السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«كنز المعرفة» يفتح أبوابه على ضفاف بحيرة خالد لدعم خدمات المعوقين

«كنز المعرفة» يفتح أبوابه على ضفاف بحيرة خالد لدعم خدمات المعوقين
11 مارس 2013 20:05
من على ضفاف بحيرة خالد في الشارقة، ووسط مناظر خلابة لحديقة النخيل التي تستريح على كورنيش البحيرة هناك، طالعتنا تظاهرة ثقافية واجتماعية للكتاب المستعمل، نظمتها مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية مؤخراً، لتلتقي من خلالها إرادة الخير والعمل التطوعي والجماعي، فتضرب المثل في التكافل النبيل بين فئات المجتمع كافة، محتضنة مهرجاناً ثقافياً راقياً يحتفي بالكتاب المستعمل، ويعيده للقراءة مرة أخرى، باستثمار وتدوير 100 ألف عنوان من جديد في سبيل خدمة فئة المعوقين. أزهار البياتي (الشارقة) - تحت عنوان «كنز المعرفة»، اكتشف أهالي الشارقة معاني نبيلة أخرى، وطرقاً مختلفة لميزة التبرع الخيري، لتجود أياديهم البيضاء بكل ما يفيض عن حاجاتهم من الكتب والمطبوعات التي تهتم بمختلف مجالات المعارف والعلوم والأدب، متبرعين بها لمدينة الشارقة للخدمات الإنسانية، التي تعمل بدورها على إعادة تصنيفها وتدويرها وبيعها لصالح قضية إنسانية تهتم بتلبية حاجات فئة المعوقين على وجه خاص. عرس ثقافي وحول أهمية التظاهرة الثقافية قالت نائب مدير عام مدينة الخدمات الإنسانية منى عبد الكريم، إنه عرس ثقافي تحتفي به المدينة منذ عام 2006، وتحضر له وفق خطة مدروسة تعمل على قدم وساق، حيث يتعاون أعضاؤها بروح الفريق، بمشاركة ودعم من العديد من الجهات الرسمية والخاصة، بهدف إيجاد رؤية جديدة ووجه مختلف من أوجه التبرع الخيري، داعين فئات المجتمع من الكبار والصغار ومن مختلف الجنسيات، للمساهمة في التظاهرة، بالاستغناء عن ما يزيد على حاجتهم من الكتب والمطبوعات، في محاولة لاستعادة ثقافة إعادة التدوير والاستهلاك، وبثها بين الناس، فتتم الاستفادة من الكتب القديمة والمستعملة وبيعها بأسعار زهيدة تكون متاحة للجميع، مستثمرين مردودها المادي في ترقية خدمات المدينة وصالح المعوقين المنتسبين لها، موضحة أن المهرجان يسهم في رفع نسبة الوعي المجتمعي بمطالب واحتياجات هذه الفئة من الناس، ويسلط الضوء على وجودهم وحقهم الطبيعي والمشروع في المجتمع، وكيفية تقديم سبل الدعم والمساندة لقضاياهم المختلفة. رسالة اجتماعية ولفتت إلى أن هذا المهرجان الثقافي يبعث رسالة اجتماعية هادفة، ويسهم في تعزيز فكرة العمل التطوعي والخيري، مستقطباً طلاب المدارس والجامعات من البنين والبنات على حد سواء، كما يدعم التوجهات الثقافية ويعيد للكتاب المقروء دوره وقيمته، خاصة أنه يجعله متاحاً وفي متناول وقدرة الجميع، منمياً ملكة القراءة وحب المطالعة لدى الشباب والناشئة، بأسلوب حضاري متمدن وجميل، فيه احترام وتقدير لكل من أسهم ودعم وساند فعاليات هذا المهرجان الثقافي البديع، بأي شكل من الأشكال، سواء بجهده أو ماله أو تبرعه مهما صغر، بالإضافة إلى فضله الكبير في دمج فئة المعوقين وذوي الاحتياجات الخاصة بمختلف الأنشطة والمشاركات الاجتماعية الهادفة، وجعلهم جزءاً مهماً ومنسجماً مع محيطهم العام. ونوه رئيس لجنة الفرز والتسعير والعرض في مهرجان الكتب المستعملة، عبد الناصر درويش، بطبيعة ما أنجزته المدينة من جهد وعمل في سبيل تحقيق النجاح لجميع فعاليات هذا الحدث الثقافي المهم، وقال: «لقد قمنا منذ أشهر عدة بالتحضير لبرنامج المهرجان، مستقبلين آلاف الكتب والعناوين، من شتى الجهات الرسمية والشعبية، وقد تم تصنيفها حسب قيمتها ومواضيعها وفئاتها المختلفة، ليتم تسعيرها وتوزيعها وفرزها حسب الجداول والأرقام، متجاوزين من خلالها حاجز 200 ألف كتاب مستعمل، تندرج تقريباً تحت 100 ألف عنوان وموضوع «بعض العناوين تكرر نسخ وطبعات عدة»، لتشمل المجالات الاجتماعية والدينية والأدبية والثقافية، مع كتب تهتم بالمعارف والعلوم الإنسانية، وأخرى تختص بالتاريخ والجغرافيا والفنون واللغات. كما كان لكتب الأطفال وقصصهم نصيب كبير وبأكثر من لغة، ما يؤكد حقيقة جلية، ألا وهي أن المتبرعين ينتمون إلى بلدان وثقافات عدة، ما يوضح أن التبرع والعمل الخيري هو بالفعل لغة إنسانية راقية ومشتركة بين الشعوب والمجتمعات كافة». أسعار زهيدة وبخصوص المساهمة في المهرجان، أضاف أنه تم الحصول على تبرع كريم وكتب بعناوين ومواضيع قيمة، قد يصل ثمن الواحد منها أحياناً إلى 500 درهم تقريباً، لكن إدارة المهرجان لم ترغب في المبالغة في السعر، حيث تركز أهدافه على رسم نهج موضوعي ومدروس لأسعار بيع الكتب المستعملة، من الدرهم الواحد للكتاب، مروراً بخمسة أو عشرة دراهم، حيث لم يتم تجاوز حدود عشرين درهماً أبداً لأي مطبوع ورقي، وذلك من أجل أن تعمم الفكرة الأساسية التي تتلخص في وضع شتى أنواع المعارف والآداب والعلوم في متناول الجميع، ونشر حب المطالعة بين دفتي كتاب، مع ثقافة إعادة التدوير بين مختلف الناس. وزخرت فعاليات مهرجان الكتاب المستعمل بالعديد من الجهات التي ساعدت على دعمه والعمل لنجاحه، منها المناطق التعليمية في كل من إمارات الشارقة وعجمان ودبي، مع بلدية الشارقة، وهيئة شروق للتطوير والاستثمار، وهيئة الكهرباء والمياه، والكثير من جمعيات النفع العام، والمدارس الحكومية والخاصة، بالإضافة إلى طلاب الكليات والجامعات. كما طّعمت برامج المهرجان بعروض فنية ومسرحية هادفة وأعمال ومعارض رسم وفنون، قام بها العديد من تلاميذ المدارس من الأطفال والشباب، مع مشاركات لافتة من مراكز ناشئة شباب الشارقة، تضمنت نتاجهم الإبداعي والفني في حقول التمثيل والشعر والخطابة، مستعرضين من خلالها بعضاً من إمكاناتهم ومواهبهم الواعدة في سبيل غرض نبيل وإنساني يشكل خدمة للمعوقين، ومنها استعراض عمل فني لمدرسة الثقة للتعليم الأساسي والثانوي، جاء بعنوان «حوار بين التلميذة والكتاب»، مع عرض مسرحي لافت بعنوان «الحلم»، قدمه الطلاب المعاقون من فئة الصم والتابعون إلى مدرسة الأمل، بالإضافة إلى فقرات ممتعة ومسلية لما يعرف بالحكواتي، تضمنت سرداً قصصياً مشوقاً للزوار، صاحبته معزوفات موسيقية حية أمام جمهور الحضور، مع العديد من الاستعراضات الفنية والأعمال الأدبية التي أسهمت بها مختلف المدارس والجهات الرسمية والخاصة. وعن مشاركته في مهرجان الكتاب المستعمل، يقول المتطوع عبدالله العلمي: «أنا طالب جامعي منتسب إلى عضوية برنامج «تكاتف» التطوعي، وأقوم من خلاله بمشاركة زملائي من الشباب المنتسبين في مختلف الأعمال التطوعية والفعاليات المجتمعية، حيث نتطوع ونسهم بوقتنا وجهدنا خلال الكثير من المشاريع والمهرجانات الشعبية، من تلك التي تقدم خدمة للمجتمع وتكون في الصالح العام، ولا شك أن مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية تعد من الجهات الأولى التي تقوم بدعمنا ومساندتنا، كونها تضم بين جدرانها المعوقين، الذين لهم حق علينا وواجب يجب أن نفي به». وأضاف: «عملي هنا اليوم هو مساعدة المشرفين على فعاليات المهرجان في تسهيل سير العمل والتعامل مع الزوار والمشترين، بحيث ننتقل من جناح لآخر لنرتب وننظم ونختم الكتب المختلفة حسب الفئات والمواضيع، لنبيعها على الزبائن ونجمع ريعها لصالح المعوقين، وهي من وجهة نظري تجربة مدهشة أعيشها بكل لحظاتها الجميلة لاختبر من خلالها مشاعر إنسانية نبيلة، متعاوناً فيها مع بقية زملائي المتطوعين من «تكاتف» وطلاب الكليات والمدارس والمعوقين، كوننا نجتمع جميعاً لتحقيق هدف واحد، ألا وهو خدمة المجتمع وفئة المعوقين». وتوافقه الرأي أماني محمود متطوعة أخرى من «تكاتف» تعمل موظفة بإحدى الحضانات، بقولها: «دوري يتلخص في تصنيف الكتب وبيعها إلى الراغبين، كما أقوم بالتنقل بين الأقسام المختلفة للمهرجان لأخدم جمهور الزوار والقادمين، وأجدني شخصياً متحمسة للحضور والمساهمة في الفعاليات كافة، حيث آتي إلى هنا بمجرد الانتهاء من عملي في وظيفتي الصباحية، لأقوم بواجبي التطوعي وجهدي الإنساني، الذي أفخر به وأقدر قيمته واعتز بأهدافه، وهو من منظوري الخاص أقل ما يمكن تقديمه سبيل الخدمة العامة، خاصة إذا كانت تأتي لدعم ومساندة فئة المعوقين وذوي الاحتياجات الخاصة، لأنها شريحة مهمة من مجتمعنا تستحق منا جميعاً كل الاهتمام والرعاية والالتفات، تلبية لمطالبها وحاجاتها الإنسانية المختلفة، وأنا أدعو بهذه المناسبة كل من يستطيع أن يمد يده ويقدم خيراً أو يتبرع معنوياً وعملياً أو مادياً بما تجود به نفسه لنصرة مختلف القضايا والخدمات الاجتماعية، وكي يقوم بدوره المناط به كإنسان نحو مجتمعه وناسه وأبناء أمته». ثقافة تدوير الأشياء عبر عدد من الطلبة عن سعادتهم بزيارة مهرجان الكتاب المستعمل، مثمنين دوره وأهدافه السامية، ومنهم الطالبة في كلية تقنية الشارقة ريم الحمادي التي قالت: «استوقفني هذا الحدث الاستثنائي الفريد من نوعه على مستوى المنطقة، حيث إنه يعيد إلى الأذهان ثقافة تدوير الأشياء، خاصة الكتب القديمة والمستعملة، مستثمراً إياها بشكل عملي وفعال، كي يستفيد منها أكبر قدر ممكن من الناس، فيوظفها لنصرة هدف نبيل بدلاً من أن تكب وتهمل أو تنتهي إلى سلة المهملات، مستخدماً ريعها لخدمة المعوقين، وفي ظل نشاط مجتمعي وعمل جماعي فيه تطوع وتعاون وتكافل ومحبة».
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©