الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

إضاءات

إضاءات
30 يوليو 2009 03:42
لم أعد إلى القاهرة من جامعة الكويت إلا بعد أن اشتريت شقة في القاهرة، ضعف مساحة الشقة القديمة في شارع النخيل وتركتها لأحد المهندسين المعارف، بعد الشراء، ليشرف على إعدادها، وجعلنا حجرة للغلام، وأخرى للفتاة، رحمها الله، وثالثة للمكتب، ورابعة للمعيشة، وخامسة لغرفة النوم الخاصة بنا، وسادسة للاستقبال وكانت غرفة المكتب فسيحة جعلت من جدرانها الأربعة أرففا للكتب، ومكتبي في الركن القريب من الزاوية، يطل على البلكونة الممتدة وعندما وصلنا القاهرة، عائدين من الكويت، كان علينا أن ننحشر وما نحمل من «كراتين» فى غرفة النخيل الضيقة التي احتملناها عاما كاملا وبعض أشهر إلى أن فرغ تجهيز العمارة التي نقطن في الدور الثاني عشر منها وبدأنا في الانتقال، وأبهجني أن جدران المكتبة استوعبت كل الكتب المخزونة في الشقة القديمة، أثناء سنوات الكويت، والكتب التي اشتريتها من الكويت وأصبح لي مكتب أكثر راحة واتساعا من مكتب شقة الكويت وكانت هناك فراغات عديدة على الأرفف، كأنها تقول هل من مزيد ودخلت دوامة العمل في جامعة القاهرة التي غبت عنها طويلا، وسرعان ما أصبحت رئيسا لقسم اللغة العربية، خلفا لأستاذي عبد المحسن بدر الذي سرقه منا مرض لعين، وكانت خسارتنا بفقده فادحة وفي العام اللاحق أصبحت رئيس تحرير «فصول» التي كان يرأس تحريرها أستاذنا عز الدين إسماعيل، رحمه الله، وبدأت أشارك بقوة في الحياة الثقافية العربية وأخذت الكتب تنهال على المنزل الفسيح، شراء من معارض الكتاب، أو من مكتبات الخارج، أو بواسطة الإهداء، وامتلأت الفراغات الموجودة في المكتبة التي لم تعد تقبل أي زيادة . وقلت أصنع رفا يكون ملاصقا لجانب المكتب الأيمن، لكنه امتلأ بما لا يحتمل، وكان الحل أن أنتقل إلى الجدران الخالية في الشقة، فصنع لي النجار، بناء على تعليماتي طبعا، مكتبة تحتل كل الجدار المواجهة للحمام الداخلي، وامتلأ الجدار الذي خصصته للروايات بما لم يعد يقبل المزيد، فقلت نملأ الجدار المواجه له والذي يضم الحمام وغرفة نوم ابنتي التي ظلت تعترض، ولكنها رضخت في النهاية، فقد كانت في سنتها الثالثة من الدراسة في قسم اللغة الإسبانية، قبل أن تحصل على الماچستير ثم الدكتوراه وكان اختيارها لطريق البحث العلمي، وهى طالبة، يجعلها أقدر على فهم دوافعي وحاجتي إلى فراغ، أضع فيه كتبي ولكن سرعان ما امتلأت دواليب الكتب الجديدة ولم أجد مفرا من الانتقال إلى الصالة، واحتلال بعض «بوفيهات» غرفة الطعام التي تتوسط «الصالة» الكبيرة للمسكن وكان ذلك مسكنا فحسب، فقد عدت إلى ما كنت فيه، حيث دفعتني الحاجة إلى السفر معارا، ولكنى كبرت سنا ومقاما علميا على فكرة الأستاذ المعار، مرة أخرى وكان لابد من بحث عن حل جديد وجذري، وجاء الحل مع ابني وابنتي اللذين كبرا، وأصبحا على «وش جواز» كما نقول بالعامية المصرية وكان اتحاد الكتّاب المصري قد يسّر لنا الحصول على قطعة أرض للبناء في مدينة السادس من أكتوبر، وذلك بسعر زهيد إلى أبعد حد، فحصلت على قطعة يفترض أن أبني عليها بيتا صغيرا «فيلا».
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©