الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
14 مارس 2011 20:02
اختارت أن تجلس بجانبي على مقعد منزوٍ بآخر الحافلة الصغيرة التي تقلّ الركاب من مدينة لأخرى، حيّتني بابتسامة، ثم سكنت لنفسها برهة من الزمن، وسط الأصوات المختلطة المصطخبة المنبعثة من كل الاتجاهات، انطلق صوتها خافتا تسأل عن تفاصيل حياتي، أثارت كثيرا من المواضيع النسائية، وفجأة تغيرت ملامح وجهها المشرقة، إلى ملامح أخرى حملت كثيرا من العبوس، تغيرت ترنيمات صوتها زاد اقترابها مني وباتت تتحدث عن خصوصياتها، رأت أن تغسل هموم نفس مكدرة علّها تجد شيئا من الراحة. انصهرت في سرد سرّ تعاستها في شقٍّ من حياتها مع زوجها، كأنها تخاطب نفسها، أسهبت في الحديث ولا تريد من يقاطعها، ألقت برأسها على كتفي وبكت حرقة زوج لا تعرف من أسراره إلا أن عليه ديون كثيرة، حين يشتد وجع جيبه وتعسره يهيم إليها، وحين تتيسر أموره، يصدها ويبتعد، الضبابية من سماته، أما هي شفافة، صادقة مشاعرها، ورغبتها في صناعة حياة أسرة متوازنة جعلها تحفر في الصخر، أما هو فإنه عرف أن دواخلها هشة تجاهه وبات يمرح مختلقاً منافذ عدة لابتزازها. قالت: به من التعنّت ما يجعله عصياً عن معرفة دفين نفسه، مرات أشعر أنه إنسان آخر لا أعرفه، فتتغير مهامي الزوجية وتتضاءل، لتفسح المجال لأحادية الرأي والخصام والجدال، فأتساءل لماذا يفزع إليّ وهو محتاج؟ لماذا يطلب مني أن أساعده على حمل ثقل الحياة وهو مديّن؟ لماذا يفزع إلي يريدني أن أحتويه وأحميه من كل شرور الأهل والخلان عندما لا يوليه هؤلاء عناية حين يكون جيبه أبيض؟ ولماذا تنعكس الآية عندما يكون سعيدا بما يحمله من أموال تمنحه الثقة بنفسه، رغم أنه يعرف أنه ماله سيجدول ويضاف لقائمة كبيرة أخرى من الديون المتراكمة؟ أقاتل في الحياة لأكون إلى جانبه نبني بيتنا لنكون معا، أريد أن أكون فعلا مساعده وعونه، لكني أخاف أن يعرفني صغيرة، ويتركني ليتزوج واحدة أصغر، وهذا ما يجري مع كثيرات رغم صغر سنهن وجمالهن، وقوتهن وتضحيتهن، ولا أعرف لماذا هم يحبون التغيير؟ غَسلتْ نفسا أصابها الكثير من وَضر هموم زوج تراه ولا يراها، قالت ما يوجعها في حياتها مضت مشردة النفس تتحدث، فجأة وقفت ألقت التحية وغادرت مُسرعة، كادت تغفل عن مكان نزولها. لِما باحت لي بسرّها وكل ما يوجعها؟ ربما لأنها لا تعرفني وسرها سيبقى معي طوال الحياة، وربما أنها فقط أرادت أن تتحدث وتفضي بمكنونها علّها تتنفس هواء نقيا، ولكن يظل السؤال مشروعا: لماذا العبث بمشاعر نساء وأطفالهن ضحين من أجل زوج ولم يعرفن غيره؟ lakbira.tounsi@admedia.ae
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©