الثلاثاء 16 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

تحديات العمل الإغاثي في سوريا

11 مارس 2013 23:34
توم بيتر أنطاكيا - تركيا شكل احتجاز 21 من عناصر حفظ السلام التابعين للأمم المتحدة في مرتفعات الجولان خبراً سيئاً بالنسبة للسوريين التواقين إلى المساعدات الإنسانية، فعلى رغم أن عدداً من وكالات الإغاثة تقوم بعملها داخل سوريا لمساعدة الأهالي وتقديم الدعم الإنساني، إلا أن أغلب المنظمات الدولية تظل مترددة في الدخول إلى سوريا خوفاً من طبيعة الصراع والعنف غير المتوقع من الأطراف المتقاتلة. ولكن المخاوف من تداعيات الصراع لم تمنع المنظمات السورية المحلية التي تقدم الإغاثة للسكان من الإصرار على عملها وعدم الاكتراث بالأخطار المحدقة، إذ على رغم حصول حوادث مشابهة لما حدث في الجولان في مناطق سورية أخرى، إلا أنها تظل نادرة ولم ينتج عنها أي تهديد لأرواح العاملين في منظمات الإغاثة، بل التعاون الإيجابي هو ما وقع في كثير من الأحيان، حيث تمكن المشرفون على المساعدات من إقناع بعض تشكيلات الثوار بالإفراج عن المساعدات المحتجزة. وهذا الأمر عبر عنه يقظان الشيشكلي، مدير مؤسسة «مارام» التي تشرف على توزيع المساعدات في مخيم «أتماي» بشمال سوريا على الحدود مع تركيا، حيث يقول: «إلى حد اللحظة لم تواجهنا مشكلات مع الثوار في توزيع المساعدات، وإذا كان ما حصل في الجولان حالة منفردة فإن ذلك لا يشغلني كثيراً ولن يدفعني لوقف عملي الإنساني الذي يحتاجه السوريون». وأضاف الشيشكلي أن ما حدث في الجولان يبقى معزولاً عموماً بالنظر إلى طبيعة الجولان كمنطقة محتلة. وفي ردهم على عملية احتجاز موظفي الأمم المتحدة بالمنطقة أكد الثوار أنه لا يمكن اعتبارها احتجازاً، بل إنهم كانوا ضيوفاً، وقد حاول الثوار إقناع الحكومة بوقف القصف المدفعي الذي يتم انطلاقاً من قرية محاذية للجولان قبل تأمين إطلاق سراح المحتجزين وضمان عدم تعرضهم لأي أذى بسبب قذائف المدفعية التي يطلقها الجيش النظامي. ولكن على رغم نفي العاملين في مجال الإغاثة الإنسانية بسوريا تعرضهم لمضايقات من التشكيلات العسكرية المختلفة المناوئة للنظام تظل حالة عدم الاستقرار وانتفاء القانون مزعجة لمهام عمال الإغاثة، بصفة عامة، فقبل شهر تقريباً احتجز الجيش السوري الحر إمدادات طبية كان الناشط «غسان ياسين» يحاول إيصالها إلى بعض المناطق المتضررة، ولم يتم الإفراج عن الإمدادات إلا بعد ثلاثة أيام من المفاوضات. وفي هذا السياق يقول غسان إنه «منذ ذلك الوقت ونحن نعتمد على عناصر الجيش السوري الحر للحماية، فمع التنسيق المستمر بين منظمات الإغاثة العاملة في سوريا والجيش السوري الحر لن تتكرر مثل هذه الحوادث». ويؤكد النشطاء العاملون في المجال الإنساني، ولاسيما في الشمال السوري بمناطق إدلب وحلب حيث تتعاظم الاحتياجات الإنسانية للسوريين وينتشر عدد من مخيمات اللاجئين، أن حوادث احتجاز بعض الإمدادات من قبل الثوار قليلة ولا تتجاوز مرة كل شهر. وفي أغلب الأحيان، يقول هؤلاء النشطاء، يتم الإفراج عن الإمدادات للوصول إلى المستفيدين منها، وهو ما يشدد عليه باسل حفار، العضو باللجنة المركزية لمساعدة حلب التي تجمع المال لتقديم العون للسوريين، الذي يقول: «نادراً ما يحدث أن تحتجز إمدادات المنظمات الإنسانية، وشخصياً لم أسمع عن هذا الأمر سوى مرتين، وحتى عندما تجري هذه السلوكات فذلك بسبب النقص الكبير في المواد الطبية ما يدفع بعض الجماعات للخروج عن السلوك اللائق». وعلى غرار بعض الممارسات الخاطئة التي تجري داخل المناطق التي يسيطر عليها الثوار يتم تحميل المسؤولية لبعض المحكوم عليهم وسجناء الحق العام السابقين الذين فتح النظام أبواب السجون عنهم ليعودوا إلى الممارسات الإجرامية، والهدف حسب الثوار هو زرع البلبلة في المناطق الخارجة عن سيطرة جيش النظام وإخافة الناس من عدم الاستقرار. وقد أكدت هذا الطرح «نور الحوري» التي تعمل بإحدى المنظمات الإنسانية بحلب قائلة «إن النظام ذهب منذ الأيام الأولى للثورة إلى ترهيب السكان من خلال التوعد بأن مناطقهم لن تكون آمنة وبأنه ستعمها العنف والفوضى، فالإضافة إلى عناصر الشبيحة الموالية له التي أطلقها على السكان لإرعابهم وتشجيعهم على عدم الخروج عنه، كان الإيعاز أيضاً واضحاً لبعض الجماعات الإجرامية التي أخرجت من السجون خصيصاً لهذا الغرض». والمشكلة -تقول الحوري- أن الأمر لا يتعلق بكمية الإمدادات التي يتم احتجازها ولا بالأموال التي تنهب، بل في التأثير السيئ على الأهالي، حيث «إن المجرمين يسرقون مع الأسف قوت سوريين آخرين لا علاقة لهم بالثورة عدا أنهم يوجدون في المناطق التي يسيطر عليها الثوار». ميدانياً قال ناشطون من المعارضة إن عناصر الثوار شنوا هجوماً مضاداً ضد حصار حكومي لمواقعهم في مدينة حمص الاستراتيجية على رغم تعرضها لقصف جوي عنيف يوم الأحد الماضي، حيث ظهرت حمص التي يسكنها خليط من السنة والطائفة العلوية، كساحة قتال رئيسية في الانتفاضة الدائرة منذ عامين ضد نظام الأسد، والتي قالت الأمم المتحدة إنها أودت بحياة نحو 70 ألف شخص. وتكتسي حمص أهميتها الكبيرة من كونها تقع على بعد 140 كيلومتراً شمالي دمشق في وسط سوريا على طريق حيوي يربط بين قواعد الجيش على الساحل، حيث تعيش نسبة كبيرة من أبناء الأقلية العلوية التي ينتمي إليها الأسد، وبين القوات الحكومية في العاصمة دمشق، وكان مقاتلو الجيش السوري الحر المتمركزون في محافظتي حماة وإدلب قد تقدموا تجاه حمص مطلع الأسبوع الجاري قادمين من الشمال بينما هاجمت كتائب من ريف حمص مواقع حكومية في حي بابا عمرو الغربي. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©