الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

«الخلخال».. صوت ذابل ومعالجة إخراجية باهتة

«الخلخال».. صوت ذابل ومعالجة إخراجية باهتة
19 مارس 2014 23:25
إبراهيم الملا (الشارقة) ـ ضمن عروض مهرجان أيام الشارقة المسرحية المصنفة خارج المسابقة الرسمية، قدمت فرقة مسرح رأس الخيمة، مساء أمس الأول بمعهد الشارقة المسرحي، وفي ثاني أيام المهرجان، عرضاً بعنوان «الخلخال» من تأليف الكاتب والمؤلف المسرحي الإماراتي الراحل سالم الحتاوي، وإخراج أحمد الأنصاري مع مشاركة شخصيتين رئيسيتين في العرض، هما الممثل سعيد بتيجا في دور «سهيل»، والفنانة ريماس في دور «غاية». وسبق العرض تكريم فرقة مسرح رأس الخيمة لأبناء الراحل سالم الحتاوي، الذي ترجّل عن خشبة المسرح باكراً، وقبل أن يكمل مشروعه وحلمه المسرحي المتدفق سحراً وبوحاً وتوليفاً جامحاً، حيث قام كل من عبدالله بن يعقوب الزعابي رئيس مجلس إدارة مسرح الخيمة، وإسماعيل عبدالله رئيس جمعية المسرحيين، والفنان الإماراتي الكبير أحمد الجسمي بتقديم الدروع التذكارية لأنجال الفقيد، تثميناً لدور الحتاوي الواضح في إثراء المشهد المسرحي المحلي، من خلال إبداعاته وبصماته القوية في مجال التأليف المسرحي، وعرضه لقصص وحكايات ومرويات شعبية أصيلة لونت فضاء المسرح الإماراتي خلال العقدين الماضيين. وفي سياق هذا التكريم، يشير عبدالله الزعابي رئيس فرقة مسرح رأس الخيمة في مدونة العرض إلى أن الراحل سالم الحتاوي ما زال رغم غيابه يرفد المسرح الإماراتي بإرثه الإبداعي الذي لم ينطفئ بعد، وقال: «سالم الحتاوي، رحلت عنا جسداً، وبقيت ذكرى رائعة وصادقة ومتميزة، عنوانها الحب والتفاني والإخلاص، نعم أيها الصديق الراحل، أنت كذلك، وسيبقى مسرحك غنياً بالإبداعات التي تجدد المسرح المحلي، وتعيد إليه البريق والعافية». محاولة ترميم يبدأ عرض: «الخلخال» بصوت لخلاخيل تهتز في العتمة الكاملة للقاعة، قبل أن تتسلل أضواء خافتة إلى الخشبة، وتكشف عن أجساد أنثوية تتمايل في العتمة مع موسيقا بدت مباشرة ومنفصلة نوعاً ما عن الهيئات الغامضة التي نراها مثل أطياف مشعة وسط الظلمة، وهذا الإيهام المشهدي سرعان ما ينكشف على الشخصية الرئيسية سهيل ـ الفنان سعيد بتيجا ـ الذي يحمل في يده خلخالاً، ويكشف من خلال مونولوج طويل عن قصة هذا الخلخال، وكيف أنه يعود لفتاة أسمها مريم عشقها في الماضي ولاحق صوت قدميها المطوقتين بالخلخال وسط الحواري والممرات، والطرق التي أخذت مريم إلى المجهول، بعد تركها مع أسرتها الحي الذي كان يسكنه سهيل، ليتبخر عشقه في سماء الأحلام والأوهام، دون أن يعثر عليها، فيكون البديل العاطفي جاهزاً من خلال الراقصة (غاية) ـ الفنانة ريماس ـ التي يضحي من أجلها بأهله الذين تبرأوا منه، وبمكانته الاجتماعية التي خسرها مجبراً، وخسر معها سمعته كشاعر معروف بين الأهالي، حيث أصبح مرمياً الآن بين الخرائب المهجورة، وبين الأطلال التي كانت في يوم ما أرضاً عامرة بعشقه الحقيقي والجامح لمريم. يحاول سهيل أن يرمم عشقه، ويعوض خيباته وخساراته العاطفية بالزواج من (غاية) ولكن سرعان ما يتحول هذا الزواج إلى رباط خانق، ويتطلب منه تنازلات صعبة على المستوى الاجتماعي، وهنا يحدث ما يشبه الشرخ في العلاقة بينه وبين (غاية)، أو بين ذاكرته العطشى، وواقعه الزائف المحمي بالقشور واللواعج الباهتة، ينشأ الصراع بين سهيل وغاية، لأن الأول لا يستطيع مغادرة حنينه الشخصي وحلمه المستحيل، بينما غاية تحاول أن تعيده إلى الشرط الاجتماعي الملزم، وأن تنتشله من عزلته، ومن إدمانه المفرط على الكحول، وتماهيه المطلق مع زمن افتراضي لا يمكن الظفر به، واسترجاعه. وينتهي العرض بلوحات راقصة يخيم عليها الحزن، بعد افتراق سهيل وغاية وعودة سهيل لمنطقته الأثيرة، وعزفه الأخير على وتر المأساة بعيداً وعميقاً نحو النسيان والعزلة الموحشة. لم يستطع العرض بمكوناته الأدائية ومؤثرات الإضاءة والموسيقا، ولا من خلال جوقة الرقص النسائية، أن يترجم عنف التحولات الداخلية في شخصية سهيل الإشكالية على أكثر من صعيد وجهة كنا نتمنى أن يكون الاحتفاء بقيمة وقامة الكاتب الراحل سالم الحتاوي أكثر ملامسة لعالمه الإبداعي المتوهج، وأكثر قرباً من تجربته الناضجة والمتميزة على صعيد الكتابة المسرحية في الإمارات، غير أن عرض «الخلخال» الذي أتت معالجته الإخراجية مباشرة وكلاسيكية، وغلب عليها التسرع والاستسهال، جاء على عكس التوقعات التي عززتها قبل العرض اسم وعراقة مسرح رأس الخيمة، وكذلك اسم وقيمة المخرج أحمد الأنصاري، الذي غابت بصمته الإخراجية هنا، وغاب أسلوبه الجمالي المعروف، تماماً كما غاب (سهيل) بطل العرض في كواليس العتمة والخيبة والمرارة، والتي لا يمكن تبريرها وتمريرها بسهولة في سياق التراجع الفني المقلق والموجع أيضاً للمسرح الإماراتي في عرض «الخلخال»، خصوصاً وأن مرور 24 عاماً على إقامة مهرجان أيام الشارقة وبرصيد تراكمي لافت، لا يمكن أن يشفع لهكذا صدمة فنية وسقوط حاد نحو زمن البدايات ومسرح الهواة والتجارب الأولى!
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©