الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

سريلانكا.. وشكاوى «التاميل»

19 مارس 2014 23:25
دونالد كامب زميل بارز في مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية بواشنطن كان هناك وقت، ولكن ليس بالطويل، عندما عرفت سريلانكا بنوعية الديمقراطية التي تمارسها. ففي عام 1975، عندما كنت ضابط الخدمة الخارجية بالسفارة الأميركية هناك، كانت الدولة تمر بضائقة اقتصادية لكنها كانت تفخر بسمعتها الدولية فيما يتعلق بثقافتها السياسية المستقلة، وصحافتها النابضة بالحياة، ولأنها تتمتع بمستوى عال بشكل ملحوظ من التعليم والخدمات الاجتماعية. كما كانت هناك أجواء من التوتر بين السنهاليين والتاميل، غير أنه كان هناك أيضاً تاريخ من التعاون والاحترام وسط التنوع العرقي والديني بسريلانكا. وقد تمثل ذلك في ازدهار الأضرحة الهندوسية بداخل معظم الأضرحة البوذية المقدسة في البلاد. ولعب المسيحيون والمسلمون دوراً سياسياً بارزاً. كما كان التاميل والسنهاليون، على الأقل بين النخبة الحضرية، يدرسون ويلعبون سوياً، ويتزوجون أيضاً من بعضهم البعض. واليوم، أصبحت سريلانكا دولة أخرى. فالحرب الدموية بين جبهة تحرير نمور التاميل (نمور التاميل) والحكومة قد مزقت الدولة بعد عام 1983. ومن جانبها، قامت الولايات المتحدة، وغيرها من الدول الصديقة لسريلانكا بمساعدة الحكومة في صراعها. وفي عام 2009، نجح الجيش في سحق نمور التاميل. ولكن الحكومة، بعد الفوز في الحرب، لم تكن لديها القدرة على إدارة عملية السلام أو إعادة بناء التقاليد الديمقراطية لسريلانكا. وبدلاً من ذلك، بدت الدولة وكأنها تنجرف نحو الحكم الاستبدادي. وأصبح الصحفيون يواجهون الرعب والترهيب من خلال الاعتقالات والاعتداءات الغامضة على كل من يوجه نقداً للحكومة. وقد أدرج مؤشر حرية الصحافة السنوي سريلانكا ضمن الدول التي احتلت مراكز متأخرة، تليها الصين وكوريا الشمالية. وتعلم القضاء، الذي كان يوماً ما ينعم بالاستقلال، عدم تحدي المراسيم التي تصدرها الحكومة. وأخذت مؤسسة الدفاع، التي أثقلتها الحرب، على عاتقها تنفيذ العديد من المهام الأمنية الداخلية، وأصبحت «الشاحنات البيضاء» مرادفاً لاختفاء المعارضين الذين ينتقدون الحكومة بصورة علنية. كما هاجم رجال الدين من البوذيين المتطرفين الكنائس والمساجد، في ظل استجابة ضعيفة من قبل الشرطة وإدانة لا تذكر من قبل الزعماء السياسيين. غير أن واحدة من أكثر التركات التي خلفتها الحرب الطويلة حزناً كانت تتمثل في استقطاب مجتمعات السنهاليين والتاميل. وقد انتهز الرئيس السريلانكي «ماهيندا راجاباكسي» وحكومته الفرصة لإظهار كرمهم عند الفوز، ومن ثم فقد قدموا إشارات واضحة لمجتمع أقلية التاميل بأن الحكومة ستستجيب لشكواهم المشروعة، وتوفر قدراً ضئيلاً من الحكم الذاتي الإقليمي للمنطقة المركزية التقليدية للتاميل في الشمال والشرق، لكنها فشلت في القيام بذلك. كما كانت الحكومة أيضاً في حاجة إلى الاعتراف والتعامل مع الجرح الذي خلفته النهاية الدامية للحرب، والتي أدت إلى مقتل الآلاف من المدنيين الأبرياء بقبائل التاميل جراء القصف العسكري العشوائي واحتجاز الرهائن من جبهة نمور التاميل. ولا تزال الحكومة تدين لشعبها - خاصة أقرباء الضحايا - بمحاسبة صادقة للأحداث التي وقعت في ذلك الوقت وبذل جهد حقيقي لتقديم المعتدين للعدالة. إن محاولة إخفاء هذه المآسي لن يساعد الدولة على الشفاء من جراحها أو سد الفجوة بين التاميل والسنهاليين. يجب أن تعمل الحكومة على إظهار الحقيقة قبل أن تبدأ في تحقيق مصالحة حقيقية. ومع عدم استجابة الحكومة حتى الآن، هناك ضغوط متزايدة لكي تقوم الأمم المتحدة باتخاذ إجراءات. ومن جانبها، ذكرت «نافي بيلاري»، المفوضة السامية لحقوق الإنسان بالأمم المتحدة، في شهر أغسطس الماضي أنه إذا لم تحرز سريلانكا تقدماً ملموساً في تحقيق المصالحة، خاصة فيما يتعلق بالمساءلة حول المراحل الأخيرة من الحرب، فإنه «سيتعين على المجتمع الدولي إنشاء آليات التحقيق الخاصة به.» وقد وصلت هذه القضية لمراحل حرجة حيث إنه من المقرر أن يجتمع مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في جنيف خلال هذا الشهر. وقد أيدت الولايات المتحدة، وغيرها من الأعضاء في المجلس بما في ذلك دولة الهند المجاورة، العام الماضي قراراً يدعو سريلانكا إلى إجراء تحقيقات مستقلة وذات مصداقية خاصة بها في جرائم الحرب المزعومة. أما حكومة سريلانكا، فقد وجهت اتهامات بسوء النية والنفاق للدول التي تدعو إلى اتخاذ إجراء من قبل مجلس حقوق الإنسان الأممي. وفي الواقع، فإن المجلس سوف يتحرك فقط ليحقق ما فشلت سريلانكا في القيام به. لقد ساند المجتمع الدولي سريلانكا في معركتها مع جبهة نمور التاميل، واحترم التزام الدولة التقليدي بالحكم الديمقراطي والتسامح الديني والعرقي. فإذا كانت الحكومة قد أثبتت أنها تنصت إلى الأصوات الداعية إلى تحقيق العدالة والمصالحة بداخل البلاد، وكذلك القيام بمحاسبة دقيقة لممارسات الجيش، لما كانت هناك أي دعوة في جنيف لاتخاذ إجراءات. إنها سريلانكا التي تغيرت، وليس الأمم المتحدة أو الدول الداعية لاتخاذ إجراءات من قبل مجلس حقوق الإنسان. وبعد خمس سنوات من المماطلة من قبل الحكومة السريلانكية، حان الوقت لإجراء تحقيق دولي للقيام بما لا ترغب «كولومبو» في القيام به. يذكر أن الحكومة السريلانكية قد رفضت الشهر الماضي دعوة نافي بيلاري لإجراء تحقيق دولي في مزاعم ارتكاب جرائم حرب خلال الحرب الأهلية في البلاد، قائلة «إنها تعكس أجندة مسيسة ومتحيزة وذات تصور مسبق» ضد البلاد. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «إم. سي. تي. انترناشونال»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©