الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

اليابان تخطط لبناء مفاعل جديد

اليابان تخطط لبناء مفاعل جديد
11 مارس 2013 23:34
شايكو هارلان أوما - اليابان في الطرف الشمالي الغربي النائي لجزيرة جليدية، وراء طريق صغير تقوم على امتداده أكواخ صيادين ومنازل مهجورة من طابق واحد، ينهمك 600 عامل بناء في تشييد مفاعل نووي جديد تماماً، لبلد ما زال يتعافى من أخطر حادث نووي وقع في العالم بعد حادث شيرنوبل. وكان الحادث قد وقع، عندما أدى زلزال ضرب اليابان في مارس عام 2011 إلى أمواج مد عاتية اجتاحت محطة «فوكوشيما» النووية على الساحل الشمالي الشرقي للبلاد، ما أسفر عن توقف معدات المحطة عن العمل، وذوبان قضبان الوقود، وانبعاث كميات كبيرة من الإشعاع أدت إلى تلويث مناطق تبلغ مساحتها 700 كيلومتر مربع، وإجبار ما يقرب من 150 ألفاً من سكان المناطق المتضررة على الهروب من منازلهم من دون عودة -بالنسبة لمعظمهم. وعقب الحادث، قامت شركات المرافق في اليابان بإغلاق كافة المشروعات المرتبطة بالطاقة النووية. وفجّر الحادث بعد وقوعه سجالاً حول الطاقة النووية، وهو سجال اتسم بالحدة الشديدة في اليابان حيث تم إيقاف العمل في الخمسين مفاعلاً القائمة، وتعليق العمل في ثلاثة مفاعلات جديدة كان يجري تشييدها في ذلك الوقت. وفي الوقت الراهن تمت إعادة مفاعلين من المفاعلات القائمة للعمل مرة أخرى، كما تم استئناف العمل في منشأة «أوما» النووية هنا، التي كان العمل قد بدأ فيها في عام 2008 قبل أن يتوقف من قبل المشغل «جيه - باورز» بعد الحادث، يعد أوضح علامة حتى الآن على أن الموقف الداعي لتجميد نشاط المفاعلات النووية، قد بدأ يتراجع. والضوء الأخضر الممنوح للخطة الجديدة يعد في حقيقة الأمر، مقامرة من قبل شركة الطاقة اليابانية المذكورة، مفادها أن اليابان ستعمل مرة أخرى على تبني والاعتماد على الطاقة النووية، التي كانت توفر ثلث احتياجات البلاد من الطاقة قبل كارثة فوكوشيما النووية. ويقول بعض المحللين إن التنبؤ باتجاه اليابان النووي في المستقبل أمر صعب وإن قرار شركة «جيه - باورز» يعد قراراً صعباً -حتى مع عودة الحزب المؤيد للطاقة النووية مرة ثانية للسلطة- لأن الأغلبية هنا يعارضون الاعتماد طويل الأمد على الطاقة النووية. وعلى المستوى السياسي، تناوب على حكم اليابان ثلاثة رؤساء وزراء منذ وقوع كارثة فوكوشيما. كان الأول منهم معارضاً شرساً للطاقة النووية، والثاني كان معارضاً معتدلاً، أما الثالث -الحالي- فهو مؤيد حذر. وقد حاول الحزب الحاكم السابق، في الخريف الماضي، وضع مخطط للتخلص تدريجياً من الاعتماد على الطاقة النووية بحلول عقد الثلاثينيات من القرن الحالي، ولكن النشطاء المناوئين للطاقة النووية قالوا إن التعهد كان قد خُفف إلى الدرجة التي بات معها خالياً من المعنى. أما رئيس الوزراء الحالي «شينزو آبي» فيخطط، هذا الشهر، لعقد لجنة خبراء تعد الأخيرة في سلسلة من اللجان التي عقدت من قبل، وذلك للمساعدة على التصديق أخيراً على خطة التخلص المرحلي من الاعتماد على الطاقة النووية، وهي لجنة يوحي تشكيلها بأن «آبي» يفضل استمرار وجود دور للطاقة النووية. وتجدر الإشارة هنا إلى أن الجماعات المناهضة للطاقة النووية، التي تزايد عددها بعد حادث فوكويشما، ما زال بمقدورها لعب دور مؤثر في هذا السجال، ولكن مشكلتها تكمن في أنها غير منظمة من الناحية السياسية، علاوة على أنها باتت أكثر هدوءاً في الشهور الأخيرة. ويستشهد الناشطون الأفراد باستئناف العمل في «أوما» باعتباره حدثاً مثيراً للجدل، ولكنهم يلاحظون أيضاً أن ذلك الإجراء لم يؤدِّ إلى احتجاجات واسعة النطاق. وحول هذه النقطة يقول «ميزاو شينوتو» وهو من زعماء حركة مناوئة للطاقة النووية: «إن الاتجاه السائد في الوقت الراهن هو عدم الذهاب في الاتجاه الصحيح». وبالنسبة لبعض الناشطين والسياسيين المناوئين للطاقة النووية، يعتبر بناء مفاعل جديد أمراً مقلقاً، لأنه يعطي اليابان الإمكانية لتشغيل محطات نووية حتى أواخر عقد الخمسينيات من القرن الحالي، أي أكثر بكثير من «فترة الحياة المحددة بـ40 عاماً» للمفاعلات القائمة بالفعل. يشار إلى أن المفاعلين اللذين كانا تحت الإنشاء، عندما وقع حادث فوكوشيما وتوقف العمل فيهما بعد الحادث، لم يُستأنف العمل في أي منهما حتى الآن. ويقول «ناوتو كان» الذي كان رئيساً لوزراء اليابان وقت وقوع حادث فوكوشيما في مقابلة أجريت معه في مكتبه الذي يعلق على جدرانه صورة لمزرعة رياح: «يجب أن نتخلى عن بناء المفاعلات النووية». ويضيف: «إذا لم نتمكن من التخلص من الخطر الذي ينتج عن وقوع حوادث، فإن البديل الأكثر أماناً بالنسبة لنا هو مجتمع من دون طاقة نووية». وقرار شركة «جيه- باور» باستئناف العمل في المفاعل الواقع في «أوما» جاء بعد أن أظهرت استطلاعات الرأي وجود دعم متزايد لحكومة الحزب الليبرالي الياباني المحبذ للاعتماد على الطاقة النووية وخصوصاً بعد أن حقق الحزب انتصاراً ساحقاً في انتخابات سبتمبر البرلمانية، ومن ثم عين «آبي» في منصب رئيس الوزراء. وفي الثامن والعشرين من فبراير الماضي، أدلى «آبي» بتصريح قال فيه إنه سيسعى للبدء مجدداً في العمل في المفاعلات القائمة بمجرد أن تطور البلاد «ثقافة أمان جديدة» تتضمن إجراءات أخرى منفذة من خلال هيئة تنظيمية مدعومة. ويمكن لحكومة اليابان الحالية -نظرياً على الأقل- إصدار أوامرها بضرورة إغلاق كافة منشآت الطاقة النووية بنهاية عقد الثلاثينيات من القرن الحالي على أقصى تقدير. وفي هذه الحالة سوف تعمل الطاقة النووية كجسر يقوم بتوفير الطاقة مع استمرار البلاد في العمل من أجل توفير موارد بديلة. كما يمكنها أيضاً تجديد التعهد الخاص بالتوقف التدريجي عن الاعتماد على الطاقة النووية الذي قدمته الوزارة السابقة، وذلك من خلال السماح للمفاعلات بالعمل لفترة أطول -ليس كإجراء لسد الحاجة مؤقتاً، وإنما كركيزة أساسية. وسيتطلب هذا بناء مفاعلات نووية، كما يتطلب -بحسب الخبراء- إيجاد مدن لديها الاستعداد لقبول إقامة مشاريع طاقة نووية على أراضيها وهو ما يمكن أن يمثل تحدياً في الحالتين. ولم يقل الحزب الليبرالي الديمقراطي شيئاً محدداً عن وجود مثل تلك الخطط طويلة الأمد. وحتى إذا ما قام الحزب بصياغة تلك الخطط ووضعها على الورق، فإنه قد يتبين له أنها غير ذات أهمية، إذا ما خرج الحزب من السلطة. بيد أن المحللين يشيرون إلى أن الحزب هو حزب التيار الرئيسي في البلاد، وأنه هو الذي أدار البلاد خلال معظم العقود الستة الماضية، وأنه يقوم في الوقت الراهن بتعزيز قبضته على السلطة خصوصاً بعد حصول «آبي» على نسبة تأييد بلغت 70 في المئة. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©