الثلاثاء 16 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

ليبيا: المليشيات تهدد الاستقرار

ليبيا: المليشيات تهدد الاستقرار
11 مارس 2012
انتهت الثورة منذ وقت طويل في ليبيا، ولكن صوت الأسلحة النارية مازال يُسمع ليلاً، حيث يتردد صداها في الشوارع والأزقة الفارغة. ومن العادي رؤية رجال يتبخترون بقبعات تشبه تلك التي كان يرتديها تشي جيفارا وهم يقومون بدوريات في أطراف مدينة مصراتة، التي كانت محاصَرة ذات يوم، أو رؤيتهم خلف أسلحة رشاشة مضادة للطائرات مثبتة على سياراتهم الـ"بيك آب"، حيث يقومون بمطاردة من يعتقدون أنهم مسؤولون عن بؤس المدينة. وهنالك أيضاً مليشيا أخرى تتخذ من منطقة الزنتان الجبلية مقراً لها وترفض تسليم ابن القذافي، سيف الإسلام، الذي كان مرشحاً ذات يوم لخلافته، ومسلحو هذه المليشيا يسيطرون على مطار طرابلس، حيث تستعمل الاثنين كورقتي ضغط لانتزاع تنازلات وتجنب تعرضها للتهميش في النظام السياسي الصاعد الجديد في البلاد. وبعد ستة أشهر على تنحية القذافي، باتت بعض المليشيات المسلحة المؤلفة من ثوار سابقين تمثل تهديداً متزايداً لاستقرار ليبيا الهش، حيث تصف منظمة العفو الدولية المليشيات بأنها باتت "خارجة عن السيطرة إلى حد كبير"، في حين ينظر إليها آخرون على أنها بلاء مؤقت في بلد تمزقه الأعمال الانتقامية والتنافسات القبلية. وهذه المليشيات، التي تتنقل في قوافل عبر الصحاري والمدن، تتحدى التصنيف السهل المبسط وتشكل تحديّاً مباشراً بالنسبة للمجلس الوطني الانتقالي الذي يواجه مسؤوليات كثيرة. كما أن السلطة الفضفاضة وغير القوية تفتقر إلى العضلات لكبح المجموعات المسلحة التي تعد بالمئات وقد أصبحت تفرض قانونها الخاص. وفي هذا الإطار، يقول ويليام لورانس، مدير قسم شمال إفريقيا في مجموعة الأزمات الدولية: "إن المشكلة الرئيسية هي فرض الشرعية". وهنالك انتقادات لعملية صنع القرار، كما أن عضوية المجلس لم تشكل حافزاً بالنسبة للمليشيات الليبية، التي مازالت متأثرة بالانتفاضة وتخشى التهميش السياسي، حتى تتجرد من أسلحتها. وفي هذا السياق، يقول أيمن ككلي، وهو عضو في إحدى المليشيات في طرابلس: "عندما يصبح لدينا أمن ورئيس جديد وحكومة، سنضع أسلحتنا". غير أن العنف المتصاعد بين القبائل حصد عدداً من الأرواح. فقد أفادت بعض التقارير بمقتل نحو 100 شخص الشهر الماضي عندما تعاركت قبائل متنافسة بواسطة أسلحة رشاشة وقاذفات محمولة على الكتف في بلدة الكفرة النائية الواقعة في الجنوب، ربما من أجل السيطرة على طرق تهريب الأسلحة والبشر المربحة في الفضاءات الشاسعة المفتوحة بالقرب من الحدود التشادية والسودانية. كما أن الارتفاع في أعمال العنف أثار مخاوف من انتشار الفوضى في وقت يستمر فيه تدفق الأسلحة من البلاد إلى مصر وتونس وتشاد والجزائر. وفي هذا الإطار، قال تقرير صدر مؤخراً عن منظمة العفو الدولية إن الأعمال التي تقوم بها المليشيات و"رفض كثيرين وضع السلاح أو الانضمام إلى القوات النظامية أخذ يهدد بزعزعة استقرار ليبيا"، مضيفاً أن الجماعات المسلحة "تعوق بناء مؤسسات يمكن محاسبتها على أساس حكم القانون، وتعرِّض للخطر آمال ملايين الناس الذين خرجوا إلى الشوارع قبل عام من أجل المطالبة بالحرية والعدالة واحترام حقوق الإنسان والكرامة". والواقع أن موجة من أعمال التعذيب والاعتقالات التعسفية والتدمير غير المبرر للممتلكات والإعدام قد عرفها البلد، مما ولد بيئة من الإفلات من العقاب، وضمن في الوقت نفسه بقاء الشعب الليبي عالقاً داخل المنطق العنيف لصراع العام الماضي. وفي هذا السياق، قالت دوناتيلا روفيرا، المستشارة في منظمة العفو الدولية المختصة في الرد على الأزمات، في بيان لها: "إن العفو الشامل الذي مُنح للمليشيات يبعث برسالة مفادها أنه يمكن التسامح مع مثل هذه الانتهاكات ويسهم في جعل مثل هذه الممارسات أمراً مقبولاً". وفي هجوم حديث سلط الضوء على العنف والفوضى المنتشرين، تعرض خالد نوري وخمسة أعضاء آخرين في مليشيا كانت تقوم بحراسة مجمع بحري مهجور على أطراف طرابلس لإطلاق نار من قافلة تضم 20 شاحنة تابعة لمليشيا أخرى، ويعتقد أنها من مصراتة. وقد تفرق الرجال عندما دوى صوت إطلاق النار. ولكن في نهاية الهجوم كانت امرأة في الثالثة والستين من عمرها قد أصيبت برصاصة في رأسها، وكان ولدان، جثتاهما منخورتان بالرصاص، ملقيين على وجهيهما على شاطئ مجاور. كما تم العثور على أربع جثث أخرى متناثرة عبر المجمع، الذي كان 2600 من التاورغيين، السود المنحدرين من أصول أفريقية والذين يشتبه في أنهم تعاونوا مع نظام القذافي، قد لجأوا إليه من أجل الاحتماء بعد أن تعرضت مدينتهم للحرق والنهب. وقال نوري: "لقد جاؤوا من أجل شيء واحد: قتل التاورغيين". ومن جانبه، قال عبدالرؤوف، الذي يحرس المجمع في الليل ممسكاً ببندقيته، بنبرة عصبية: "أخشى أن يعودوا بعد أن يحل الظلام"، مضيفاً: "إننا ستة أشخاص مسلحين ببنادق كلاشنيكوف، فكيف لنا أن نوقفهم؟". والواقع أن بعض الخطوات الرامية إلى إدماج أعضاء المليشيات ضمن القوات المسلحة تكللت ببعض النجاح؛ غير أن 100 مليشيا قامت مؤخراً بتشكيل تكتل مؤسسة بذلك مركز قوة منافساً يتحدى سلطة المجلس الانتقالي. ويتفق معظم المحللين على أن المليشيات، التي لا تستطيع أي واحدة منها هزيمة منافستها بشكل حاسم، لن تتسبب في تمزيق ليبيا، في الوقت الراهن على الأقل. ذلك أن الناس يركزون حاليّاً على الانتخابات المرتقبة في يونيو المقبل؛ وعلى غرار انتفاضات أخرى عبر المنطقة، فإن الأمل في مقياس ملموس لما يتم تحقيقه على صعيد الديمقراطية يسهم كثيراً في تخفيف وإزالة التوتر. غير أن الانتخابات قد يكون لها جانب آخر. فمثلما قال أحمد المصراتي، وهو مقاتل من مصراتة وضع أسلحته بعد تحرير طرابلس في أغسطس الماضي: "لقد رأى الناس الكثير من الدم؛ ولذلك، فإن الانتخابات تمثل شيئاً مهمّاً بالنسبة لنا، وعلينا أن نكون حذرين بخصوص الحكومة التي سنختارها"، ولكنه أضاف: "إذا لم تكن جيدة، فإنني مازلت أمتلك أسلحتي". جلين جونسون - طرابلس ينشر بترتيب خاص مع خدمة "إم. سي. تي. إنترناشيونال"
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©