السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

النوافير لغة ساحرة تصدح في أفنية منازلنا

النوافير لغة ساحرة تصدح في أفنية منازلنا
14 مارس 2011 20:12
الحديقة بيئة مثالية حية، بما تضمه من معطيات كانت نتاج رغبة الإنسان في جلب الطبيعة بما تحتويه لتكون جزءا من نطاق حياته اليومية، يستأنس به، ويعيد وتيرة الهدوء والراحة في نفسه، هذه المفردات التي شكلت به تفاصيل الطبيعة لم تكن حكراً على الفناء الخارجي للحديقة فقط. استطاع المختصون بهذه الصناعة جلب بعض هذه القطع لتتسلل بكل هدوء في أفنية المنزل، وتشكل به جزءا من الديكور الداخلي، ومن جملة هذا القطع النوافير التي بلاشك كانت وما زالت تحاكي إبداع المرء في خلق وابتكار الكثير من الأشكال والنماذج الفنية الرائعة للنوافير أصبحت بصمة سياحية في كثير من دول العالم، فتفاصيلها الجمالية، وترانيمها الشجية في لحظة تتدفق الماء من فهوتها وانسكابها بطريقة فنية رائعة، لتعود مجددا في حركتها المتواصلة حيث بدأت بحركة دينامكية مدروسة، إنما ساهمت في خلق أجواء من البهجة والمتعة، فهي تنقلنا إلى عالم من الطبيعة الخلابة الساحرة. هذه التحف الجمالية لم تكن جديدة العهد وإنما تعود إلى الحضارات القديمة حيث برع القدماء في تصميم أشكال فنية متباينة، لتكون خير ما يستقبل الزوار عند مداخل القصور والحدائق حيث المكان الذي تواجدت فيه النوافير. والآثار القديمة شاهدة على مدى تطور النوافير وأهميتها آنذاك فكل قطعة منها اتسمت بمميزات الحضارة التي التحفت بعباءتها، ونجد نماذج جمالية متنوعة من النوافير التي اشتهرت قديما منها نافورة قصر الحمراء في غرناطة ونافورة قصر جولستان في طهران، ونافورة تريفي في إيطاليا، ونوافير عديدة أخرى. عند المسلمين كما عمد المسلمون قديما إلى تزويد قصورهم وبيوتهم وحدائقهم ومساجدهم بأنواع مختلفة من النوافير من حيث أشكالها وأحجامها، وحسب المساحات والأماكن التي خصصت لها هذه النوافير التي اتخذت أشكالا هندسية فمنها النوافير المستطيلة، والمربعة، والنوافير المضلعة كالخماسية والسداسية والثمانية، والنوافير الدائرية، والنوافير المفصصة، ومنها ما قد تكون بمستوى واحد ومنها ما تنشأ من عدة مستويات. تكنيك النافورة ولو عرفنا هذه الأداة التكنيكية لوجدنا أنها عبارة عن دفق من الماء يرتفع بشكل طبيعي أو اصطناعي نتيجة للضغط، الذي يأتي من وزن الماء المجمع في خزان، أو من حرارته، أو كليهما معا. ففي حالة النافورة الطبيعية، يمر الماء في قنوات تحت الأرض إلى أن يتمكن من الخروج على شكل نبع أو نافورة. أما في حالة النوافير الاصطناعية، فإن المضخات هي التي تقوم بتوليد الضغط اللازم، وعادة ما تعمل هذه التقنية على التحكم في كمية الماء الواردة وضغطها وذلك عن طريق التحكم في عرض وعمق القناة الناقلة للماء إلى النافورة. وكذلك التحكم في شكل الصمام ومقدار فتحته لما له من تأثير على شكل شعاع الماء وعلى ارتفاعه، فكانت هناك الصمامات الضيقة التي تدفع شعاعا ضيقاً، أما الصمامات الواسعة فهي بكل تأكيد ستدفع شعاعا من الماء بشكل أوسع وأكبر، ويراعى في تصميم اتجاهات الماء أن تتفق مع قوة ضغط مناسبة للماء، ليصل شعاع الماء المقذوف إلى الارتفاع المطلوب لتنسكب محدثة إيقونة فنية رائعة مستفيضة بالجمال مما تشيع متعة وبهجة في نفس المحيطين بها لحظة الوقوف وتأمل هذه الأيقونة الجمالية والأنغام الحية التي تصدرها الطبيعة بإيقاع خرير الماء المنساب وزقزقة العصافير التي تقف على حد النافورة وتحاول جاهدة أن تلتقط قطرات من الماء المتطاير قبل أن يسقط في حوض النافورة ليعود الماء أدراجه من جديد. تطور النوافير وقد شهد التصميم تطورا ملحوظا في هذه الصناعة التي نجدها اتخذت أشكالا فنية متنوعة تحاكي تفاصيل البناء وطرازه، وتتلاءم مع مساحته والبيئة المحيطة به، حتى تكون جزءا مكملا لتفاصيل الحديقة وردهات المنزل، فهي لم تقف عند فناء البيت الخارجي ولكنها سحبت مع تيار التجديد ورغبة الفرد في أن تلازمه في محطات حياته الداخلية، من خلال ما تطرحه الأسواق من نماذج مختلفة من النوافير تخلت عن حجمها الضخم ووزنها الكبير لنجدها قد طرقت بوابة المنزل لتأخذ مكانها في زاوية منها لتنشر مفهوم الحياة في ردهاتها الميتة وتبث فيه الحيوية من جديد، ولكن من الضروري أن يتنبه كل من يرغب في اقتناء هذه النوافير المنزلية، أن يتم انتقاء النافورة بحيث تكون قطعة مكملة لنمط الديكور الداخلي وتسير على وتيرة المكان وتفاصيله ولا تكون قطعة تشكل عبئا على المكان وتسبب نوعا من الضيق، وأيضا اختيار النوعية الجيدة من النوافير التي لا تصدر أصواتا مزعجة عند تشغيلها مما تشوش على الحضور فيما لو في ضعت في صالون الاستقبال أو غرف المعيشة، فلابد أن تكون سهلة الحمل يمكن نقلها وتغير مكانها عند الحاجة، ولا تأخذ حيزا واسعا من المكان، وما ساعد على اقتناء هذه النوافير لتكون جزءا من قطعة جمالية في المنزل هو النماذج المختلفة التي ابتكرها المهتمون بهذه الصنعة، من خلال تصاميم العديد من الأشكال التي تأخذنا إلى بيئات ثقافية مختلفة، منها ما تعبر بنا سور الصين العظيم فتتحفنا بنماذج فنية منسوجة بالموروث الصيني القديم، وبعض التصاميم المستوحاة من الأدوات القديمة التي كان الأهالي يستخدمونها في تفاصيل حياتهم اليومية كقطع من الطواحين اليدوية القديمة التي تنساب منها الماء بطريقة فنية ساحرة، عدى عن أشكال لصنابير المياه القديمة التي ما أن تفتحها حتى تعيد الماضي بسحرة على إيقاع انهمار الماء من فوهة الصنوبر، وأيضا حركة تدفق الماء من فوهة الجرار التي تنتقل من جرة إلى أخرى مما تجدد فينا النشاط والمتعة لحظة مراقبة هذه الحركة التي كانت نتاج تقنية دقيقة تم غرسها في هذا التحفة لتمنحنا قدرا من المصداقية في عملها، ومنها بعض التشكيلات المستوحاة من الطبيعة كقطع من الأحجار المتراصة فوق بعضها البعض، وتتفجر منها الماء في مشهد جمالي آخر لا يقل تقنية عن الأنواع الأخرى التي ساهم المصممون في ابتكارها لنعيش أجواء من الطبيعة الساحرة التي تقف قريبة منا، فعدى عن الابتكارات المستوحاة من البيئة التراثية القديمة، التي يجب أن تتناغم مع نمط الديكور الداخلي فلا تشذ عن طبيعة المكان. نوافير مبتكرة فيما نجد أن بعض القطع من النوافير تحاكي النمط الحديث القائم على التجريد والتشكيل بصور غريبة تمثل نتاج فكر المتخصصين في البحث وابتكار تصاميم تخرج عن المألوف بطريقة أنيقة ومبدعة وتتوافق مع نمط الديكور المتجدد، هذه النوافير التي تأتينا بألوان قوية كالأسود والأبيض والأحمر والفضي، عدى عن حجمها الصغير الذي من الممكن أن توضع على طاولة في غرفة المكتب أو يمكن أن تحل بكل هدوء على منضدة في غرفة الجلوس، أو حتى غرف النوم. وهذه القطع عادة ما تكون مصنوعة من بعض الخامات كالفيبر جلاس والزجاج وتداخلت فيه بعض قطع الاستيل. ولخلق إيقاع طبيعي في المكان، يمكن أن توضع عدد من النباتات الداخلية بجانب النوافير بحيث تشكل قطعة جمالية واحدة، بما يمنحنا إحساسا بواقعية المكان، فالطبيعة هنا قابعة حيث يمكن أن يستمد منها المرء الطاقة الإيجابية، فهي توحي بدورة الحياة وتجددها بين لحظة وأخرى.
المصدر: دبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©