السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

قسمة مياه النيل

31 يوليو 2009 23:08
في مدينة الإسكندرية، وعلى مقربة من حيث يصب أطول أنهار العالم، وهو نهر النيل العظيم، انعقد اجتماع مصيري لممثلي بلدان حوض النيل العشرة، بعد خلافات حادة شهدها الاجتماع الأخير لهذه المجموعة في «كينشاسا» عاصمة الكونجو الديمقراطي، حيث عارضت مصر بعض بنود مسودة المشروع الإطاري للمجموعة، وفضّل السودان أن ينسحب من ذلك الاجتماع بحجة أن وزيره للري كان مشغولا بقضايا أخرى. وفي لقاء الإسكندرية حاولت مصر احتواء هذا الخلاف للوصول إلى تفاهم يرضي الأقطار العشرة ويجنبها خطر الصدام على الماء الذي قال الله سبحانه وتعالى عنه « وجعلنا من الماء كل شيء حي». وتنقسم دول حوض النيل إلى مجموعتين؛ واحدة تضم ثماني دول هي دول المنابع، وأخرى تضم دولتين هما مصر والسودان، أولاهما هي أرض المصب، وثانيتهما تسمى أرض المرور. والخلاف بين المجموعتين قديم، إذ برز بعد أن نالت أغلبية دول المنابع استقلالها من الاستعمار الأوروبي وبدأت وما زالت تقول إنها مظلومة في قسمة المياه وترفض ما تم الاتفاق عليه بين مصر والسودان لاقتسام مياه النهر محسوبة عند السد العالي في جنوب مصر. اتفاق القاهرة والخرطوم تم عبر اتفاقيتين: الأولى في عام 1929 حيث كان الاستعمار البريطاني صاحب الكلمة الأولى في البلدين. أما الاتفاقية الثانية فكانت في عام 1959 بعد أن نال السودان استقلاله. وتحدد الاتفاقية الأخيرة نصيب مصر بـ55 مليار متر مكعب، ونصيب السودان بـ18 مليون متر مكعب. والآن تقف مصر بكل قوة للحيلولة دون المساس بنصيبها الحالي، لأن النيل هو موردها الوحيد من المياه إذ يصل اعتمادها عليه إلى أكثر من 90% من المياه التي لا بد منها للزراعة والشرب وغير ذلك من الاستخدامات الحيوية. أما السودان فوضعه أفضل من مصر لأن اعتماده على مياه النيل يقدر بنحو 15% فقط من حاجته الحالية. ولهذا نجد أن السودان ظل طوال خمسين سنة الماضية، بعد توقيع اتفاقية عام 1959، يتنازل عن بعض من نصيبه لمصر في شكل سلف يتم التفاهم حولها مستقبلا. وحقيقة الأمر أن اتفاقية عام 1959 لم تشتمل على أي دليل لتعاون مستقبلي أو رؤية تنموية مستقبلية تضم دول المنابع، لكن الحقيقة كذلك أن دول المنابع الثماني غنية بمياه الأمطار، إضافة إلي أنها لم تنم ولم تطور مصادر المياه المتوفرة لديها. وكمثال على ذلك نذكر أن هناك كميات هائلة من المياه التي تذهب هدراً في نهر الكونجو. ويقول بعض خبراء المياه إن من الممكن إقامة مشاريع في بعض دول المنبع، يصح أن تضيف لإيراد النيل الأبيض 84 مليار متر مكعب من إيراده الحالي. والمعروف أن إيراد النيل الأبيض، والذي يتشكل منه نهر النيل، يقدر بما يتراوح بين 10 و12 مليار متر مكعب. وهنا من المفيد أن نذكر أن مياه نهر النيل بعد التقاء النهرين (الأبيض والأزرق) في الخرطوم هي 85% تقريباً من إثيوبيا والباقي من بحيرة فيكتوريا وبلدان الحوض المتصلة بها. إن تحرك دول المنابع ورفضها للاتفاقية الموقعة بين السودان ومصر، قد تكون فيه بعض المبررات رغم ضعفها، لكن ما يمكن قراءته بين السطور وخلفها هو أن النفوذ الإسرائيلي الواضح في أغلبية دول المنابع الثماني يشير إلى قدر من التحريض الصهيوني لحكومات هذه البلدان... والهدف هو التضييق على بلدين عربيين هما مصر والسودان وزرع الفتنة بينهما وبين تلك الدول الإفريقية، مما يمكن أن يؤدي للاحتراب. وبعد، فإن الهدف الذي تسعى إليه مجموعة حوض النيل، بأعضائها العشرة، هو الوصول إلى اتفاق لشراكة مستدامة وإدارة مياه النيل بصورة ملائمة، رغم أن اتفاقية السودان ومصر لعام 1959 لم تخرج عن نصوص القانون الدولي التي تنظم العلاقات بين الدول المشتركة في نهر واحد. كذلك لم تخرج هذه الاتفاقية عن نصوص اتفاقية هلسنكي التي تقول إن استخدام الدولة التي يمر عبرها النهر ينبغي أن لا يضر بالشركاء الآخرين في النهر أو المجرى المائي المحدد. محجوب عثمان
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©