الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الخمار واللحية يعيقان استخدام الصور «البيومترية» في الجزائر

الخمار واللحية يعيقان استخدام الصور «البيومترية» في الجزائر
30 ابريل 2010 20:22
تعيش الجزائر منذ مطلع الشهر على وقع نقاش ساخن حول شروط استخراج جواز السفر وبطاقة التعريف الوطنية البيومتري ( تتضمن مواصفات بيولوجية قابلة للقياس يمكن استخدامها للتعرف إلكترونياً على الشخص)، وخلفت تلك الشروط التي وضعتها وزارة الداخلية عاصفة من الجدل وردود الأفعال التي لم يكن أحد يتوقع أن تأخذ كل هذه الأبعاد وأن تستمر كل هذا الوقت، والمثير أن النقاش يزداد احتداماً من يوم إلى آخر ما يؤشر إلى أن نهايته ليست قريبة. بدأت المشكلة حينما أصدرت الداخلية الجزائرية تعليماتها إلى كل الدوائر تعلمها فيها بالشروع في استبدال بطاقات الهوية وجوازات السفر الحالية بأخرى بيومترية إلكترونية، بقصد الاستجابة لمتطلبات المحيط الدولي الذي أصبح يشترط جوازات بيومترية تُقرأ إلكترونياً في إطار مكافحة تزوير الهوية ومحاربة الجريمة المنظمة والإرهاب. وأعلمت الوزارة الدوائر بالشروط الجديدة التي يجب أن يخضع لها كل من يتقدم بطلب هاتين الوثيقتين . شروط الداخلية بدت التعليمات عادية في البداية، إلا أنه تبيَّن أن وزارة الداخلية فرضت شروطاً خاصة بالجواز البيومتري حيث اشترطت على المواطنين الحاملين للَّحى تخفيفها إلى أدنى حد أثناء التقاط صور لهم، كما اشترطت أن «تخفِّف» المتحجبات من خمُرهن حيث يظهر جزء من الشعر والأذنان، وهذا بحجة أن منظمة الطيران العالمي طالبت بضرورة ظهور كل أجزاء الوجه بـ»وضوح تام». وهنا بدأت ردودُ الأفعال الرافضة تتوالى وثارت ضجة كبيرة في الجزائر، على المستويات السياسية والدينية والإعلامية والشعبية، وأصبح الموضوع حديث العام والخاص، وتشكلت جبهة واسعة من الرافضين للقرار يتقدمهم عددٌ من العلماء والفقهاء والأئمة والجمعيات ووسائل الإعلام المُحافظة، و3 أحزاب إسلامية أحدها عضوٌ في الحكومة وممثل فيها بعدة وزراء، وهو ما يؤشر لدرجة الانقسام. وأعلن هؤلاء بوضوح رفضهم للقرار وقالوا إن شروط الداخلية مبالغٌ فيها وأن منظمة الطيران العالمي ومختلف الدول الغربية لم تطالب أبداً بأن تكشف المتحجبة جزءاً من شعرها وأذنيها، وأن الدول الإسلامية التي سبقت الجزائر إلى الجواز البيومتري لم ترغم ملتحيها على تخفيف اللحية ونساءَها على كشف الأذنين وجزء من الشعر، ولم يُثر ذلك أدنى مشكلة في المطارات العالمية، وطالب هؤلاء الحكومة بأن تكون قراراتُها مطابقة لأحكام الشريعة الإسلامية، ودعوا المتحجبات إلى رفض قرار الداخلية والتمسك بخمارهن كاملاً، واستندوا إلى فتاوى، جزائرية وعربية، تؤكد أن الشعر والأذنين جزءٌ من الرأس يجب تغطيتُه وليس جزءا من الوجه الذي أباحت الشريعة إظهارَه مع الكفي . الوزير يردُّ إزاء تصاعد ردود الأفعال الرافضة للقرار، اضطر وزير الداخلية الجزائري يزيد زرهوني إلى عقد مؤتمر صحفي للرد على الحملة، وحذر زرهوني من أن التمسك باللحية الطويلة والخمار أثناء التقاط الصور للجواز البيومتري قد يسبِّب لأصحابه مشكلات ومتاعبَ في المطارات الغربية، وأن هذه الإجراءات تهدف إلى الحفاظ على كرامة الجزائريين في الخارج وتجنيبهم الإهانات. وأعلن تسخير موظفات على مستوى الدوائر لالتقاط صور للنساء المتحجبات بعد سحب خمارهن إلى الخلف قليلاً بحيث يظهر جزءٌ من الشعر والأذنان. إلا أن هذا الإجراء لم يُرض أيضاً المحافظين باعتبار أن هذه الصور سترافق المرأة حيثما كانت ويطلع عليها أجانب عنها وهو أمرٌ «غير جائز». ولوحظ أن رواد دوائر الجزائر العاصمة التي بدأت بها عملية استخراج الجوازات البيومترية ومنها دوائر «سيدي أمحمد» و»حسين داي» و»الرويبة»، اقتصروا على الرجال دون لحى والنساء غير المحجبات. أما المتحجبات الملتزمات فقد رفضن قطعاً إجراءات الداخلية، وفضلن الانكفاء على النفس إلى أن يتبين لهن الخيطُ الأبيض من الأسود، فربما تراجعت الداخلية عن شروطها. وأحدثت تعليمات وزير الداخلية ثم تصريحاته في المؤتمر الصحفي نوعاً من الغموض لدى عددٍ من الدوائر، حيث لوحظ أن دائرة الرويبة (25 كم شرق الجزائر العاصمة) تقبل صور المتحجبات والملتحين كما هي دون أي اعتراض، وقال أحد الموظفين المكلفين بملف الجوازات إن تصريح الوزير عن «تحمل كل فردٍ مسؤوليته في الخارج» يعني أنه لا يمانع الإبقاء على الخمار واللحية كاملين في صور الجوازات. وفي المقابل، أبدت دوائر أخرى تمسُّكها بتطبيق تعليمات الوزير، ما دفع المتحجبات والملتحين إلى التريث والترقب، حيث أبدت المتحجبات الملتزمات رفضهن القاطع للقرار، بينما أبدت الفتيات اللواتي يرتدين «حجاباً عصرياً» إذا صحَّت التسمية، مرونة إزاء الموضوع بحجة أن الأمر «بسيط» ولا يستحق كل هذا «التهويل» وأبدين استعدادهن لتطبيق شروط الداخلية إذا أصرَّت عليها بحكم «الضرورة» و»التكيف مع الظروف الدولية». زوبعة في فنجان لم يكن وزير الداخلية وحيداً في مواجهة الرافضين لقراراته طوال هذا الشهر، بل انضم إليه أعضاء في أحزاب وجمعيات وصحف ناطقة بالفرنسية في الجزائر، وعاش الجزائريون أسابيع ساخنة من الجدل والنقاش ووجهات النظر المتباينة، وانضم إلى هؤلاء أيضاً وزيرُ الشؤون الدينية بوعلام الله غلام الله الذي انتقد الرافضين لقرار الداخلية بشدة وطالبهم بـ«الامتثال للقانون» والكفّ عن «تضخيمه» وهوّن من شأن كشف المتحجبات للأذنين وجزء من الشعر وقال إنه «لا يرى فيهما أي إغراء أو فتنة»، كما انتقد الأئمة الذين طالبهم بحثَّ المصلين على «توعية» الجزائريين بضرورة «تطبيق القانون» فخالفوه وشنوا حملة «تحريض» ضده. أما الأكثر إثارة في المسألة برمَّتها فهي اكتشاف الجزائريين أخيراً أن مخترع الجواز البيومتري الذي سبَّب لهم كل هذه الصداع والمتاعب هو باحثٌ جزائري يعيش في الخارج اسمه سفيان مرزاق قنزات. واكتشفه بعد أحداث 11 سبتمبر 2001 وكانت الولايات المتحدة أوَّل من طبَّقه. ويقول الدكتور قنزات عن الصور البيومترية إنه لا ضير في التقاطها بالحجاب أو بلحية كثيفة لأن الأهمَّ هو ظهور تقاسيم الوجه كالفم والأنف والعينين، والنقاب فقط هو الذي يطرح إشكالاً، واستغرب إثارة كل هذه الضجة دون داع واعتبرها مجرَّد زوبعة في فنجان.
المصدر: الجزائر
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©