الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

طالبان··· تحدٍّ لحكومة باكستان

طالبان··· تحدٍّ لحكومة باكستان
7 يونيو 2008 01:27
كان الجيش الباكستاني قد تباهى خلال الشهر الماضي بتنظيمه لرحلة جوية لعدد من الصحفيين إلى منطقة القبائل الخارجة عن سلطة القانون، بهدف إطلاع الصحفيين على مدى حزمه في تدمير قوات طالبان، بما في ذلك تدميره لإحدى المدارس المتخصصة في تخريج العناصر الانتحارية، في مطلع العام الحالي، ولكن لم تمر سوى بضعة أيام فحسب على تلك الرحلة، حتى عقد ''بيت الله محسود'' زعيم حركة طالبان في منطقة القبائل تلك، مؤتمراً صحفياً قصد منه أن يبين لحكومة ''إسلام أباد'' لمن هي السيطرة الفعلية على منطقة القبائل· وقد وصل ''بيت الله مسعود'' إلى مكان المؤتمر الصحفي، محمولاً على سيارة ''تويوتا'' مكشوفة، وقد أحيط بعدد من مقاتلي حركة طالبان المدججين بالرشاشات والأسلحة الثقيلة، والذي أعلن فور وصوله اعتزام حركته تشديد قتالها ضد القوات الأميركية على طول الخط الحدودي الفاصل بين باكستان وأفغانستان، وجاء على لسانه قوله للصحفيين: ''فالإسلام لا يعترف بالحدود بين الدول'' وهي التصريحات التي نشرتها الصحف الباكستانية وأكدتها هيئة الإذاعة البريطانية التي أضافت إليها قوله كذلك: ''فليست ثمة صفقة يمكن عقدها مع الولايات المتحدة الأميركية''· وتشير هـــذه الثقــــة الكبيرة التي تحـــدث بها ''بيت الله محسود'' إلى مدى الاستفادة التي حققهـــا المقاتلون المتطرفون من سلسلـــة صفقات المصالحــــة التي عقدتها معهم الحكومـــة الباكستانيــــة، وإلى مدى تأثير هذه الصفقات على مجريـــات الأحداث في أفغانستان المجاورة، والدليل ما يقوله المسؤولون العسكريون لحلف الناتو والقوات الأميركية المرابطة في أفغانستان، عن تصاعد الهجمــــات الحدوديـــة على قواتهـــم منذ بدء الحديث عن عقد صفقات سلام مع قوات طالبان في شهر مارس الماضي، وكان التحدي الذي شكله ''بيت الله مسعود'' بعقد مؤتمره الصحفي العلني هذا، قد استفز إدارة ''بوش'' إلى حد دفعها للمسارعة إلى حث الحكومة الباكستانية على ملاحقته واعتقالــــه وإثارة الاتهامات القانونية ضده· وكان ''جون دي· نيجربونتي'' -وكيل وزارة الخارجية الأميركية- قد أفاد لجنة العلاقات الخارجية التابعة لمجلس الشيوخ خلال الشهر الماضي، أن ملاحقة واعتقال واتهام ''بيت الله محسود'' هو عين الذي تريده الولايات المتحدة الأميركية من الحكومة الباكستانية، غير الحقيقة أن ''إسلام أباد'' التي كانت تنظر إلى هذا القيادي الطالباني يوماً ما على أنه حليف مقرب لها، قد بدأت تظهر خوفها من تنامي نفوذه في منطقة القبائل المذكورة، ما يقعدها عن ملاحقته وإلقاء القبض عليه، ولعل أوضح مظهر لهذا الخوف، الأمر الذي أصدرته إسلام أباد بانسحاب قواتها المرابطة في منطقة القبائل، قبيل عدة أيام من انعقاد المؤتمر الصحفي المشار إليه· هذا ويتفق المسؤولون الأميركيون والباكستانيون على اتهام ''محسود'' بتدبير عملية اغتيال المعارضة الباكستانية ورئيسة الوزراء السابقة ''بينظير بوتو'' في شهر ديسمبر الماضي، إلى جانب اتهامه بالوقوف وراء إرسال عشرات الانتحاريين عبر الحدود المشتركة بين باكستان وأفغانستان، إضافة إلى علاقاته الوثيقة مع قادة تنظيم القاعدة المختبئين في المناطق الحدودية الفاصلة بين البلدين· هذا وقد وصف مسؤولون عسكريون وحكوميون، فضلاً عن عدد من المواطنين الذين أجريت لقاءات صحفيـــة معهم -بمن فيهم عضو سابق بحركة طالبان- وصفوا جميعهم قيادي طالبان ''بيت الله محســــود'' بأنه شخصية متشــــددة، بالكــــاد يعرف القراءة والكتابــــة، إلا أن له القدرة على اجتذاب واستقطاب عدد من المتعلمين والدفــــع بهم نحو التطرف وحضهم على القتال والعنف، وذهبت الأوصــــاف نفسهــــا إلى القول إنـــه شخصية لا تعرف التهـــــاون ولا الكلل من السعي نحـــو إقامــــة نظــــام الحكم الإسلامي المتشــــدد في كـــل من باكستان وأفغانستان· وبالفعل عرفت عنه وحليفه الرئيسي ''قاري حسين'' همة لا تخطئها العين في بناء وتوسيع معسكرات التدريب وتنظيم عمليات العنف في شمالي وجنوبي إقليم ''وزيرستان''، وكذلك في قتل قادة القبائل غير المتعاونين مع حركــة طالبان، كما عرف عن الحليفين نشاطهما المثابر في تجنيد الشباب العاطلين إلى صفوف المقاتلين، وفي ملء الفراغ الحكومي الناتج عن نقص الخدمات الأمنية والاجتماعية والاقتصادية في الإقليم· وفي جنوبي ''وزيرستان'' بالذات، يشهد لهما بإدارة معسكرات التدريب على تنفيذ العمليات الانتحارية، بما فيها تدريب الأطفال، على حد إفادة عضو حركة طالبان السابق، الذي لا سبيل إلى ذكر اسمه لأسباب تتعلق بأمنه وسلامته· ومن فرط تنامي نفوذ حركة طالبان في مناطق القبائل، تعمدت منظمة ''حركة طالبان الباكستانية'' التي تعد واجهة للتنظيم الذي يقوده ''بيت الله محسود'' عقد مؤتمر عام للآلاف من مقاتليها المتشددين في شهر أبريل الماضي، نفذوا خلاله إعداماً علنياً لأحد الضحايا، حسب إفادة أحد المواطنين المقيمين، إلى ذلك يقول المسؤولون الباكستانيون المحليون إنه لا حول لهم ولا قوة في مواجهة هذه المجموعات المسلحة التي يقودها ''محسود''، ما دفعهم إلى إعلان هدنة من جانبهم مع الحركة المذكورة يوم الأربعاء الماضي في منطقة ''مهمند'' التي عقد فيها المؤتمر ونفذ فيها الإعــــدام العلني المشار إليه آنفاً· هذا ويلقي مسؤولون مدنيون وعسكريون باكستانيون باللائمة على حكومة الرئيس الحالي ''برويز مشرف'' التي أبرمت قواتها في شهر فبراير من عام 2005 صفقة سلام مع ''محسود''، مع العلم أنه ذات التاريخ الذي بدأ فيه نفوذه تناميه المستمر الذي أوصله إلى ما هو عليه الآن من خطر وتحد سافر لحكومة إسلام أباد نفسها· جين بيرليز- بيشاور ينشر بترتيب خاص مع خدمة نيويورك تايمز
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©