الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

جعفر الصادق.. رفض الخلافة.. والتزم الدعوة إلى الله

جعفر الصادق.. رفض الخلافة.. والتزم الدعوة إلى الله
8 يونيو 2016 11:14
محمد أحمد (القاهرة) كان جعفر الصادق من بين آل البيت، الإمام الذي تتطلع إليه أنظار أبناء عصره من الحكام أو من يعانون استبدادهم على السواء بعد استشهاد عمه زيد بن علي زين العابدين في حادثة بشعة تشبه ما حدث لجده الحسين. هو جعفر بن محمد الباقر، ولد في المدينة العام 80 هـ ومات فيها 148 هـ، جده لأمه أبو بكر الصديق وجده لأبيه الإمام علي بن أبي طالب، وهو نسب لم يجتمع لغيره، كان صافي النفس واسع الأفق مرهف الحس متوقد الذهن حاد البصيرة عذب الحديث صادق الوعد تقياً، حفظ القرآن صبياً، وأتقن تفسيره وحفظ الأحاديث والسنة، وانتهى رأيه إلى أنه لا يوجد حديث شريف يخالف نصوص القرآن الكريم. وهب الإمام جعفر نفسه للعلم وقد تعلم أن طلب العلم ونشره جهاد في سبيل الله، واهتم بعلوم الطبيعة والكيمياء والفلك والطب والنبات والأدوية، بعد دراسة القرآن الكريم والحديث وتتلمذ على يديه جابر بن حيان، فتعهده وحثه على دراسة علوم الحياة وأمره أن ييسر كتاباته لينتفع بها الناس. عاش الإمام جعفر يدعو إلى سبيل الله بالحكمة والموعظة الحسنة، فأقنع كثيراً من الزنادقة والملحدين والمنكرين والوثنيين بالإسلام، فاسلموا وأضافوا بفكرهم ثراء إلى الفقه والعلوم. بعد سقوط دولة بني أمية أرسل الثوار إلى جعفر الصادق يطالبونه أن يقبل البيعة بالخلافة، فرفض وأحرق الرسالة، فبايعوا أبا العباس حفيد عبد الله بن عباس خليفة للمسلمين، وكان الخليفة الجديد يقسو على مخالفيه ومنهم بعض آل البيت، والإمام الصادق ينصح الخليفة بالحسنى. نقل الناس إلى الخليفة العباسي المنصور، لإيغار صدره ضد الإمام، أن أحد فصحاء الملحدين التقى الإمام جعفر فعجز عن الحوار، فسأله الإمام الصادق «ما يمنعك من الكلام؟»، فقال الرجل إجلالاً لك ومهابة، فإنني شاهدت العلماء وناظرت المتكلمين فما داخلتني هيبتك»، فأخذ الخليفة المنصور منذ ذلك الحين يتربص بالإمام. كانت جماعات الزهاد تحبب للناس الفقر والعزوف عن الدنيا وعدم التفكر في شؤونهم بتشجيع من الحكام، ورأى جعفر أن هذه الدعوة تتيح للحكام أن يعطلوا الشورى، وهي أساس الحكم، وبدأ الإمام يناقش الزاهدين، فالزهد كما يفهمه هو الاكتفاء بالحلال لا التجرد منه، أما المنصور فرأى في هذه الدعوة تحريضاً للمسلمين على أن يستمتعوا بحقوقهم في المال ودعوة لإثارة التمرد ضده، وظل الإمام يناضل دفاعاً عن آرائه، وكان يرى التفاف بعض الفقهاء حول الحكام من غير ضرورة سواء كان ذلك خوفاً أو طمعاً، فقال إن رأيتم الفقهاء قد ركبوا للسلاطين فاتهموهم، فخاف كثير من الفقهاء وحرصوا على البعد عن الحكام. واستدعى الخليفة الإمام جعفر إلى العراق واتهمه بأنه يريد الخلافة، فقال له الصادق: «لقد كنت في ولاية بني أمية وهم أعدى الخلق لنا ولكم، فوالله ما بغيت ولا بلغهم عني شيء مع جفائهم الذي كان لي، فكيف أصنع هذا الآن وأنت ابن عمي وأمسّ الخلق بي رحماً»، فقال المنصور: «أظنك صادق» وعاد الإمام إلى المدينة مكرماً. ثم استدعاه الخليفة واتهمه بأنه يجمع الزكاة وهو حق للخليفة وحده، وشهد ضد الإمام شاهد زور فكذّب الإمام أقوال الشاهد، وطلب المنصور أن يحلف بالطلاق، لكنه رفض، فقد كان يفتي بأن ذلك لا يجوز، وقال إنه لن يحلف بغير الله، وحلف شاهد الزور كذباً، ثم سقط ميتاً ودعا له الإمام بالرحمة، فما كان من الخليفة إلا أن خيّر الإمام بين العودة إلى المدينة أو البقاء في العراق مكرماً، فاختار وهو في الخامسة والستين من عمره الإقامة بالمدينة لتعليم الناس، وأقام بها ومات بعد ثلاث سنوات بعد أن وضع أصول الفقه وشرّع للفقهاء كيف يستنبطون الأحكام عندما لا يجدون الحكم في الكتاب أو السنة.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©