السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أوروبا.. هل تستقل عن الطاقة الروسية؟

أوروبا.. هل تستقل عن الطاقة الروسية؟
19 مارس 2014 23:24
كوري جونسون باحث في أمن الطاقة تيم بويرسما أستاذ الجغرافيا السياسية المساعد في جامعة «شمال كارولينا» يدرك كل من الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة أن ثمة سبلاً تمكنهما من لعب دور بناء في حل الأزمة الأوكرانية، لكن بعض الإشارات التي تظهر من حين إلى آخر بشأن الغاز الطبيعي والنفط تشي بوجود سوء فهم واضح بشأن السياسة والاقتصاد وجغرافيا الطاقة في المنطقة. وفي الواقع، يبدو اعتقاد أن أوروبا وأوكرانيا يمكنهما الاستقلال بصورة ما عن موارد الطاقة الروسية، هو أمر غير واقعي تماماً. وفي حين يعتمد الاقتصاد الروسي على الموارد الطبيعية، فإن بوتين يدرك تمام الإدراك أنه من دون مبيعات الغاز والنفط، لن تتمكن موسكو من دفع الرواتب الشهرية لأصحاب المعاشات، ولن تستمر الاستثمارات في البنية التحتية على غرار ما رأيناه في سوتشي. ويدرك بوتين أيضاً أن الأوروبيين لن يرغبوا في المخاطرة بحدوث خراب اقتصادي جراء استغلال وارداتهم الكبيرة من الطاقة الروسية كأداة تفاوضية لحل هذه الأزمة. ولم يكن أبداً للحديث عن الطاقة بصوت موحد رصيد كبير في أوروبا، لكن يبدو الآن واضحاً أن أوروبا تمتلك أداة تأثير ويمكنها استغلال اعتمادها المشترك على الطاقة الروسية في الضغط على موسكو. وفي غضون ذلك، أوضح الاتحاد الأوروبي لبوتين أن خط الغاز الجنوبي الذي يمده عبر البحر الأسود إلى الاتحاد الأوروبي، مروراً بأوكرانيا، خارج الحسابات إلى أن يتم حل الأزمة، وهو ما يرسل رسالة مهمة بأن أوروبا تعترض بشدة على سلوك روسيا تجاه أوكرانيا. غير أن الحقيقة الواضحة أن العلاقات بين أوروبا وروسيا ستكون وثيقة الارتباط في المستقبل، وبعض التغطيات الإخبارية الأخيرة التي تتكهن بأن أوروبا وأوكرانيا لهما مستقبل من دون موارد الطاقة الروسية ما هو إلا محض أساطير! وفي الولايات المتحدة، تعالت الصيحات المنادية بتحرير النفط والغاز في أميركا الشمالية للعالم، حسبما أوضحت صحيفة «وول ستريت جورنال»، وطالب عدد من السياسيين الأميركيين الرئيس أوباما برفع الحظر عن صادرات الغاز الطبيعي المسال مباشرة، وكأن لذلك أي تأثير على أوروبا أو روسيا في الأمد القريب. وسرعان ما تبنت المؤسسة السياسية الأميركية عقلية «دولة نفطية» يمكنها مواجهة خصمها باستخدام مواردها، لتضييع إحدى الأوراق التي يلعب بها بوتين. ووفق هذه الرؤية الساذجة، تصبح الولايات المتحدة في مواجهة الروس، ومن ثم، يكون سلاحنا هو الغاز والنفط الصخري، غير أن هناك عدداً من المشكلات في هذا السياق، إذ إنه على عكس شركة الطاقة الروسية العملاقة «غاز بروم»، فإن شركات الطاقة الأميركية غير مملوكة للدولة، وإنما هي مشاريع تسعى لتحقيق الأرباح، لذا فهي حريصة أشد الحرص على الابتعاد عن المشكلات الجيوسياسية. إذن ما مدى واقعية هذا الدور الاستئسادي اعتماداً على النفط الذي يود البعض أن تلعبه الولايات المتحدة؟ نعتقد أن ذلك الدور لا يبدو واقعياً بدرجة كبيرة، ولاسيما أن الصادرات الأميركية من الغاز الطبيعي المسال تبدو مستبعدة في المستقبل علاوة على أنها غير مؤكدة في الوقت الراهن، في ضوء القيود الكبيرة التي يفرضها الإطار القانوني والتنظيمي.وأما بالنسبة للغاز الطبيعي المسال الذي يُطرح في الأسواق، فستكون الأسعار هي التي تُملي الوجهة التي يتدفق إليها، بالنظر إلى أن هناك إمدادات جديدة تتدفق من أجزاء أخرى من العالم، وليس من الواضح ما إذا كان الغاز الطبيعي الأميركي سيكون قادرا على المنافسة في الأسواق الأوروبية. ومن الناحية النظرية، يمكن بالطبع أن يهتم المشترون بالغاز الطبيعي المستورد من الولايات المتحدة، بل دفع علاوة على السعر العادي، غير أن الأمثلة على هذا التوجه نادرة. وعليه، ليس من المتوقع أن تتخذ أوكرانيا قراراً بدفع علاوة سعرية على شحنات الغاز الطبيعي المسال التي تتعاقد عليها مع الولايات المتحدة، ناهيك عن أنه لا توجد بنية تحتية أو حتى خطط لإنشائها على البحر الأسود قبالة السواحل الأوكرانية لاستيراد الغاز الطبيعي المسال. ولعل ما يتضح من دراسة التاريخ الحديث في أوكرانيا أن تعزيز التكامل في السوق يمكن أن يكون بالغ الفاعلية، إذ استوردت كييف العام الماضي كميات كبيرة من الغاز الطبيعي من بولندا والمجر، ونتيجة لذلك عرضت «غاز بروم» على الرئيس الأوكراني آنذاك فيكتور يانوكوفيتش خصماً كبيراً على أسعار الغاز. ومع وجود مزيد من السيولة في السوق الأوكراني واحتمالات تطوير موارد الغاز الصخري المحلية في المستقبل، ثمة احتمال بأنه في غضون عقد ستتمكن أوكرانيا من أن تصبح محوراً تجارياً بدلاً من دولة «ترانزيت». وعلى رغم ذلك، ثمة قلق شديد في الوقت الراهن بشأن حالة الاقتصاد الأوكراني البائسة، التي لا تحظى سوى بتغطية إعلامية أقل من تلك التي نالتها أثناء أزمة الغاز الطبيعي في عام 2006. ويؤكد لنا ذلك أن الحلول المستدامة طويلة الأمد للموقف الحالي في أوكرانيا غير موجودة في سياسات الدول النفطية، كما دفعتنا بعض الآراء في واشنطن للاعتقاد. وعليه، فإن سياسة وتاريخ المنطقة بالغا التعقيد بدرجة تجعل من الصعب أن نأمل في نرى أوكرانيا تستقل عن روسيا وترتمي في أحضان الغرب بينما تحرق الغاز الصخري الأميركي، ومن ثم، تستلزم مبادئ السيادة وسلامة الأراضي ممارسة مزيد من الضغط على روسيا عبر العقوبات والدبلوماسية. وفي هذه الأثناء، على أوروبا أن تزيد من جهودها الرامية إلى زيادة التكامل بين أسواقها الوطنية للغاز، وبصورة خاصة في وسط وشرق أوروبا، على أن تشمل أوكرانيا في جهودها. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «إم. سي. تي. انترناشونال»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©