السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

بطاقة هوية موحدة... مشروع هندي طموح

بطاقة هوية موحدة... مشروع هندي طموح
29 يوليو 2009 01:33
لا تستطيع «راسمو» إخفاء سعادتها بعد انتقالها للعيش في نيودلهي مع أبنائها الخمسة في كوخ، فهي مع ذلك تعتبر نفسها أفضل حالاً مقارنة بحياتها السابقة في منطقتها الريفية بولاية «ماديا بارديش» بوسط الهند عندما لم تكن تتوافر على عمل، فيما أصبحت اليوم في العاصمة الهندية عاملة بناء تتقاضى 52 دولاراً في الشهر. لكن وإلى جانب والديها، هناك شيء واحد تفتقده في حياتها الجديدة بالمدينة متمثلًا في المواد الغذائية المدعومة من قبل الحكومة مثل الأرز والقمح والزيت التي دأبت على الاستفادة منها في بلدتها الريفية البعيدة، إذ على غرار الملايين من الهنود الذين هاجروا إلى المدن بكثافة، اكتشفت «راسمو» أن وثائق الهوية التي بحوزتها لا تعني شيئاً خارج ولايتها، كما أن بطاقة «تحت خط الفقر» التي كانت تساعدها وأطفالها على توفير قوتهم اليومي، تحولت بعد قدومها إلى نيودلهي إلى مجرد قطعة من الورق لا تحمل أية قيمة. هذه الحالة وغيرها كانت وراء المشروع الطموح الذي تسعى الحكومة الهندية إلى إنجازه والمتمثل في إصدار بطاقة هوية موحدة لجميع السكان في الهند الذين يتجاوز عددهم المليار نسمة، إذ خلافاً للأشكال العديدة من بطاقات الهوية المتداولة في الهند، ستنال البطاقة الجديدة اعتراف جميع المناطق والولايات دون استثناء وستضم معلومات وافية عن الشخص، تساعد السلطات على التحقق من هويته، كما أنها ستكون مرتبطة بقاعدة بيانات كبيرة موضوعة تحت رهن الجهات الحكومية، ناهيك عن أن المهمة ستمثل أحد أكبر مشاريع تكنولوجيا المعلومات في العالم. ورغم الخلافات التي تحيط عادة بالمشاريع الحكومية، حظي مشروع بطاقة الهوية الموحدة بموافقة جميع الأطراف السياسية في البلاد، وهو ما يعبر عنه «سورجيت بهالا»، الخبير الاقتصادي بقوله «إن المشروع جاء متأخراً، ونحن في حاجة ماسة إليه لتحسين الخدمات التي عانينا من نقص كبير في مستوى توفيرها للمواطنين». ومع أن مسألة القضاء على الفقر المتفشي على نطاق واسع في الهند، والذي يطال فئات عريضة من المجتمع، كانت على الدوام أحد الأهداف المسيطرة للحكومة، التي أكد عليها رئيس الوزراء المعاد انتخابه، «مانموهان سينج»، إلا أن برامج محاربة الفقر تُقابل بكثير من الشك في الهند بسبب الأموال الهائلة التي تضيع في الطريق ولا تصل إلى أيدي مستحقيها من الفقراء، إذ في الوقت الذي تنفق فيه الحكومة عشر موازنتها على برامج مكافحة الفقر، يقول الخبراء الاقتصاديون إن أكثر من نصف تلك المخصصات تذهب إلى غير هدفها المنشود. فعلى سبيل المثال، لا يتجاوز «ميهندر كومار» الأب لثلاثة أطفال، الـذي يكسب قوته من جمع العلب البلاستيكية من القمامة وبيعها، 63 دولاراً في الشهر، ومع ذلك رُفض طلبه الحصول على بطاقة الإعانات الحكومية في حين يعرف أشخاصاً أفضل منه حالاً ويفوقونه دخلاً بعدة مرات تمكنوا من الحصول على البطاقة. ويُتوقع أن تساهم بطاقة الهوية الجديدة التي تعكف عليها الحكومة الهندية في وضع حد للإهدار والتلاعب بالمخصصات الموجهة للفقراء، وهو ما يوضحه «بهالا» قائلاً «في الوقت الراهن، تصل نسبة هدر مخصصات الفقراء إلى 60%، لكن مع بطاقة الهوية ستنخفض تلك النسبة إلى 10% لتتمكن الحكومة من الادخار، كما أن الأهم من كل ذلك هو وصول الإعانات إلى مستحقيها من الفقراء والمعوزين». وسيقود هذا الجهد الطموح «نادان نيلكاني»، أحد مؤسسي شركة «إنفوسيس»، كبرى شركات الكمبيوتر في الهند، حيث من المتوقع أن يغادر الشركة ليشرف على مشروع إصدار بطاقات الهوية، وهو المنصب الذي يساوي في رتبته وظيفة الوزير، ومعروف أن «نيلكاني» بالإضافة إلى أنه أحد أبرز المستثمرين في مجال تكنولوجيا المعلومات، فهو أيضاً أحد الكتاب المتميزين بعدما أصدر في العام الماضي كتابه «الهند المتخيلة: أفكار حول القرن الجديد»، الذي رصد فيه التحديات الكبرى التي تواجه بلاده، كما أنه اشتهر بكونه الشخص الذي ألْهَم المعلق الأميركي «توماس فريدمان» بتأليف كتابه عن العولمة «العالم مسطح». ويعتقد العديد من المراقبين أن تعيين «نيلكاني» يشير إلى حرص الحكومة على الاستعانة بخبرات قطاع الأعمال الناجح لتحسين أداء القطاع العام الأقل نجاحاً، وعن هذا المشروع يقول «إنه بسيط لكنه في الوقت نفسه له أبعاد ثورية»، موضحاً استخداماته المتعددة مثل «الإدماج المالي» الذي يعني به مساعدة ثلثي الهنود الذي لا يملكون حسابات بنكية على فتحها إذا توافرت لهم بطاقات هوية تضم معلومات دقيقة عنهم، والأكثر من ذلك ستساعد البطاقة الجديدة على تعزيز الأمن القومي وجمع المعلومات الاستخباراتية في وقت تواجه فيه الهند أخطار الإرهاب. ميان ريدج - نيودلهي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©