الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

قضايا الاعتداء على الأطفال بين الأرقام الإحصائية وثقافة الكتمان

قضايا الاعتداء على الأطفال بين الأرقام الإحصائية وثقافة الكتمان
8 يونيو 2008 01:57
كانت في الثامنة حين فقدت براءتها ورغم ذلك كانت عائشة تعتقد أن الآتي أسوء بكثير فجدها الذي اعتدى عليها في تلك السن المبكرة، استمر في نهش جسدها الغض يوميا دون أن تقدر على ردعه· فهي يتيمة الأبوين وتعيش في كنف جدها وزوجته· عائشة مارست ذاتها دور المجرمة حين تسللت إلى جسد طفلة جدها ميره· وحصل المحظور حين اكتشفت الزوجة تلك الجريمة المزدوجة ليتم الكشف الطبي على الاثنتين عقب محاولة زوجة الجد الانتقام من عائشة بكيها بالنار ومحاولة إيذائها· واليوم تقبع عائشة ابنة السادسة عشرة في دار رعاية الفتيات بتهمة هتك عرض· في هذه الدار تخوض عائشة تجربة جديدة لم تألفها من قبل· وتعيش برفقة 23 فتاة ضبطن بتهم مختلفة سرقة، دعارة، تسول، تشرد· اما تانيا فهي صبية من أوزباكستان باعتها والدتها إلى إحدى شبكات الدعارة العالمية في سن مبكرة وقبضت الثمن لتبدأ الطفلة حياة مأساوية وينتهي بها الأمر أيضا في دار الرعاية بعد أن ضبطت بتهمة التشرد وممارسة البغاء والأن يتم العمل على إجراءات ترحيلها· حكاية عائشة وتانيا لا تختلفان في تفاصيلهما عن قصص كثيرة مشابهة وأشد إيلاما، بعضها وجد ضالته في المحكمة لكن السواد الأعظم يبقي طي الكتمان· قضايا محظورة ويقول المحامي أحمد أبو العلمين إن ''التعامل مع مثل هذه القضايا لا زال محظوراً ومحاطاً بالكثير من الكتمان والسرية''· ولفت إلى أن 80% من حالات الاعتداء الجنسي على الأطفال تحدث داخل المنزل· ويرتكبها أقارب وأصدقاء وأشخاص معروفون لدى الأطفال وربما أيضاً محبوبون لديهم وهو ما يسمى بـ ''زنا المحارم''· بدوره يؤكد المستشار القانوني وخبير برامج تنمية الطفولة المبكرة التابع لبرامج التعليم في منظمة اليونسيف يوسف الشريف أن نسبة قضايا الاعتداءات في المجتمع الإماراتي ''قليلة مقارنة مع ما تم رصده في معظم المجتمعات الأخرى''· وتتراوح نسبة الذين يتعرضون للإساءات الجنسية في العالم بين 30 % للبنات و20 % للأولاد· ووفق الشريف فان نسبة المواطنين ما دون الـ 20 عاماً تصل الى 50% في الإمارات فيما يشكل المواطنون ما دون الـ 14 عاماً 38%· ولفت الشريف إلى أن دولة الإمارات هي من ''أوائل الدول التي التزمت بنصوص اتفاقية الطفل'' ووضعتها موضع تنفيذ في قوانينها الداخلية وفي كافة مناهجها الاجتماعية والتربوية· ويشمل قانون العقوبات الاتحادي رقم 3 لعام 1987 والمعدل بالقانون 34 لعام 2005 على نصوص عديدة لحماية الأطفال من كل أنواع الاعتداءات والعنف والحرمان· وخصص المشرعون الإماراتيون· ويتضمن الفصل الخامس من الباب السابع في القانون مواد متعلقة بجرائم الاغتصاب وهتك العرض والفعل الفاضح والمخل بالحياء والتحريض على الفجور والدعارة المنصوص عليها· وتتراوح العقوبات على مثل هذه الجرائم بين الغرامة المالية والحبس لفترات تتراوح بين الستة أشهر والـ 10 سنوات · وتصل العقوبة في حالات محددة الى الإعدام· فالمادة 354 من قانون العقوبات تنص على أن ''يعاقب بالإعدام كل شخص استخدم الإكراه في مواقعة أنثى أو اللواط مع ذكر كما يعتبر الإكراه قائما إذا كان عمر المجني عليه أقل من 14 عاما وقت ارتكاب الجريمة''· ويرى الشريف أنه رغم تعدد هذه النصوص في قانون العقوبات الاتحادي والقوانين الأخرى المتعلقة بحماية الطفل إلا انه بعثرة تواردها في فصول القانون قللت من فاعليتها· ويطالب الشريف السلطات التشريعية في البلاد بوضع قانون خاص بحقوق الطفل تجمع فيه كل النصوص التي توفر الضمانات الكاملة لإرساء وحماية هذه الحقوق في كافة أرجاء الإمارات· ويدعو إلى ضرورة إنشاء محكمة خاصة للطفل في الإمارات تتفرغ لحماية حقوق الطفل من كافة أشكال العنف والحرمان· بدوره يقول أستاذ علم الاجتماع في جامعة الشارقة أحمد العموش إنه ''لا يمكن ربط مشكلة الاستغلال الجنسي للأطفال على أرض الواقع مع الأرقام الإحصائية المتوفرة رسمياً''· وأكد أن ''أضعاف هذه القضايا تبقى في طي الكتمان والسرية''· كشفت إحصائية دار البحوث في شرطة أبوظبي أن إجمالي حالات استغلال الأطفال المسجلة في أبوظبي وصل إلى 23 حالة في الفترة من 2001 وحتى ·2005 فيما سجلت إحصائيات شرطة الشارقة 8 قضايا زنا ارتكبها أحداث أعمارهم دون الـ 18 عاما و33 قضية فعل فاضح علني و14 خلوة محرمة و8 قضايا هتك عرض بالإكراه· ووصل عدد الأحداث في دور الرعاية ودور الفتيان 499 ذكرا و53 أنثى في العام 2007 مقارنة بـ503 في العام 2006 · وتشير أرقام شرطة الشارقة إلى أن 97 % من الأحداث هم من فئة الطلاب· أما أعداد الأطفال ضحايا الجريمة بكافة أشكالها في الشارقة وصلت في عام 2003 إلى 177 طفلا· و196 طفلا في العام ·2004 و221 طفلا في العام 2005 و 200 طفل في العام ،2006 و187 طفلا في العام ·2007 وأظهرت الإحصائيات ان 25 جريمة اغتصاب و 105 جرائم هتك عرض وقعت في الشارقة في العام الفائت مقاربة بـ 23 جريمة اغتصان و 117 جريمة هتك عرض في العام ·2006 ويقول أحمد العموش إن هذه الأرقام ''تعتبر مؤشرا خطيرا يستدعي الدراسة''· وفي دراسة ميدانية حول ''تصورات الأطفال للعنف في مجتمع الإمارات''، انجزها الدكتور أحمد العموش عام 2007 تم استخدام عينة عشوائية تألفت من193 طفلا· واظهرت أن الطفل الذي يتعرض للاستغلال الجنسي، ''يعاني من بنية نفسية هشّة، تجعله عرضة لكافة أنواع الانحراف''· ولفتت الدراسة إلى أن ضحايا الاستغلال الجنسي من الفتيات يتجهن للدعارة اما الأولاد فيتجهوا للسرقة والإدمان· واوضحت الدراسة أن ''هذه السلوكيات هي نتاج نضوج جنسي مبكر خارج سياقه الطبيعي يولد لدى المعتدى عليهم نزعة لإيذاء أنفسهم أو إيذاء الآخرين''· ويشير العموش إلى أنه ''غالبا ما يحصل تكتم على إساءة معاملة الطفل خوفا من أن تصل الاعتداءات الى النظام العدلي''· وشرح أن مرد هذا التكتم يعود الى أن ''غالبية هذه الجرائم ترتكب في الأسرة التي تتعامل مع هذه السلوكيات على أنها مقبولة اجتماعياً خاصة ما يتعلق بسوء المعاملة الجسدية، أو تحت ذريعة شرعية معــــتقدات خاطئة تربوياً كالخلط بين أساليب التأديب وسوء المعاملة، أو لأن الأسرة تعتــــقد بأن الطــفل هو ملكــــية خاصة بالأســــرة ولا يحــــق للآخـــــرين التدخل في شؤونها· ويؤكد العموش في دراسته أن الأرقام الحقيقية لهذه الظاهرة لا تدل على حجمه الحقيقي على المستوى العالمي· ويقول إن السبب يعود إلى طبيعة الضحية ومقدرتها في الدفاع عن نفسها اضافة الى عدم إدراكها لنوع العنف المستخدم ضدها· ويضيف العموش أن طبيعة الثقافة لا تسمح بالإفصاح عن العنف ضد الأطفال وخاصة الجنسي منه ''وذلك لوجود نسق من المحرمات الذي يشكل عائقاً في الإبلاغ عن أي صورة من صور العنف''· ويرى العموش أن العنف الأسري ضد الأطفال يزداد انتشارا في المجتمعات العربية وكشف عن احصائيات تشير إلى أن الأردن شهد العام الفائت 270 حالة إساءة جسدية وجنسية من الأطفال· فيما يصل حجم ظاهرة العنف الأسري في اليمن إلى 20% من اجمالي الجرائم الأخرى· واظهرت الاحصائيات الى أن 21% من الأطفال السعوديين يتعرضون للإيذاء بشكل دائم· وتتسم 65% من الجرائم ضد الأطفال التي ترتكب في مصر بالسرية· وخلصت دراسة العموش إلى أن 17 % من الأطفال المستطلعة اراؤهم شاهدوا أفلاما إباحية· وتعرض 3% منهم لاعتداء جنسي· وشهد 22% تحرشا جنسيا داخل الحي السكني فيما تعرض 1% للتحرش الجنسي داخل الأســـــرة و 11% تعرضوا للتحرش داخل المدرسة· كما أظهرت النتـــــائج أن الأب احتل المرتبة الأولى على سلم الأشخــــاص المعتدين على الأطفال بنســــبة 36 % تلته الأم بنسبة 14 % وأشـــخاص آخرون بنسبة 12 %· خط نجدة الطفل إلى ذلك كشفت مديرة دار الرعاية الاجتماعية في الشارقة ومديرة مشروع خط نجدة الطفل مريم القصير عن تلقي الخطوط المخصصة للاطفال ما يزيد على 2000 اتصال خلال الاشهر الثلاثة الفائتة· وقالت إنه ''بعد تحــــليل المكالمات تبين أن 47 % منها يظهر معاناة الأطفال من مشاكل نفسية أو إهمال''· وأكدت أن موظفي استقبال المكالمات لا يهملون اي اتصال ويعمدون دائما الى تحويل الشكاوى الى مكتب الاستشارات النفسية التابع لقطاع شؤون الطفولة· وقالت إنه في ''بعض الحالات الخطرة يتم فتح بلاغ أو استضافة الطفل المتضرر في الدار''· واشارت إلى أن عدد الفتيات في دار الرعاية في الشارقة وصل الى 24 فتاة حاليا مقارنة مع 22 فتاة في عام ،2005 و16 فتاة في عام 2003 و15 فتاة في عام ·2004 وباشر خط نجدة الطفل أعماله في يوليو الفائت ويتم استقبال المكالمات على رقم الهاتف المجاني 800700 التابع لقطاع شؤون الطفولة في دائرة الخدمات الاجتماعية.
المصدر: الشارقة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©