الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الرياضة

الردع بالنهوند والسيكا

29 ابريل 2010 23:32
شتان الفارق بين لسان ينطق بما ينبض به القلب ولسان ينطق عن الهوى، فهذا أصاب وذاك ضل وغوى! لم أكن أنوي الحديث في أمر مشتبك ملتبك كهذا فربما يلامس زملاء مهنة، ولكنني وجدت نفسي مضطراً حين تعرضت لاعتداءات متتالية انطلقت من الفضائيات نحو رأسي متقنة التصويب حتى كادت تنفجر الجمجمة، وأخرى انطلقت من أحد مدرجات ملاعب الهواة عقاباً على ذنب جرجرتني إليه الصدفة لما ذهبت دون سبق إصرار وترصد لمتابعة مباراة في كرة القدم. لقد صار جانب من التعليق التلفزيوني وبعض من روابط المشجعين صداعاً حقيقياً في رأس الساحرة المستديرة وتحول من ظاهرة تحليلية وتشجيعية ممتعة إلى “ظاهرة حنجورية” مفجعة، ولم أكن أود التعليق على المحللين والمعلقين لكن تعليق الحقائق ربما يعلق المعلق تعليقاً في أمر يتعلق أو لا يتعلق! عفواً.. هذه مجرد ثرثرة من باب محاكاة بعض ما أسمع أحياناً ولا أعي، خاصة عندما يتصايح المحلل، ويصرخ ويهلل، ويقبح ويجمل، أو عند انطلاق قذائف التعليق عبر الحناجر الغليظة المدوية التي تم برمجتها لمدة 90 دقيقة لتصرخ إذا ما دخل هدف أو لم يدخل أو طرد لاعب أو لم يطرد أو فاز فريق أو انهزم، حتى أن الكرة كثيراً ما تتثاءب بين أقدام اللاعبين دون أن يهدأ التعليق فإذا ما تابعت الصوت دون صورة ظننت أن النيران قد اشتعلت في الملعب وهو برد وسلام على اللاعبين. وفي التعليق المحلي على مباريات أجنبية تسمع العجب.. تهليل وتطبيل إذا اهتزت الشباك هنا حتى تظن المعلق منحازاً لهذا الفريق.. ثم تهليل وتطبيل إذا ما اهتزت الشباك هناك حتى لتحار أين يذهب المعلق هذا المساء، ثم تكتشف في النهاية أنه ليس منحازاً لأحد ولكنه فقط منحاز ضد المشاهدين وعلى المتضرر اللجوء إلى قناة أخرى! شتان الفارق بين الافتعال والانفعال، وبين اللسان والقلب، وبين الحنجورية والحميمية، وماذا يبقى من فارق، وماذا أقدم إذن لمنتخب بلادي لحظة الفوز طالما اعتدت التهليل بنفس الحماس للجميع؟ أما بعض الروابط فقد دأبت على الغناء في كل الحالات حتى أن بعضها يشجع وهو يدير ظهره للملعب، فلا يرى ولكنه يغني! وكأنما جاء للغناء دون فارق بين هزيمة وفوز، ودون أن ترفرف مشاعره لأعلى أو لأسفل مع منحنيات اللقاء، فتحول التشجيع إلى وظيفة لا انتماء ووفاء. هذه مجرد هوامش عابرة على دفتر “الظاهرة الحنجورية” على امتداد خريطة الوطن، والظاهرة دون فخر ليست اختراعاً رياضياً خالصاً فقد سبقتنا إليها أغلب المجالات وصولاً إلى الفن ونجوم الغناء ممن يتوالدون بمعدل مطرب لكل مواطن حتى قال بيرم التونسي: “يا أهل المغنى دماغنا وجعنا دقيقة سكوت لله”.. فعاشت للأمة حناجرها وخناجرها ومآثرها، ومات عدونا سمعاً وبحلقة وتحديقاً، وعشنا دائماً طرباً ومزيكا، وكنا مثلما كنا.. نؤلف جبهة للردع بالنهوند والسيكا! mamdo9495@yahoo.com
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©