الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

تحولات السياسة الكندية

7 يونيو 2008 01:27
تبدأ الأسبوع القادم الزيارة الرسمية لرئيس وزراء كندا إلى دولة إسرائيل، وهي زيارة تنظر إليها كل من كندا الرسمية -المحافظة- وإسرائيل، باهتمام إعلامي كبير تبدى في ''التحضير'' المسبق لزيارة السيد ''هابر'' إلى إسرائيل، ويشارك فيه بنشاط كبير الاتحاد اليهودي-الكندي (أكبر المنظمات الصهيونية في كندا)، حيث أتاح لرئيس الوزراء فرصة مخاطبة الاحتفال الكبير الذي نظمه بمناسبة الذكرى الستين لتأسيس الدولة الصهيونية، ولقد فاجأ رئيس الوزراء مستمعيه بإلقاء خطاب سياسي تحدث فيه بحماس عن إعجابه الكبير بدولة إسرائيل التي وصفها بأنها هي واحة الديمقراطية والتقدم في صحراء الشرق الأوسط! وتحدث عن تطلعه إلى زيارته الرسمية لإسرائيل وتلهفه للالتقاء برئيس الوزراء الإسرائيلي والقادة الإسرائيليين، واشتط به الحماس (وهو أمر ليس معهودا عنه) للحديث عن العلاقة الاستراتيجية التي تربط كندا بإسرائيل، وأعلن بكل حماس (أن كندا تعتبر أن أي تهديد لأمن إسرائيل هو تهديد لأمنها الوطني)! لكن ''العبارات الحماسية'' التي جاءت على لسان رئيس الوزراء لم تكن في واقع الأمر ''زلة لسان''، ولكن يجب النظر على ضوء السياسة الخارجية لهذه الحكومة المحافظة ومواقفها المفضوحة تجاه أزمة الشرق الأوسط عامة، وموقفها المستنكر من غالبية الرأي العام الكندي إبان حرب الصيف الماضي بين المقاومة اللبنانية وإسرائيل خاصة، وأضاف على ذلك موقف حكومته من أزمة المساعدات الدولية التي قررت لمساعدة السلطة الفلسطينية (والتي شاركت فيها الحكومات الليبرالية السابقة بنصيب محترم)، حيث أوقفت حصة كندا بعد انتخاب الفلسطينيين لـ''حماس'' والذي تراجعت عنه بعد تدخل الاتحاد الأوروبي· لقد درجت السياسة الخارجية الكندية منذ انفجار الصراع العربي- الإسرائيلي، على اتخاذ سياسة متوازنة تجاه العرب والإسرائيليين، فكندا اعتبرت أن الأساس الذي قامت عليه سياستها هو قرار الأمم المتحدة في عام 1948 بتقسيم فلسطين إلى دولتين بين العرب واليهود، وظلت الحكومات الكندية المتعاقبة حريصة على إتباع خط ''الحياد''، هذا مما لكندا من مكانة وسمعة طيبة لدى العالم العربي، وبعض القبول بدورها عند المواطنين الكنديين من أصول عربية، لكن ما درج عليه رئيس الوزراء المحافظ منذ استلامه السلطة من تعامل مع قضايا العالم العربي وإسرائيل اعتبر خروجاً واضحاً على المبادئ التي قامت عليها السياسة الخارجية الكندية واعتبار ''الحياد'' في موضوع الصراع بين العرب والصهيونيين قد تحول انحيازاً كندياً تاماً إلى إسرائيل، لدرجة يعلن فيها رئيس الوزراء صراحة أنه يعتبر أن أمن إسرائيل هو أمن كندا!· لقد وجد السفير الإسرائيلي لدى كندا فرصة طيبة بعد مشاركة رئيس الوزراء لليهود الكنديين احتفالاتهم وخطابه الحماسي أمامه، ليرد الجميل مضاعفاً لرئيس الوزراء، ففي حديث منشور ومذاع للسفير الإسرائيلي أعرب فيه عن ''تخوفه من أن يؤثر المهاجرون الجدد من العالم الإسلامي القادمون من خلفية لا تحترم التعددية الثقافية التي تتمتع بها كندا، وأن يؤثروا على السلم الاجتماعي الذي هو ضمان المجتمع الكندي''، ولم ينس السفير الإسرائيلي أن يذكر الكنديين بـ''الكوارث'' التي لحقت ببعض البلدان الأوروبية التي امتلأت بالمهاجرين المسلمين المتطرفين! لقد صحبت احتفالات الإسرائيليين بالذكرى الستين لتأسيس دولتهم في كندا -وبخاصة في أكبر مدنها تورنتو- حملة دعائية كبيرة تخللتها هجمات مركزة على العرب الفلسطينيين، وهي جزء من الحملة المستمرة لتشويه الموقف العربي- الفلسطيني وطمس حقيقة الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي، والغريب أنه لا يرتفع صوت عربي واحد مسؤول أو شعبي في كندا احتجاجاً على خطاب رئيس الوزراء وتهجم السفير الكندي وتحريضه الكريه على القادمين المهاجرين الجدد من البلاد الإسلامية· الصوت الوحيد الذي ارتفع في داخل البرلمان منبهاً ومحذراً من انحدار رئيس الوزراء بالسياسة الكندية إزاء القضية الفلسطينية المعقدة، وتحويل الموقف الكندي الثابت القائم على الانحياز منذ بداية الصراع، هو صوت المتحدث باسم حزب الأحرار للشؤون الخارجية والذي -وهو محق- أن رئيس الوزراء يريد أن ''يلعب'' بالصوت الانتخابي اليهودي في قضية لا تقبل ''اللعب''، والحقيقة أن المحافظين الجدد بزعامة ''هاربر'' عندما تحدوا الحدود، كانت الانتخابات في برنامجه وسعيهم مع الجناح المحافظ في الاتحاد اليهودي -الكندي لخلق قاعدة ارتكاز للمحافظين وبخاصة في ''أونتاريو''- هو بعض من متطلبات رحلة ''هاربر'' إلى إسرائيل· عبدالله عبيد حسن
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©