الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أزمات الغذاء السابقة··· دروس مستفادة

أزمات الغذاء السابقة··· دروس مستفادة
7 يونيو 2008 01:26
النمو السكاني، وتكاليف الطاقة المتصاعدة، والطلب المتزايد على اللحوم، والنقص الكارثي في المحاصيل، والتدافع المفاجئ على أسواق الحبوب، وارتفاع أسعار المواد الغذائية بنسبة 80% خلال فترة لا تزيد عن ثلاث سنوات، ما هذا؟ أهو موجز بأزمة الغذاء الحالية؟ نعم هو كذلك بالفعل، ولكنه لا ينطبق على أزمة الغذاء الحالية فحسب، بل أيضا على أزمات الغذاء في بداية السبعينيات· وعلى الرغم من بعض أوجه التشابه بين الأزمة الحالية والأزمات السابقة إلا أن الأزمة أو ''صدمة'' الغذاء الحالية تتصف بسمات لافتة للنظر تفصلها عن الأزمات السابقات· عندما اجتمع قادة العالم -في روما الثلاثاء الماضي- في المؤتمر الذي نظمته منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة، لمناقشة الخطوات التي يتعين اتخاذها لمعالجة أزمة الغـــذاء العالمية، جرت مباحثات للاستفادة من دروس الأزمات السابقة المماثلة، كما طرحت عدة أسئلة قد تساعدنا على الإحاطة بأبعاد الأزمة الحالية وعلى تبين سبل الخروج منها، هل هذه الأزمة غير عادية كما يقال وإلى أي درجـــة؟ الأزمــــة الحالية تكــــاد لا تختلف عن الأزمات السابقة مثل أزمة ،1972 والتي كان السبب الرئيس فيهــا الهبوط الكبير في إنتاج المحاصيل الزراعية في الاتحاد السوفييتي السابق، وهو ما أدى إلى اندفاع الاتحاد السوفييتي إلى شراء المحاصيل من أي مكان مما كان له تأثيرات فادحة على دول القارة الأفريقية وشبه القارة الهندية لم تخف درجة فداحتها إلا بعد أن توصلت أميركا والاتحاد السوفييتي إلى اتفاقية بشأن التجارة في الحبوب سعت إلى تنظيم مشتريات الاتحاد السوفييتي من الحبوب من الأسواق العالمية؛ ويشار هنا إلى أن أسعار الأغذية قد ارتفعت مرة أخرى، في أواخر الثمانينيات ومرة ثالثة في منتصف التسعينيات، وفي المرتين لم تنخفض الأسعار وتستقر الأسواق إلا بعد زيادة الكميات المنتجة من المحاصيل الزراعية· ووجه الشبه كبير بين هذه الأزمة والأزمات السابقة، ولكنها تختلف عنها في بعض الوجوه، ففي الحالتين كان ارتفاع أسعار النفط سببا أثّر على أسعار السلع الغذائية، وفي الحالتين أيضا كانت العوامل الجوية، بيد أن هناك سببين آخرين تنفرد بهما الأزمة الحالية عن أزمات السبعينيات والثمانينيات والتسعينيات هما توجيه المحاصيل الزراعية لإنتاج الوقود الحيوي، وارتفاع مستوى معيشة سكان أكبر دولتين من دول العالم اكتظاظا بالسكان وهما الصين والهند· ما هو تأثير هذه الأزمة؟ يذهب ''ليستر براون'' -رئيس معهد سياسات الأرض في واشنطن- إلى القول بأن تأثير الأزمات السابقة، قد تجسد في صورة مجاعة، انحصرت في مناطق جغرافية محددة مثل منطقة الساحل الأفريقي وبنجلاديش، أما الأزمة الحالية فهي لا تقتصر على مناطق جغرافيا بعينها وإنما تضرب الدول ذات السكان الأقل دخلا في العالم· ما الذي يمكن لنا تعلمه من حلول الأزمات السابقة؟ ولدّت أزمات الثلاثينيات والسبعينيات نمطا من التفكير الخيالي حول الكيفية التي يمكن بها توفير الغذاء للعالم كما أدت أزمة السبعينيات إلى زيادة الاهتمام بالأبحاث والتنمية والثورة الخضراء، أما الأزمة الحالية فهي تساهم في تعزيز الاهتمام بأبحاث الأغذية المعدلة جينيا· ولكن أي الاستجابات المؤسسية كانت مفيدة؟ في الأزمة الحالية كما في الأزمات السابقة، استجابت الحكومات من خلال إجراءين كالعمل على حماية مستهلكيها أو العمل على حماية منتجيها، محققة في ذلك نتائج تراوحت بين النجاح والفشل، فهناك دول مثل مصر وموريتانيا، رأت أنه من الأفضل توزيع دعم نقدي لمواطنيها من أجل مواجهة ارتفاع الأسعار، كما عمدت دول أخرى إلى تخفيض الرسوم الجمركية على الواردات الغذائية لتخفيض أسعارها، وقامت أخرى بتحسين البيئة الأساسية المحلية لمساعدة المنتجين المحليين على زيادة إنتاجهم· ما هي الاستجابات المؤسسية غير المفيدة؟ فرض قيود على الصادرات، تكديس السلع فهذه الإجراءات ليس لها سوى تأثير مؤقت، كما أنها لا تساعد على الحد من الأسعار بل وقد تؤدي إلى تفاقمها، وإلى إدامة الأزمة ذاتها· ولكن ما الذي يحتاج إليه العالم في المدى الطويل لتوفير الغذاء لسكانه؟ قال السكرتير العام للأمم المتحدة ''بان كي مون'' مؤخرا: إن العالم قد استهلك أكثر مما أنتج خلال السنوات الثلاث الأخيرة، وإن هذا في حد ذاته كفيل بدق ناقوس الخطر، وإن العالم لم ينتج كميات كافية من المحاصيل لأن المخازن كانت مكتظة، ولأن الأسعار كانت منخفضة، ولأن المزارعين لم يكن لديهم دوافع كثيرة تدفعهم إلى زيادة الإنتاج، وإن ما نحتاج إليه في الوقت الراهن هو قلب هذه الأوضاع بحيث يزداد العرض من السلع على الطلب عليها وتنخفض بالتالي الأسعار· ويرى ''ليستر براون'' -رئيس معهد سياسة الأرض في واشنطن- أن الأمر سيحتاج أيضا إلى إجراءات أخرى، ومنها على سبيل المثال ضرورة أن تعمل الولايات المتحدة على تقليل كمية المحاصيل الغذائية التي يتم توجيهها لإنتاج الإيثانول، وأن تقتنع في ذات الوقت أن سعيها إلى زيادة الأمن النفطي في العالم قد جاء على حساب الأمن الغذائي، مضيفا: ''أن هناك حاجة إلى إجراءات أخرى، كالعمل على الحد من الزيادة السكانية، ومعالجة الآثار الناتجة عن التغير المناخي، ومعالجـــة الأسباب المؤدية إليه، مع العمل في نفس الوقـــت على تحسين كفـــاءة استخدام المياه واكتشاف مصادر جيدة له، وتطوير التقنيات الزراعية، وإجراء إصلاحــات على القوانين التجاريـــة، كما يقول بعض الخبراء إن الوقت قد حــان لاعتماد نموذج زراعي يقوم على معايير مختلفة مثل الامتياز، وقيمة المحتوى الغذائي، وتقليل البصمة الكربونية، ومراعاة التنوع الحيوي، ومراعاة الأبعاد المتعلقة بالعدالة الاجتماعية· مارك رايس- أوكسلي كاتب أميركي متخصص في قضايا التنمية ينشر بترتيب خاص مع خدمة كريستيان ساينس مونيتور
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©