل الفاجر الذي لا يقرأ القرآن كمثل الحنظلة طعمها مر ولا ريح لها”. وهو نور في ظلمات القبور، وفي ظلمات القيامة في العرصات، وعلى الصراط، فكما كان أنيسه وجليسه في الدنيا فهو أنيسه وجليسه في الآخرة، وبه يُزّين بين الأنان، ويُلبس تاج الكرامة، ويرفع الله ويكرم أهل القرآن وأهليهم بكرامة القرآن الكريم روى أحمد عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “من استمع إلى آية من كتاب الله عز وجل كتبت له حسنة مضاعفة ومن قرأ آية من كتاب الله كانت له نورًا يوم القيامة”. وأخرج الحاكم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “يجيء صاحب القرآن يوم القيامة، فيقول القرآن: يا رب حله، فيلبس تاج الكرامة، ثم يقول: يا رب زده يا رب ارض عنه فيرضى عنه، ويقال له اقرأ وارق، ويزاد له بكل آية حسنة”. وأخرج أبوداود وأحمد والحاكم من حديث معاذ بن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال “من قرأ القرآن فأكمله وعمل به ألبس والده تاجاً يوم القيامة، ضوؤه أحسن من ضوء الشمس في بيوت الدنيا لو كانت فيكم، فما ظنكم بالذي عمل بهذا”. والكلام على فضائل القرآن وشرف القرآن ونور القرآن كثير، فهو بحر خضم واسع، أعظم من أن تحويه كلمات أو تجمعه عبارات، ولكن يكفي من القلادة ما أحاط بالعنق. الشيخ عبد الرحمن عمورة من علماء الهيئة العامة لشؤون الإسلامية والأوقاف
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©