توصلت مصر مؤخراً إلى اتفاق تجاري مع الاتحاد الأوروبي يتيح لـ108 سلع زراعية مصرية دخول الاسواق الاوروبية بلا حصص أو جمارك ابتداء من اكتوبر القادم، بعد مفاوضات استمرت اكثر من عام، ووافق البرلمان الاوروبي على الاتفاق التاريخي، الذي سيعرض على البرلمان المصري عند بدء دورته الجديدة.
ويحقق هذا الاتفاق نقلة ضخمة في الصادرات الزراعية المصرية للاسواق الاوروبية، ويضع المنتجات المصرية امام منافسة قوية مع الدول المصدرة للسلع الزراعية للأسواق الاوروبية مثل تركيا واسبانيا. ويرى السفير جمال الدين بيومي مساعد وزير الخارجية المصري الاسبق المسؤول عن مكتب المشاركة المصرية الاوروبية، ان الاتفاق هو الافضل منذ اكثر من مئة عام، حيث يسمح الاتفاق بالتحرير الكامل للصادرات الزراعية المصرية في دول الاتحاد الاوروبي باستثناء 5 او 6 سلع ـ لم يكشف عنها الجانب المصري ـ ويتيح دخول اكثر من 90 في المئة من السلع الزراعية المصرية او 108 سلع بلا حصص أو رسوم جمركية، على عكس الاتفاق السابق المطبق منذ عام 2004، وكان يسمح بدخول السلع وفق حصص معينة يتم الاتفاق عليها بين الجانبين وفي اوقات معينة من السنة، ولكن يمكن زيادة هذه الحصص من خلال المفاوضات بتخفيض نسبة التعريفة المفروضة من الاتحاد الاوروبي بنسبة 60 في المئة، بحيث يدفع المصدر المصري 40 في المئة من هذه التعريفة مقابل زيادة الحصة. وكان المفاوض المصري من خلال اتفاق المشاركة مع الاتحاد الاوروبي قد نجح في وضع بند في الاتفاق يسمح بمراجعة الحصص الزراعية كل ثلاث سنوات، مما ساعد المصدرين الزراعيين المصريين على زيادة حصصهم التصديرية كل فترة من خلال المفاوضات وكان المفاوض المصري يلح كثيرا على موافقة الجانب الاوروبي على التحرير الكامل لدخول المنتجات الزراعية المصرية. وبالاتفاق الجديد تتساوى فرصة السلع الزراعية مع فرصة المنتجات الصناعية المصرية في الاسواق الاوروبية مما يعني دفع التبادل التجاري مع الاتحاد الاوروبي الى مستوى أعلى من حيث الكم والقيمة وتحقيق زيادة مستمرة في حجم التجارة لصالح مصر. ووفقا لارقام وزارة الصناعة والتجارة المصرية فان حجم التجارة البينية بين الجانبين يزيد 20 في المئة في السنة، ووصل الى ما قيمته 20.8 مليار يورو في نهاية العام الماضي، منها 8.1 مليار يورو للصادرات المصرية و12.7 مليار للجانب الاوروبي، وبالتالي فإن دول الاتحاد الاوروبي تعتبر الشريك التجاري الاول لمصر والذي يستحوذ على 34 في المئة من حجم التجارة المصرية الخارجية. وتعتبر ايطاليا الشريك التجاري الاكبر بنسبة 24 في المئة تليها المانيا 18 في المئة و10 في المئة لكل من فرنسا واسبانيا، و9 في المئة لبريطانيا. ويصل حجم العجز التجاري المصري مع دول الاتحاد الاوروبي الى اكثر من 4 مليارات يورو. وتتركز معظم الواردات المصرية في السلع الانتاجية الصناعية والكيماوية والآلات والسلع الاستهلاكية، بينما يحتل النفط والغاز المرتبة الاولى في قائمة الصادرات المصرية بنسبة 49 في المئة ثم المنتجات الصناعية 27 في المئة والكيماوية ومستلزمات التشغيل 10 في المئة والمنتجات الزراعية 6.3 في المئة فقط. ويقول السفير جمال بيومي إن تصدير طن بطاطس الى اوروبا يوفر 4 وظائف جديدة، وبالتالي فان تصدير 250 الف طن من البطاطس سيوفر مليون فرصة عمل. ويقول رئيس وفد المفوضية الاوروبية الجديد بالقاهرة السفير كلاوس ايبرمان إنه اذا كانت الاتفاقية الزراعية الجديدة تتيح دخول 90 في المئة من المنتجات الزراعية التي تود مصر تصديرها بلا حصص أو جمارك، فانه لا يمكن اجبار المستهلك الاوروبي على شرائها اذا لم تكن بالجودة المناسبة وان تطرح في الوقت المناسب بالسوق. وأضاف أن لدى مصر نقطة قوة يمكن ان تنافس من خلالها في الاسواق الاوروبية وهي مناخها وتربتها الجديدة في الاراضي النظيفة بتوشكي، حيث يمكن زراعة وتصدير المنتجات الزراعية العضوية. موضحا ان رجال اعمال مصريين اكدوا له ان مصر لاتحتاج الآن الى استخدام الكثير من المبيدات او الاسمدة في الزراعة، بسبب المناخ والتربة النظيفة الجديدة. وكان هؤلاء يشيرون الى ان هناك حوالي 560 الف فدان صالحة للزراعة الان في توشكي يمكن استخدامها في الزارعة العضوية للمنتجات التي تصدر الى الاسواق الاوروبية والدولية. واشاروا الى ما اطلق عليه «النافذة المفتوحة» للتصدير الزراعي الى اوروبا، حيث يمكن ان تتوفر المنتجات الزراعية المصرية في الاسواق الاوروبية في الاوقات التي لا تتوفر فيها هذه المنتجات من اماكن اخرى. وقال ايبرمان ان هناك نقصا كبيرا في الاغذية العضوية بالسوق الاوروبية وهي فرصة جيدة لمصر، مشيرا الى ان هناك ما بين طائرتين الى 4 طائرات محملة بالاغذية العضوية تسافر كل ثلاثة ايام تقريبا من مصر الى المانيا وبلجيكا. واشار الى انه بسبب الازمة الاقتصادية العالمية، فان حجم التبادل التجاري بين مصر ودول الاتحاد الاوروبي يمكن ان ينخفض بنسبة تتراوح بين 10 و15 في المئة هذا العام. لكن من واقع الارقام التي ذكرتها وزارة الصناعة والتجارة، فان حجم التجارة بين مصر ودول الاتحاد الاوروبي في الربع السنوي الاول من العام الجاري ارتفع الى 4.96 مليار يورو مقابل 4.64 مليار في نفس الفترة من العام الماضي، بنسبة 7 في المئة. واللافت ان الصادرات المصرية ارتفعت إلى ملياري يورو بزيادة 3.4 في المئة على نفس الفترة من العام الماضي، وهذا يعني ان الصادرات الزراعية يمكن ان تساهم في أن تخفض العجز مع الاتحاد الاوروبى، وهذه ليست مهمة المصدرين فقط ولكن مهمة وزارة الزراعة المصرية بالدرجة الاولى، التي لابد ان تساعد على نشر الزراعة النظيفة. واصدر وزير الزراعة المصري المهندس امين اباظة قرارا بالسماح لشباب المهندسين الزراعيين بتأسيس شركات خاصة لتقديم جميع خدمات مكافحة الافات الزراعية بالتعاون مع نقابة الزراعيين. وقال مصطفي الخطيب الامين العام للنقابة ان قيام المهندسين الزراعيين بتقديم خدمات مكافحة الافات سيؤدي الى احكام السيطرة على المبيدات الزراعية، وهو الامر الذي سيحد من الاستخدام العشوائي لهذه المبيدات، وارجاعها الى النسب والمعدلات المقررة، موضحا ان طلبات تاسيس هذه الشركات سيتم قبولها ابتداء من اغسطس، وان وزارة الزراعة ستوفر الآلات ومعدات المكافحة لاصحاب الشركات الجديدة بنظام التأجير أو التمليك
عدد اليوم
