السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«عين الحسود» تخيف النساء وتدفعهن لاتخاذ إجراءات احترازية

«عين الحسود» تخيف النساء وتدفعهن لاتخاذ إجراءات احترازية
14 مارس 2011 20:00
ينشغل الكثير من الناس عن استيعاب بفكرة الحسد أو الإصابة بالعين، كونهما ظواهر غير مرئية والعديد من السيدات اللواتي يؤمنّ بشدة، بهاتين الظاهرتين، بل ويعتبرنهما سببا في تغيير مجريات بعض الأحداث في حياتهن ومن حولهن، حتى بات الخوف منهما هاجسا وهوسا يصل إلى درجة “عدم الإيمان” بالقضاء والقدر. تخشى النساء، على الأغلب، الحسد والعين، وذلك من منطلق خوفهن على أنفسهن وممتلكاتهن، لا سيما مع اشتداد الغيرة بينهن، ومن هنا تلجأ بعضهن إلى تحصين نفسها وممتلكاتها بآيات من الذكر الحكيم، فيما تلجأ أخريات إلى ارتداء أو استخدام “تمائم” مختلفة لا حصر لها، أما السواد الأعظم منهن فيملن إلى كتمان أمورهن عن الأخريات، ولكن لنفس السبب وهو الخوف من الحسد، الذي وصل لديهن إلى درجة الوسوسة أو “الهلوسة”. الأمثلة على ذلك موجودة بكثرة، ويمكن ملاحظتها بسهولة بين مجتمع السيدات، حيث تشير إحداهن، وتدعى مهرة، إلى زميلة لها في العمل، كلما اقترب منها أحد أو كلّمها ألمحت إلى خوفها من الإصابة بالعين، ما جعلها تعيش وحيدة معزولة عن الآخرين. خوف هذه الموظفة، دفع بزميلاتها للتساؤل عن المزايا التي تتمتع بها هذه الزميلة والتي تدفع لحسدها، علما بأنها لا تمتلك أي مقومات للجمال أو للتفوق الوظيفي. الزوج والخادمة وتلفت فاطمة، وهي موظفة في أحد البنوك، إلى أن إحدى صديقاتها أسدتها نصيحة ذات مرة، وقد كانت مصيبة فيها بالفعل، وقد تمثلت النصيحة في عدم امتداح أي من الزوج أو الخادمة أمام الأخريات، وذلك لسهولة إصابتهن بالحسد. تقول فاطمة: “لقد كانت صديقتي محقة في هذا الشأن، فقد كنت كلما امتدحت زوجي أمام أحد نتشاجر في نفس اليوم، وقد واجهت فيما بعد مشاكل كثيرة معه ومع الخادمة أيضا بسبب امتداحي لكليهما، ما جعلني أتوقف عن هذا السلوك”. من جهتها تؤمن نورة بالمثل القائل “داري على شمعتك تقيد”، بمعنى عدم التحدث عن الأشياء الخاصة والممتلكات أمام أحد، لكي تستقيم الأمور بشكل صحيح وطبيعي. تقول موضحة: “الحسد موجود والعين حق، هذا شيء موجود في جميع الثقافات والأديان السماوية، فهنالك نفوس شريرة وخبيثة تتمنى زوال النعمة عن الآخرين، لقد عايشت العديد من الأحداث التي تؤكد وجود هذه الظواهر، ومن هنا فإنني أفضل عدم ذكر أسراري وأموري الشخصية سوى أمام أشخاص مقربين جدا مني أثق بهم وبنواياهم تجاهي”. إلى ذلك تلجأ نساء إلى تحذير صديقاتهن والمقربين منهن من عين الحاسد، واتقائها عبر تحصين الأنفس والأبناء والممتلكات بالأذكار والرقية الشرعية، تقول سناء، توصيني صديقتي برقي نفسي وأبنائي خوفا من العين، وهي تفعل ذلك دائما، بل إن وسواسها يدفعها لعدم اصطحاب أبنائها معها عند الخروج ظنا منها أن الناس سوف يصيبونهم بالعين. الحذر والقدر الخوف من الإصابة بالعين لا يمنع الإصابة بها، فالحذر لا يمنع القدر كما يقال، والتوكل على الله فيه خير عظيم، تقول آية جاد الله: “أصبح الحاسدون كثر هذه الأيام، وأنا شخصيا أصبحت أعلم مصدر الحسد في حياتي، لكنني مع ذلك لا أخشاه، لأنه لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا، لذلك فإنني أفضّل التوكل على الله وعدم التفكير كثيرا في هذه المسائل وتركها لله تعالى فهو كفيل بأن يحمينا ويحمي ممتلكاتنا من أعين ونفوس الآخرين”. وتقول نادية عمران: “تعجبني أفكار والدتي في هذا الموضوع، فهي من أنصار “البركة” والتوكل على الله، وهي لا تتعمد أن تكذب في أي من أمور حياتها بسبب الخوف من الحسد، كما تفعل أخريات، كما أنها لا تخفي معلومات أيضا، وإنما ظلت على طبيعتها صادقة واضحة مؤمنة، لا تخشى عين حاسد أو نفس شريرة”. من جهته يوضح الدكتور حميد عمر، أختصاصي علم النفس بقوله إن علم النفس لا ينظر إلى الحسد من جهة الحاسد وإنما من جهة المحسود، الذي تزرع في رأسه فكرة أنه محسود، وتنمو معه هذه الفكرة وعلى أساسها تنطلق تصرفاته، مشيرا إلى أن هذه الحالة يطلق عليها علميا اسم “الوسواس القهري”. ويضيف الدكتور حميد بقوله، “إن علم النفس يتعاطى مع المحسود بأن لديه حالة نفسية أقرب إلى مرض العظام، لكن لا تصل إلى “حدّ الهذيان”، فهو يتصور نفسه مستهدفا فيتم التعامل معه على أساس مرض الوسواس”. أما إذا كان لدى الشخص اعتقاد قوي بهذه الطقوس فيتم البحث عن مصدر الفكرة والتي قد ترجع لأسباب ثقافية أو ذات خلفية دينية. أما عن كيفية التعامل مع مثل هذه الحالات، فيؤكد حميد أنه يتم أولاً بالبحث عن جذورها وإبطال مفعولها، وثانياً عبر معالجة آثارها خطوة خطوة، لافتا إلى أن إبطال فكرة الحسد يأخذ مرحلة كبيرة وطويلة من الوقت، لأنها غرست منذ الطفولة في العقل الباطن. نظرة الإسلام ويشير حامد عثمان، إمام وواعظ ديني، إلى أن الإسلام يتعامل مع الحسد من منظورين فهناك المنظور الأول الذي يعتقد بأثر العين و قدرتها على إلحاق الأذى بمجرد النظر، وثمة الكثير من الآيات القرآنية التي تشير إلى وجود الظاهرة على أرض الواقع، منها قوله تعالى: (ومن شر حاسد إذا حسد)، وقد حذر الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم من النظر إلى ممتلكات الآخرين وتمنى زوالها عنهم بقوله: (إياكم والحسد فإن الحسد يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب)، فيما ينضوي المنظور الثاني على موضوع الأخذ بالأسباب والتوكل على الله، وذلك عن طريق التحصن بالأذكار والقرآن مع الإيمان بالقضاء والقدر الذي لا يمنعه شيء، فمن يتوكل على الله فهو حسبه، ويجب علينا حسن الظن بالله عزّ وجلّ وبالناس أيضا حتى يثبت العكس. ثقافة “الحسد” ثقافة الحسد موجودة في غالبية المجتمعات العالمية، حيث تشترك غالبية اللغات في الإشارة إلى الحسد باستخدام لفظ “عين”، فيما تتفق العربية والعبرية على استخدام عبارة “عين حارّة”، أما في الإيطالية فيستخدم مصطلح “مالوكيو”، وفي الإسبانية “مالوخو”، وفي الفارسية “بلا باند”، وجميعها تعني “العين الشريرة”. ويعتقد بعض العلماء أن منشأ فكرة الحسد، يعود إلى صحارى الشرق الأوسط، وتحديدا في الحضارة السومرية القديمة، كما أنها ظهرت في الحضارات الفرعونية واليونانية والرومانية. ويشير خبراء إلى أن ثقافة الحسد تختلط فيها الخرافة بالعلم والفن، بل تنتفي الحدود بينها، حيث يزخر هذا التراث بالكثير من القصص والأمثلة والشواهد، وكلّها تؤكد على أن الحسد صفة إنسانية، قلّما توجد بين الكائنات الأخرى. ويحكي الفلكلور السلافي قصّة تدور حول رجل ابتلي بالحسد لدرجة دفعته إلى أن فقأ عينيه كي لا يؤذي أطفاله، وفي أوروبا خلال العصور الوسطى، شاع استخدام عبارات مثل “بارك الله فيه”. اهتمام العلماء وقد استحوذ مفهوم الحسد على اهتمام كثير من العلماء في محاولة لوضع تفسير علمي له، ومن هؤلاء العلماء، البروفسور آلان دنديس، من جامعة كاليفورنيا، الذي ألف كتاب “الرطب والجاف: العين الشريرة”، ويعتقد بروفسور دنديس أن فكرة الحسد تقوم على الاعتقاد بأن الماء يكافئ الحياة، والجفاف يكافئ الموت، وبالتالي فإن “الشرّ” الذي تلحقه العين “الشريرة” بالضحية المحسودة يكمن في تجفيفها من المياه، خصوصا الأطفال أو الماشية أو النباتات أو الأمهات اللائي وضعن حديثا. المثير في الأمر بأن اليهود يعتقدون بأن الأسماك محصنة ضد الحسد لأنها مغطاة بالماء. وتتنوع سبل صدّ العين الحاسدة والحماية منها بين الثقافات المختلفة، ولا يخلو بعضها من الطرافة، فقديما، لجأ الفراعنة إلى اللون الأزرق باعتباره رمز الخصوبة والحماية من الحسد، وحرصوا على ارتداء حلي كتمائم وتعاويذ، أشهرها “عين الإله حورس”. أما اليوم فيستخدم العامة وسائل أخرى لمواجهة الحسد وتكمن في الخرز الأزرق، أو رفع الأكف في وجه المتحدث لدرء عينه الحاسدة. وفي الدول العربية عامة، يشيع استخدام الكف الذي يحوي عينا لصد الحسد، أما في اليونان فيعمد كثير من الأشخاص إلى الاحتفاظ بفص من الثوم في ملابسهم لصد العين. وفي الصين يتمثل علاج الحسد في مرآة «با كوا»، وهي مرآة سداسية الجوانب توضع أمام الأبواب أو النوافذ لرد طاقة العين السلبية على صاحبها، بينما يستخدم الهنود، وكذلك شعوب شرق أوروبا، اللون الأحمر لردّ العين، حيث يجري لفّ أشرطة من اللون الأحمر حول الرسغ أو الرقبة لحماية الأطفال.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©